إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 يونيو 2014

251 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه المبحث الثاني: مباشرة معاوية للأمور بنفسه وحرصه على توطين الأمن في خلافته: ثانياً : حرصه على توطين الأمن في خلافته:


251

عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل الثالث : السياسة الداخلية لمعاوية رضي الله عنه

المبحث الثاني: مباشرة معاوية للأمور بنفسه وحرصه على توطين الأمن في خلافته:

ثانياً : حرصه على توطين الأمن في خلافته:

ومن القواعد التي بنى عليها معاوية سياسته الداخلية توطيد الأمن في ربوع العالم الإسلامي وقد اتخذ معاوية عدة وسائل لتحقيق هذا الهدف.

8 ـ اتخاذ سياسة إعلامية للإشادة به وبخلافته وجعل الناس يميلون إليهم:

وكان معاوية بن أبي سفيان يقول: أحب الناس إلي أشدهم تحبيباً لي إلى الناس ، وأتبعه بعد ذلك الخلفاء الأمويون باستمالة عشرات الشعراء وأغدقوا عليهم الأموال، فأشادوا بهم وبحقهم في الخلافة وصلاحهم لها ووجوب طاعتهم ونصرتهم نظراً لأن الشعر كان أهم وسيلة إعلامية في ذلك العصر ، ومن الأشعار التي قيلت في هذا الاتجاه ما قاله الأخطل:
            تَمَّت جدودهم والله فضلهم
                        وجدُّ قوم سواهم خامل نكد
            وأنتم أهل بيت لا يُوازنُهم
                        بيت إذا عُدّتِ الأحساب والعدد

وقد إهتمّ معاوية بفن الدعاية والإعلام، وأوكله إلى عدد من الرجال يهمهم أمره ويؤيدونه، فكان يكثر أعطيات الشعراء وكذلك شيوخ القبائل، لكسبهم في صفه، ويعطي مجالاً واسعاً لولاته لكي يحققوا بعض المكاسب السياسية والإعلامية والأمنية، فقد كتب زياد والي البصرة في عهد معاوية خمسمائة من مشايخها، وأعيانها في صحابته، ورزقهم ما بين الثلاثمائة إلى الخمسمائة ، فقال فيه حارثة بن بدر الغُدانيّ:
            ألا مـن مبلغ عني زياداً
                        فنعم أخو الخليفة والأمير
            فأنت إمام معدلةٍ وقصد
                        وحزم حين تحضرك الأمور
            أخوك خليفة الله بن حرب
                        وأنت وزيرة نعم الوزير

وكان معاوية رضي الله عنه يحرص على امتصاص غضب الشعراء بحلمه وعفوه، فعندها هجا يزيد بن مفرِّغ الحميري بني زياد، عندما كان مع عباد بن زياد بسجستان، فاشتغل عنه بحرب الترك، فاستبطأه، فأصاب الجند مع عباد ضيق في أعلاف دوابهم فقال ابن مفرغ:
            ألا ليت اللحى عادت حشيشاً
                        فنعلفها خيول المسلمين

وكان عبّاد بن زياد عظيم اللحية، فأنهِيَ شعره إلى عبّاد وقيل: ما أراد غيرك، فطلبه عباد، فهرب منه، وهجاه بقصائد كثيرة، فكان مما هجاه به قوله:
            إذا أودى معاوية بن حرب
                        فسبِّر شعْبَ قعبك بانصداع
            فأشهد أن أمك لم تباشر
                        أبا سفيان واضـعه القنـاع
            ولكن أمراً فيـه لبـس
                        على وجـل شديد وارتياعٍ
            وقوله:
            ألا أبلغ معاوية بـن حرب
                        مغلغلة مـن الرجل اليماني
            أتغضب أن يقال أبوك عَفُّ
                        وترضى أن يقال أبوك زان
            فأشهد أن رحمك من زياد
                        كرحم الفيل من ولد الأتان

ولما هجا ابن المفرِّغ عبَّاداً فارقه مقبلاً إلى البصرة، وعبيد الله يومئذ وافد على معاوية، فكتب عباد إلى عبيد الله ببعض ما هجاه به، فلما قرأ عبيد الله الشعر دخل على معاوية، فأنشده إياه، واستأذنه في قتل ابن مفرغ، فأبى عليه أن يقتله، وقال: أدِّبه ولا تبلغ به القتل ... ووقع ابن مفرِّغ بين يدي عبيد الله.. فأمر به فسقي دواء، ثم حمل على حمار عليه إكاف فجعل يطاف به وهو يسلح في ثيابه .
وقال ابن مفرِّغ لعبيد الله:
            يُغسِل الماء ما صنعت وقولي
                        راسخ منك في العظام البوالي
ثم حمله عبيد الله إلى عباد بسجستان، فكلمت اليمانية فيه بالشام معاوية، فأرسل رسولاً إلى عباد، فحمل، ابن مفرغ من عنده حتى قدم على معاوية فقال في طريقه:
            عَدَس مالعبّـاد عليك إمــارة
                        نجوتِ وهـذا تحملين طليق
            لعمري لقد نجاك من هوّة الرّدى
                        إمـام وحبل للأنام وَثِيـق
            سأشكر ما أوتيت من حسن نعمة
                        ومثلي بشكر المنعمين حقيق

فلما دخل على معاوية بكى، وقال: ركب مني ما لم يركب من مسلم على غير حدث ولا جريرة... وبعد حوار مع معاوية قال له معاوية اذهب فقد عفونا لك عن جرمك، أما لو إيانا تعامل لم يكن مما كان شيء، فانطلق وفي أي أرض شئت فانزل. فانزل الموصل، ثم إنه ارتاح إلى البصرة، فقدمها، ودخل على عبيد الله فآمنه . فقد كان معاوية رضي الله عنه يحرص على كسب الشعراء لصفه، والتحبب إليهم وإكرامهم وعدم محاولة الإساءة إليهم، فقد كانوا أقرب الشبه بالفضائيات في الوقت الحاضر.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق