إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 يونيو 2014

1494 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل التاسع : عهد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز: المبحث الثامن: الفقه الإداري عند عمر بن عبد العزيز وأيامه الأخيرة ووفاته رحمه الله. عاشراً: مبدأ تقسيم العمل في إدارة عمر بن عبد العزيز: من خصائص السنن الإلهية:


1494

 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل التاسع : عهد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز:

المبحث الثامن: الفقه الإداري عند عمر بن عبد العزيز وأيامه الأخيرة ووفاته رحمه الله.

عاشراً: مبدأ تقسيم العمل في إدارة عمر بن عبد العزيز:

من خصائص السنن الإلهية:

وللحكم بما أنزل الله آثار دنيوية وأخرى أخروية أما الآثار الدنيوية التي ظهرت في دولة عمر بن عبد العزيز فهي:

7 ـ    الهداية والتثبيت:

جاء عن عمر بن عبد العزيز في خطابه الذي أرسل ليقرأ على الحجاج في موسم الحج: . .. ولولا أن أشغلكم عن مناسككم لرسمت لكم أموراً من الحق أحيا ها الله لكم، وأموراً من الباطل أماتها الله عنكم، وكان الله هو المتوحد بذلك فلا تحمدوا غيره، فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري والسلام عليكم . ولاشك أن عمر بن عبد العزيز حرص على تحكيم شرع الله في دولته وبذلك منحه الله نعمة عظيمة ألا وهي الهداية والتثبيت على الحق، قال تعالى: ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)) (النساء، الآية: 65). ثم قال سبحانه وتعالى بعدها: ((وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا)) (النساء، الآيات:66 ، 67 ، 68) والأمر الذي وعظوا به ووعدوا الخير لا جله: هو تحكيم الشريعة والإنقياد للرسول (صلى الله عليه وسلم)، فلو أنهم إمتثلوا لما أمروا لثبت الله أقدامهم على الحق فلا يضطربون في دينهم، ولآتاهم الهداية التي لا عوج فيها بحيث توصلهم إلى الأجر العظيم .

إن الهداية والثبات على الأمر، هبة يهبها الله لمن تمخض قلبه لا مره وانقادت جوارحه لحكمه .

إن خلافة عمر بن عبد العزيز حجة تاريخية على من لا يزال يردد ترديد الببغاء للكلمات والأصوات القائلة: إن الدولة التي تقوم على الأحكام الإسلامية والشريعة عرضة للمشاكل والأزمات وعرضة للإنهيار في كل ساعة، وأنها ليست إلا حلماً من الأحلام ولا يزال التاريخ يتحدى هؤلاء ويقول لهم : ((قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) (البقرة، الآية: 111).
ومما أدهشني في دراستي التاريخية تواصل الأجيال الإسلامية فيما بينها عبر حلقات متماسكة تؤثر بعضها في بعض فالسلطان نور الدين زنكي المتوفي (568هـ) كتب له الشيخ العلامة أبو حفص معين الدين عمر بن محمد بن خضر الإربلي سيرة عمر بن عبد العزيز لكي يسير نور الدين على منهاجها ولقد آتت معالم الإصلاح والتجديد الراشدي في عهد عمر بن عبد العزيز ثمارها في الدولة الزنكية عندما وجدت العالم الكبير الذي رسم ملامح المشروع الإصلاحي وهو الشيخ أبو حفص معين الدين، وأقتنع القائد العسكري والزعيم السياسي بسلامة المنهج وهو نور الدين زنكي، فقد قال: أبو حفص في مقدمة كتابه ـ عن عمر بن عبد العزيز وتقديمه ذلك الكتاب لنور الدين:.. علماً منه أن الإقتداء عن سلف الفضلاء والعقلاء يكمل الأجر ويبقي الذكر، وإتباع سنن المهديين الراشدين يصلح السريرة ويحسن السيرة، وأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه (صلى الله عليه وسلم) بالإقتداء عن سلف من الأنبياء فقال عز من قائل: ((أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ)) (الأنعام، الآية: 90)، وقال تعالى ((وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)) (هود، الآية: 120). فلذلك إشتد حرصه ـ أدام الله  سعادته ـ على جمع السير الصالحة والآثار الواضحة، فحينئذ رأيت حقاً علي بذل الوسع في مساعدته وإستنفاذ القوة في معاضدته بحكم صدق الولاء وأكيد الإخاء فصرفت وجه همتي إلى جمع سيرة السعيد الرشيد عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ والتجأت إلى الله الكريم جل أسمه أن يحسن معونتي ويُيسِّر ما صرفت إليه عزيمتي، فحين شرح الله صدري لذلك ولاحت أمارات المعونة، بادرت إلى جمع هذه السيرة برسم خزانته المعمورة معاونة على البر والتقوى . لقد قدم هذا الشيخ الجليل منهاجاً علميا  لنور الدين زنكي من خلال سيرة عمر بن عبد العزيز، فبنى دولة العقيدة، وحكم الشريعة وأقام العدل ورفع الضرائب والمكوس عن الأمة، وعمل على إحياء السنة وقمع البدعة وعمق هوية الأمة وفجر روح الجهاد فيها ونشر العلم وساهم في تحقيق الازدهار والرخاء وكان نسيجاً وحده في زهده وورعه وعبادته وصدقه وإخلاصه ومن أراد التوسع فليراجع الجهاد والتجديد في القرن السادس الهجري، عهد نور الدين وصلاح الدين لمحمد حامد الناصر.

إن آثار تحكيم شرع الله في الشعوب التي نفذت أوامر الله ونواهيه ظاهرة بينة لدارس التاريخ، وإن تلك الآثار الطيبة التي أصابت دولة عمر بن عبد العزيز، ودولة نور الدين زنكي ودولة يوسف بن تاشفين ودولة محمد الفاتح لهي سنن من سنن الله الجارية والماضية والتي لا  تتبدل ولا تتغير، فأي قيادة مسلمة تسعى لهذا المطلب الجليل والعمل العظيم مخلفة لله في قصدها مستوعبة لسنن الله في الأرض فإنها تصل إليه ولو بعد حين وترى آثار ذلك التحكيم على أفرادها ومجتمعاتها ودولها وحكامها. إن الغرض من الأبحاث التاريخية الإسلامية الاستفادة الجادة من أولئك الذين سبقونا بالإيمان في جهادهم وعلمهم وتربيتهم وسعيهم الدؤوب لتحكيم شرع الله وأخذهم بسنن الله وفقهه ومراعاة التدرج والمرحلية والارتقاء بالشعوب نحو الكمالات الإسلامية المنشودة، إن التوفيقات الربانية العظيمة في تاريخ أمتنا يجريها الله تعالى على يدي من أخلص لربه ودينه وأقام شرعه وقصد رضاه وجعله فوق كل إعتبار.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق