إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 يونيو 2014

1478 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة الفصل التاسع : عهد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز: المبحث الثامن: الفقه الإداري عند عمر بن عبد العزيز وأيامه الأخيرة ووفاته رحمه الله. تاسعاً: أهمية الوقت في إدارة عمر بن عبد العزيز:


1478

 عمر بن عبد العزيز ( معالم التجديد والاصلاح الراشدى ) على منهاج النبوة

الفصل التاسع : عهد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز:

المبحث الثامن: الفقه الإداري عند عمر بن عبد العزيز وأيامه الأخيرة ووفاته رحمه الله.

تاسعاً: أهمية الوقت في إدارة عمر بن عبد العزيز:

كان عمر بن عبد العزيز يقضي جل وقته، أن لم يكن كله في تسيير أمور الدولة أوفي عمل فيه مصلحة الأمة أوفي أداء حق الله من العبادة، فكان يقضي ليلته في الصلاة والمناجاة وكان لا يكلم أحداً بعد أن يوتر ، وفي إطار إغتنام الوقت نسب إلى عمر قوله: إن الليل والنهار يعملان فيك ـ أي في الإنسان ـ فاعمل فيهما ، وكان يغتنم الوقت في الأعمال الصالحة وفي سرعة التوجيه والبت السريع في الأمور وإتخاذ القرارت الإدارية، وتلافي كل من شأنه تأخير أو عمل أو مصلحة، فإن أهم الأدلة على ذلك ما كان منه من سرعة إجراء لإصدار ثلاثة قرارات، تحدث عنها ابن عبد الحكم ورواها قائلاً: فلما دفن سليمان ـ وكان دفنه عقب صلاة المغرب ـ دعا عمر بدواة وقرطاس، فكتب ثلاثة كتب، لم يسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن يؤخرها، فأمضاها من فوره، فأخذ الناس في كتاباته إياها هنالك في همزه يقولون: ما هذه العجلة ؟ أما كان يصبر إلى أن يرجع إلى منزله ؟ هذا حب السلطان. هذا الذي يكره مادخل فيه، ولم يكن بعمر عجلة ولا محبة لما صار إليه، ولكنه حاسب نفسه ورأى أن تأخير ذلك لا يسعه، وكان الكتاب الأول عن أمر لا  يمسه هو شخصيا  في شئ، بقدر ما يمس المسلمين المجاهدين في القسطنطينية بعد أن أصابهم من الجوع والضنك، وأشتد بهم الأمر أمام عدوهم فأمر برجوع مسلمة بن عبد الملك من القسطنطينية ورفع الحصار فقد رأى عمر أنه لا  يسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن يلبي شيئاً من أمور المسلمين، ثم يؤخر قفلهم ساعة، فذلك الذي حمله على تعجيل الكتاب ، حقاً إن الحال الذي كان عليه مجاهدوا القسطنطينية لا يحتمل التأخير في قرار عودتهم على الإطلاق فكان الإجراء المناسب في الوقت المناسب  , وكتب بعزل أسامة بن زيد التنوخي وكان على خراج مصر فعزله لظلمه وغشمه وتسلطه، كما كتب بعزل يزيد بن أبي مسلم عن إفريقية لظلمه ، وكان عمر يهتم بالوقت من حيث إختيار الوقت المناسب لإعلان التوجيهات أو القرارات الإدارية وسهولة إبلاغها، فكان حين يستخدم البلاغة لا بلاغ الناس يراعي الوقت الأكثر ملائمة سواء من حيث كثرة المجتمعين أم من حيث قدسية المكان وحرمته ،وبالتالي زيادة الإهتمام بما يكون فيه ،ألا هو الموسم السنوي موسم الحج ليخطب في المسلمين أو يكتب إلى المسلمين في يوم حجهم الأكبر بما يراه على قدر كبير من الأهمية من أمورهم، إذ يتحقق بإختيار ذلك الوقت المناسب أمرين، أحدهما: نشر التوجيه أو القرار أو الإجراء في أكبر عدد من المسلمين، من كل بلد من بلدانهم، والثاني سرعة الإنتشار الذي يحققها إعلان القرار أو التوجيه في هذا الجمع في ذلك الوقت . ومن ذلك كتابه إلى أهل الموسم الذي جاء فيه: أما بعد: فإني أشهد الله وأبرأ إليه في الشهر الحرام والبلد الحرام، ويوم الحج الأكبر إني برئ من ظلم من ظلمكم، وعدوان من إعتدى عليكم، أن أكون أمرت بذلك أو رضيته أو تعمدته إلا أن يكون وهماً مني، أو أمراً خفي علي لم أتعهده وأرجو أن يكون ذلك موضوعاً عني مغفوراً لي إذا علم مني الحرص والإجتهاد، ألا وإنه لا  إذن على مظلوم دوني وأنا معول كل مظلوم، ألا وأي عامل من عمالي رغب عن الحق ولم يعمل بالكتاب والسنة فلا طاعة له عليكم، وقد صيرت أمره إليكم حتى يراجع الحق وهو ذميم، ألا وإنه لا دولة بين أغنيائكم، ولا أثرة على فقرائكم في شئ من فيئكم، ألا وأيما وارد ورد في أمر يصلح الله به خاصاً أو عاماً من هذا الدين فله مابين مائتي دينار إلى ثلاث مائة دينار على قدر ما نوى من الحسنة وتجشم من المشقة ،رحم الله إمرءاً لم يتعاظمه سفر يجئ الله به حقاً لمن وراءه، ولولا أن أشغلكم عن مناسككم لرسمت لكم أموراً من الحق أحياها الله لكم وأموراً من الباطل أماتها الله عنكم، وكان الله هو المتوحد بذلك فلا تحمدوا غيره، فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري والسلام . فهذا كتاب عظيم من أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز في محاربة الظلم وإقرار العدل فهو قد سعى جاهداً في رد المظالم التي عرف عنها، ولكنه يتوقع أن هناك مظالم لم تصل إليه، فكتب هذا الكتاب وأعلنه في موسم الحج الذي يضم وفوداً من أغلب بلاد المسلمين، لتبرأ ذمته من مظالم خفية لم تبلغه، وأعلن في هذا الكتاب براءته من الولاة الذين يقع منهم شيء من الظلم، وربط طاعتهم بطاعة الله تعالى، فهو بهذا يجعل كل فرد من أفراد الأمة رقيباً على أمير بلده، يسعى في تثبيته إذا استقام وفي تقويمه إذا أنحرف... ومن أروع ما جاء في هذا الكتاب تخصيص مبلغ من المال لمن يسعى في إصلاح أمور الأمة، وفي ذلك ضمان النفقة لمن أراد أن يسافر من أجل ذلك حتى لا يفقد به التفكر في تامين تلك النفقة، ثم يختم كتابه بشكر الله جلا وعلا على ما وفقه إليه من الإصلاح الذي تحقق على يديه، وهذا مثل من الإخلاص القوي لله تعالى بحيث يتلاشى حظ النفس ولا يكون إلا لطف الله جل وعلا وتوفيقه ومعونته . فهذا دليل على تطبيق عمر لمبدأ تحري ومراعاة أهمية الوقت، حيث لم يقتصر عمر في إدارته للوقت على أغتنام الوقت وإدراك أهميته، بل كانت إدارة كاملة لكل  مقتضيا ت إغتنام الوقت وكل ما يتعلق به من ضرورة سرعة إتخاذ القرارات والتوجيه في الأوقات المناسبة والعمل على تلافي التأخير وأسبابه ودوافعه .

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق