إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 30 نوفمبر 2015

745 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الاربعون مملكة الغساسنة


745

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الاربعون

مملكة الغساسنة


وقد ورد اسم "جبلة بن الأيهم" في أخبار الفتوحات الاسلامية لبلاد الشام، إذ ذكر في "فتوح البلدان" للبلاذري: أن "هرقل" لما سمع بتجمع المسلمين ومقدمهم "يوم اليرموك"، بعث على مقدمته "جبلة بن الأيهم الغساني" في مستعربة الشام من لخم وجذام وغيرهم لمقاتلة المسلمين، غير أن "جبلة" انحاز في القتّال إلى الأنصار قائلاً: "أنتم إخوتنا وبنو أبينا، وأظهر الإسلام ".

أما الطبري فقد ذكر: أن خالداً لما صار إلى "مرج الصفر"، لقي عليه غسان، وعليهم "الحارث بن الأيهم". ولم يشر إلى جبلة. فيظهر أن وهماً في الاسم قد وقع للرواة، فصار "جبلة" عند بعض، وصار "الحارث" عند بعض آخر، ولعل مرده إلى سهو وقع من النساخ.

ولحسان بن ثابت شعر في مدح "جبلة بن الأيهم"، وفي ذكر ملكه وملك "آل جفنة "، يظهر منه شدة تعلقه بهم على بعده عنهم وزوال ملكهم وابتعاده عنهم بالاسلام. وقد أورد المسعودي بعض الأشعار التي مدح حسان بها "جبلة ابن الأيهم" منها: أشهرنها فإن ملكك بالـشـا  م إلى الروم فخر كل يماني

وقْد ورد في رواية من روايات أهل الأخبار أن حسان بن ثابت زار "جبلة ابن الأيهم"، وعنده "النابغة" و "علقمة بن عبدة" فانشده شعراً، فأعطاه ثلاثمئة دينار وعشرة أقمصة لها جيب واحد، في كل عام مثلها. وتذكر رواية أخرى إن الشخص الذي زاره "حسان" هو "عمرو بن الحارث الأعرج"، وأنه مدحه فأعطاه اًلف دينار مرجوحة، وهي التي في كل دينار عشرة دنانيرّ.

وذُكر إن "جبلة بن الأيهم" لما سمع، وهو ببلاد الروم، أن حساناً قد صار مضرور البصر كبير السن، أرسل إليه خمسمائة دينار وخمسة أثواب ديباج، فلما سلمها الرسول الذي حمل الهدية إليه، نظم شعراً في مدحه أوله: إن ابن جفنة من بقية معشر  لم يغذهم آباؤهم بالـلـؤم

لم ينسني بالشام إذ هو رُّبها  كلاّ ولا متنصراً بالـروم

وأخذ يراجع ذكريات تلك الأيام الخالية التي قضاها معه ومع بقية آل غسان.

 

وقد اتفقت روايات أهل الأخبار في موضوع دخول جبلة في الإسلام، ثم في ارتداده، إلا رواية واحدة ذهبت إلى انه لم يسلم. وقد ذهب أكثرهم في سبب ردته إلى إن أعرابياً من فزارة وطىء فضل إزار جبلة وهو يسحبه في الأرض بمكة، فلطمه جبلة، فنابذه الأعرابي إلى عمر، فحكم عمر له بالقصاص، فعد" جبلة القصاص اهانة له وهو ملك، ففرّ إلى بلاد الروم وارتد بها، وبقي بها مرتداً حتى وافته منيته. ولكن رواية "ابن قتيبة"، تختلف عن رواية أكثر أهل الأخبار في موضوع المكان الذي كان السبب في ارتداده عن الإسلام،اذ جعلته مدينة "دمشق"، قالت: "وكان سبب تنصره انه مرّ في سوق دمشق، فأوطأ رجلاً فرسه، فوثب الرجل فلطمه، فأخذه الغسانيون فأدخلوه على أبي عبيدة بن الجراح، فقالوا: هذا لطم سيدنا. فقال أبو عبيدة بن الجراح: البينة إن هذا لطمك. قال: وما تصنع بالبينة ? قال: إن كان لطمك لطمته بلطمتك. قال: ولا يقتل? قال: لا. قال: ولا تقطع يده. قال: لا. انما أمر اللهُ بالقصاص، فهي لطمة بلطمة. فخرج جبله ولحق بأرض الروم وتنصر".

ونجد خبر "ابن قتيبة" المذكور مدوناً في كتاب "الطبقات" لابن سعد، حيث جاء: "وكتب رسول اللّه، صلى الله عليه وسلم، إلى جبلة بن الأيهم ملك غسان يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وكتب باسلامه إلى رسول اللّه، صلى الله عليه وسلم، واهدى له هدية ولم يزل مسلماً حتى كان في زمان عمر بن الخطاب، فبينما هو في سوق دمشق اذ وطىء رجلاً من مزينة، فوثب المزني فلطمه، فأخذ وانطلق به إلى أبي عبيدة بن الجراح، فقالوا: هذا لطم جبيلة،قال: فليلطمه، قالوا: وما يقتل ? قال: لا، قالوا: فما تقطع يده ? قال: انما أمر اللهُ، تبارك وتعالى بالقود. قال جبلة: أو ترون اني جاعل وجهي ندّأَ لوجه جدي جاء من عمق ! بئس الدين هذا ! ثم ارتد نصرانياً ! وترحل بقومه حتى دخل أرض الروم، فبلغ ذلك عمر، فشق عليه، وقال لحسان بن ثابت: أبا الوليد، أما علمت أن صديقك جبلة بن الأيهم ارتد نصرانياً ? قال: وحق له، فقام اليه عمر بالدرة فضربه بها".

وذكر بعض أهل السيَر والأخبار، أن الرسول كتب إلى جبلة بن الأيهم آخر ملوك غسان، كتاباً دعاه فيه إلى الإسلام. فلما وصل الكتاب أسلم، وْكتب إلى الرسول يعلمه باسلامه. وُ ذكر أن "شجاع بن وهب" انما بعثه رسول الله إلى جبلة، فأسلم، وأرسل إلى رسول الله هدية. وكان ينزل بالجولان.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق