إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 يونيو 2014

278 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه المبحث الرابع : الخوارج في عهد معاوية:


278

عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه

المبحث الرابع : الخوارج في عهد معاوية:

عرف الخوارج بهذا الإسم بعد التحكيم في معركة صفين، وكانوا قبلها من أشد أنصار علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحضروا مع موقعة الجمل وصفين، ولكنهم أنشقوا عليه بعدها، ورفضوا التحكيم، وحاول علي إقناعهم وردهم إلى الجماعة ولكنهم تشبثوا بموقفهم، وبالغوا في شقاقهم وتطرفوا، حتى عاثوا في الأرض فساداً، مما جعل علياً يقاتلهم ويقض على معظمهم في معركة النهروان، وهم لا يرضون عن تسميتهم خوارج، لأن هذه التسمية أطلقها عليهم خصومهم لخروجهم على الإمام، وعلى جماعة المسلمين، أما هم فيسمون أنفسهم الشراة، لأنهم باعوا أنفسهم لله تعالى، على أن لهم الجنة يبشرون بذلك إلى قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ...)) (التوبة ، الآية : 111). ويسمون المحكمة، لأنهم قالوا: لا حكم إلا لله، وكان يطلق عليهم أيضاً الحرورية، نسبة إلى قرية حروراء التي انحازوا إليها بظاهر الكوفة لأول خروجهم على علي ، ولما كان سبب خروجهم هو قبول علي التحكيم بينه وبين معاوية رضي الله عنهما، فقد صاغوا لأنفسهم نظرية في الخلافة تقوم على مبدأين عامين يجمعان بين فرقهم المتباينة ، المبدأ الأول أن الخلافة ليست وقفاً على قريش كما يذهب أهل السنة ، بل تجوز لكل مسلم يكون أهلاً لها حتى ولو كان عبداً حبشياً، ويجب أن يكون الخليفة باختيار حر من المسلمين، وأنه إذا تم اختياره لا يصح له أن يتنازل عنها، أو يقبل التحكيم، وفي ضوء هذا المبدأ اعترفوا بخلافة أبي بكر وعمر، أما عثمان فقد اعترفوا بخلافته في شطرها الأول، ثم تبرؤوا منه وكفروه في بقية عهده، وأما علي فقد اعترفوا بخلافته من بدايتها إلى أن قبل التحكيم، وبعد قبوله التحكيم لم يعترفوا بخلافته بل كفروه ، وكذلك لم يعترفوا بخلافة معاوية وبني أمية ، وكفروهم، كما كفروا عائشة وطلحة والزبير وعمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري. وعلى الجملة كفروا كل من لم ير رأيهم ويذهب مذهبهم من المسلمين، واعتبروا دارهم دار كفر، وأباحوا أموالهم ودماءهم، حتى قتل أطفالهم . المبدأ الثاني الذي قامت عليه نظرية الخوارج، هو وجوب الخروج على الإمام الجائر ، وهنا وجوه الخطورة في حركتهم كلها، فلو اقتصروا على الخلاف النظري في الرأي، أو الجدال بالحجة والبرهان، لكان الأمر أهون، ولكنهم شهروا السلاح في وجه مخالفيهم، بدءاً من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحاولوا فرض آرائهم ومذهبهم بالقوة، وكما تطرفوا إلى أبعد حد في الرأي والمذهب، فقد تطرفوا في اللجوء إلى القوة والعنف، وكبدوا الأمة وأنفسهم خسائر فادحة، وعكروا صفو الدولة الأموية، وكانوا من أشد مناوئيها ، وقد تحدثت عن الخوارج بنوع من التفصيل في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب شخصيته وعصره ، ذكرنا قبل قليل أن خطورة حركة الخوارج تكمن في لجوئهم إلى الثورة والعنف، ولشدة إيمانهم بمبادئهم فقد ضحوا في سبيلها بأرواحهم وأبدوا كثيراً من ضروب الشجاعة والإقدام في حروبهم مع الدولة الأموية، وكانوا أشبه بالفرق الانتحارية، فكثيراً ما كانت أعداد قليلة منهم تهزم جيوشاً جرارة للدولة، ولو أن هذه الشجاعة والإقدام والتضحية اتجهت اتجاهاً سليماً، ووحد الخوارج جهودهم مع جهود الدولة في محاربة أعداء الإسلام لربما تغير وجه التاريخ الإنساني كله بشكل جذري، والحقيقة أنهم لم يكونوا طلاب دنيا، ولم يجروا وراء المادة، وإنما أخلصوا للفكرة التي آمنوا بها وملكت عليهم جوانب حياتهم ، وأفنوا أنفسهم، وكلفوا الأمة الكثير من الجهد والوقت والمال والأرواح، وإذا كان الخوارج قد خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكفروه وحاربوه، فسيكون موقفهم من الدولة الأموية أعنف وبغضهم لها أشد، فقد شهروا السلاح في وجهها من أول لحظة فثاروا على معاوية رضي الله عنه قبل أن يغادر الكوفة عام 41هـ

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق