إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 25 يونيو 2014

1-6 تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الأول - العصر الراشدي عمر بن الخطاب -نفسيته وشيء من سيرته وأقواله:


1-6

تاريخ العالم الإسلامي - الفصل الأول - العصر الراشدي

عمر بن الخطاب -نفسيته وشيء من سيرته وأقواله:

كان عمر يحب رعيته حباً جماً ويحب ما يصلحها ويكره ما يفسدها، ساسها بسياسة تقربه إلى القلوب فكان عفيفاً عن أموالهم عادلاً بينهم مسوياً بين الناس لم يكن قوي يطمع أن يأخذ مما له ولا ضعيف يخاف أن يضيع منه ماله، كان حكيماً يضع الشيء في موضعه يشتد حيناً حسبما توحي إليه الأحوال التي هو فيها عرف العرب معرفة تامة وعرف ما يصلح أنفسها، فسيرها في الطريق الذي لا تألم فيه، فصيرها أمة حرة لا تستطيع أن تنظر إلى خسف يلحقها من أي إنسان، كان يتفانى في مصلحة رعيته ولا يرى لنفسه من الحقوق إلا كما لادناهم مع تحمله مشقات الحياة وأتعابها، العربي تستدعي سياسته حكمة عالية فإنك إن اشتددت عليه أذللته فهلك وإن لنت معه ليكون رجلاً نافعاً لم يكن هناك حد لجفائه ولا لحريته، فهو يحتاج إلى عقل كبير يدبره حتى لا تهلكه الشدة ولا يطغيه اللين، وذلك العقل الذي نتوخاه كان في رأس عمر.

روى أسلم قال: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم حتى إذا كنا بصرار إذا نار تؤرث فقال: يا أسلم إني أرى هؤلاء ركباً قصر بهم الليل والبرد انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم فإذا امرأة معها صبيان لها وقدر منصوبة على النار وصبيانها يتضاغون، فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء وكره أن يقول يا أصحاب النار، قالت (المرأة) وعليك السلام، فقال: أأدنو؟ قالت: أدن بخير أو دع، فقال: ما بالكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد، قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: الجوع، قال: وأي شيء في هذا القدر؟ قالت: ماء أسكتهم به حتى يناموا ألله بيننا وبين عمر، فقال: أي رحمك الله ما يدري عمر بكم؟ قالت: يتولى أمورنا ويغفل عنا! فأقبل عليَّ فقال: انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق فأخرج عدلاً فيه كبة شحم، فقال: احمله عليَّ، قلت: أنا أحمله عنك، قال: احمله عليَّ مرتين أو ثلاثاً كل ذلك أقول أنا أحمله عنك، فقال في آخر ذلك أنت تحمل عني وزري يوم القيامة لا أم لك؟ فحملته عليه فانطلق وانطلقت معه نهرول حتى انتهينا إليها فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئاً فجعل يقول: ذُري عليَّ وأنا أحرك لكِ وجعل ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة، فجعلت أنظر إلى الدخان من خلل لحيته حتى أنضج وأدم القدر وقال: ابغني شيئاً فأتته بصحفة فأفرغها فيها، ثم جعل يقول: أطعميهم وأنا أسطح لك فلم يزل حتى شبعوا، ثم خلى فضل ذلك عندها، وقام وقمت معه فجعلت تقول: جزاك الله خيراً أنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين فيقول قولي خيراً إنك إذا جئتِ أمير المؤمنين وجدتني هناك إن شاء الله ثم تنحى ناحية ثم استقبلها وربض مربض السبع فجعلت أقول إن لك شأناً غير هذا وهو لا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون ويضحكون، ثم ناموا وهدؤوا فقام وهو يحمد الله، ثم أقبل عليَّ فقال يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما رأيت منهم[1].

كان عمر قد أخذ نفسه وأهله بحال من التقشف وخشونة العيش حتى ساوى البائس الفقير الذي إنما يعيش بما يتبلغ به مما يمسك الرمق ويدفع الجوع، لم تشره نفسه إلى رقيق العيش ونعيم الحياة الدنيا، ولم يهم بمكاثرة الناس في المال مرتعاً وبيلاً على من رعاه فقتر على نفسه تقتيراً، فكان لا يسوغ أحداً من أهل بيته أن ينتفع بشيء ليس له فيه حق، فكانت عفته هذه تزيده حباً واحتراماً في قلوب المسلمين.

قال طلحة بن عبيد الله ما كان عمر بن الخطاب بأولنا إسلاماً ولا أقدمنا هجرة ولكنه كان أزهدنا في الدنيا وأرغبنا في الآخرة[2].

عن ابن البراء بن المعرور أن عمر رضي الله عنه خرج يوماً حتى أتى المنبر وقد كان اشتكى شكوى له فنعت له العسل وفي بيت المال عكة فقال: إن أذنتم لي فيها أخذتها وإلا فهي عليَّ حرام[3].

عن ابن عباس قال: قدم عمر بن الخطاب حاجاً فصنع له صفوان بن أمية طعاماً قال: فجاؤا بجفنة يحملها أربعة فوضعت بين القوم فأخذ القوم يأكلون وقام الخدام فقال عمر مالي أرى خدامكم لا يأكلون معكم أترغبون عنهم، فقال سفيان بن عبد الله لا والله يا أمير المؤمنين ولكنا نستأثر عليهم فغضب غضباً شديداً، ثم قال: ما لقوم يستأثرون على خدامهم فعل الله بهم وفعل، ثم قال للخدام: اجلسوا فكلوا فقعد الخدام يأكلون ولم يأكل أمير المؤمنين[4].

عن الحسن: أن رجلاً أتى أهل ماء فاستسقاهم فلم يسقوه حتى مات عطشاً فأغرمهم عمر بن الخطاب ديته[5].

عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: قدمنا مكة مع عمر فأقبل عمر ومعه الدرة فإذا أبو سفيان قد نصب أحجاراً فقال ارفع هذا فرفعه، ثم قال: وهذا وهذا حتى رفع أحجاراً كثيرة خمسة أو ستة، ثم استقبل عمر الكعبة فقال: الحمد لله الذي جعل عمر يأمر أبا سفيان ببطن مكة فيطيعه[6].

عن أسلم أن نفراً من المسلمين كلموا عبد الرحمن بن عوف فقالوا: كلم عمر بن الخطاب فإنه قد أخشانا حتى والله ما نستطيع أن نديم إليه أبصارنا، قال: فذكر ذلك عبد الرحمن بن عوف لعمر فقال: أوقد قالوا ذلك؟ فوالله لقد لنت لهم حتى تخوفت الله في ذلك، ولقد اشتددت عليهم حتى خشيت الله في ذلك وأيم الله لأنا أشد منهم فرَقا منهم مني[7].

عن عمر بن مرة قال لقي رجل من قريش عمر بن الخطاب فقال: لِن لنا فقد ملأت قلوبنا مهابة، فقال: أفي ذلك ظلم؟ قال: لا، قال: فزادني الله في صدوركم مهابة[8].

عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب يوماً، وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعته وهو يقول: وبيني وبينه جدار، وهو في جوف الحائط عمر أمير المؤمنين بخ بخ والله ابن الخطاب لتتقين الله أو ليعذبنك[9].

عن عبيد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب حمل على عنقه قربة فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين ما حملك على هذا قال : إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها[10].

عن الأكدر العارض قال: قال عمر بن الخطاب: تعلموا المهنة فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنة[11].

عن أبي بكر بن عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب: مكسبة فيها بعض الدناءة خير من مسألة الناس[12].

عن عبيد الله بن كزيز قال: قال عمر بن الخطاب: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه فمن قال أنه عالم فهو جاهل، ومن قال أنه في الجنة فهو في النار[13].

عن حصين المُرّي قال: قال عمر: إنما مثل العرب مثل جمل أنف اتبع قائده فلينظر حيث يقوده فأما أنا فورب الكعبة لأحملنهم على الطريق[14].

عن جواب التيمي قال: قال عمر بن الخطاب: يامعشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح الطريق فاستبقوا الخيرات ولاتكونوا عيالاً على المسلمين[15].
وكان عمر يميل إلى أن تكون مجتمعات الناس عامة يهوي إليها جميع الناس على اختلاف طبقاتهم وكان يكره اختصاص الناس بمجالس لأن ذلك يدعوهم إلى أن تكون لهم أراء متفرقة متباينة.

[1] تاريخ الطبري ج5

[2] أسد الغابة في معرفة الصحابة – لابن الأثير ج4

[3] تاريخ الطبري ج5

[4] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[5] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[6] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[7] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[8] تاريخ الطبري ج5

[9] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[10] تاريخ ابن عساكر ج7 - مخطوط

[11] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[12] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[13] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي

[14] تاريخ الطبري ج5

[15] سيرة عمر بن الخطاب لأبي الفرج الجوزي



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق