إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 نوفمبر 2015

632 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفَصْلُ الثَامِنُ والثَلاثون عمرو بن هند


632

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفَصْلُ الثَامِنُ والثَلاثون

عمرو بن هند

دعا كسرى بن هرمز عديّ بن زيد العبادي، فقال له: من بقي من بني المنذر ? وما هم ? وهل فيهم خير ? فقال عدي: بقيتهم في ولد هذا الميت، المنذر بن المنذر، وهم رجال. فبعث اليهم يمتحنهم. فلما وفدوا على كسرى، أنزلهم على عدي بن زيد. فاحتال عدي على هؤلاء الأخوة كما يقول الأخباريون وتظاهر انه يفضلهم على ربيبه النعمان، واوصاهم إن يجيبوا جواباً معيناً حين يسألهم كسرى، وامر النعمان إن يجيب جواباً آخر يختلف عن جواب اخوته. وهو جواب يعتقد إن كسرى سيرضى عنه ويعينه. فلما ادخلوا على كسرى واجابوا بجواب واحد هو الجواب الذي لقنهم إياه عدي، وهو: "إن سألكم الملك. أتكفونني العرب. فقالوا نكفيكهم إلا النعمان، وقال للنعمان: إن سألك الملك عن اخوتك فقل له: إن عجزت عنهم، فأنا عن غيرهم اعجز"، رضي كسرى بجواب النعمان وسر به، فملكه وكساه، والبسه تاجاً قيمته ستون ألف درهم فيه اللؤلؤ والذهب. فانتصر بذلك النعمان على اخوته، وسر عدىّ بن زيد بتولي ربيبه الملك.

وفي خبر لأبي الفرج الأصبهاني إن عدي بن زيد اخذ النعمان إلى "جابر بن شمعون"، وهو من "بني الأوس بن قلام بن بطن بن جمهير بن لحيان من بني الحارث بن كعب"، وكان أسقفاً على الحيرة، فاقترضا منه مالاً لتدبير امورهما به، وذكر إن جابراً هو صاحب القصر الأبيض الذي بالحيرة، وكان ذا سلطان واسع في بني قومه، ولذلك فقد يكون لأخذ عدي للنعمان إليه للحصول على تأييده أثر في نجاحه في تولي العرش.

ويروي المفضل الضبي إن عدي بن زيد العبادي لما قدم على النعمان صادفه لا مال عنده ولا اثاث ولا ما يصلح لملك، وكان آدم اخوته منظراً، وكلهم اكثر مالاً منه، فقال له عدي: كيف اصنع بك ولا مال عندك! فقال له النعمان: ما أعرف لك حيلة الا ما تعرف انت، فقال له: قم بنا نمضي إلى ابن قردس - رجل من أهل الحيرة من دينه - فأتياه ليقترضا منه مالاً، فأبى إن يقرضهما وقال: ما عندي شيء. فأتيا جابر بن شمعون، وهو الأسقف وهو أحد بني الأرس بن قلام بن بطين بن جمهر بن لحيان من بني الحارث بن كعب، فاستقرضا منه مالاً، فأنزلهما عنده ثلاثة ايام، يذبح لهم ويسقيهم الخمر. فلما كان في اليوم الرابع، قال لهما: ما تريدان ? فقال له عدي: تقرضنا اربعين الف درهم يستعين بها النعمان على امره عند كسرى، فقال: لكما عندي ثمانون الفاً، ثم اعطاهم اياها، فقال النعمان لجابر: لا جرم، لا جرى لي درهم الا على يديك إن انا ملكت!.

ولكن انتصار النعمان ادى إلى هلاك عدي بن زيد على ما يقوله الأخباريون، فقد كان لعدي، كما لكل رجل كبير صار له نفوذ وجاه ومركز خطير، اعداء في مقدمتهم رجل اسمه كاسمه ودينه مثل دينه، هو"عدي بن اوس بن مرينا"، وبنو مرينا اسرة لها مكانتها وخطرها في الحيرة. وكان لهذا الرجل شأن يذكر في ايام المنذر، وكان يميل إلى الأسود بن المنذر لأنه ربيب بني مرينا، فنصحه إن يتجنب الأخذ برأي عدي بن زيد، لأنه رجل لا ينصح. فلما اخفق الأسود في الامتحان، وعجز عن نيل التاج، صار يدبر المؤامرات لخصمه عدي، ويَشِي به إلى النعمان، ويغري آخرين بالتظاهر بأنهم من محبي عدي، ليثق النعمان بهم، فإذا أمن بهم، عادوا فوشوا بعديّ عنده، ثم لم يكتف بذلك فوضع رسائل على لسان عدي إلى قهرمان لعدي فيه مكر ومؤامرة بالنعمان، ثم دسَّ له حتى اخذ الكتاب، فجاء به إلى النعمان، فلما قرأه صدق بما جاء فيه،وغضب على عديّ وقرر الانتقام منه.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق