إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 نوفمبر 2015

679 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفَصْلُ التاَسِعُ واَلثَلاثون مملكة كنده.


679

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفَصْلُ التاَسِعُ واَلثَلاثون

مملكة كنده.

ترى مما تقدم اختلاف الروايات وتباينها وتعددها،حتى إن الراوية الواحد مثل "ابن الكلبي" يروي لنا جملة روايات، قد يناقض بعضها بعضاً. لقد وجدنا منها ما زعمت إن قباذ طرد المنذر من مملكته،وأحل الحارث محله،ومنها ما زعمت إن المنذر استرضى الحارث بعد أن رأى عجزه وعجز صاحبه تغيرت به الأحوال، فعاد أصحاب البيت إلى بيتهم، وهرب هو إلى من حيث جاء. ولا نعرف على وجه التحقيق متى ولي الحكم، ولا متى غادره.

لقد ذكرِ ت أسماء الملوك الذين حكموا في أيام "قباذ" على رواية حمزة، وهي رواية تكاد تتفق مع القائمة التي دوّنها الطبري، في آخر كلامه عن "كسرى أنو شروان" نقلاً عن هشام بن الكلبي لأسماء ملوك الحيرة ومدة حكمهم، وذلك قبل عهد "كسرى أنو شروان". فأي ملك من هؤلاء يمكن أن يكون هو الملك المقصود.

لقد ذكر "يوشع العمودي" "Joshua the Stylite" إن ملك الحيرة "النعمان" اشترك مع "قباذ" في المعارك التي وقعت بينه وببن الروم،فأصيب النعمان بجروح بليغة على مقرية من "قرقيسياء"" Circesium"قضت عليه، وذلك في سنة"553" للميلاد. ولقد انتهز عرب الروم المسمون بالثعلبيين "بني ثعلبة" هذه الفرصة، فغزوا الحيرة، واضطرت القوة التي تركها النعمان في عاصمته إلى الفرار للبادية. أفلا يجوز أن يكون هؤلاء الغزاة هم أعراب "الحارث الكندي "، انتهزوا هذه الفرصة فأغاروا على الحيرة واستولوا عليها، فصارت في قبضة "الحارث" على نحو ما رواه بعض الأخباريين ? ثم ألا يجوز أن يكون بعض الرواة قد سمعوا بمقتل "النعمان"، فظنوا أن القاتل هو "الحارث"، أو تعمدوا نسبة القتل إليه للرفع من شأن كنده ومن كان معها من قبائل ?  

ولكن من يثبت لنا أن هؤلاء الأعراب الثعلبيين، أي من "بني ثعلبة"، وهم من عرب الروم على حدّ قول "يوشع العمودي" هم من أتباع الحارث، أو أنهم من "آل الحارث" أي من كنده، وأن العائلة الكندية المذكورة كانت تعرف ب "بني ثعلبة". وليس في الذي بين أيدينا من موارد، مورد واحد يذكر بأن "آل آكل المرار" هم من "بني ثعلبة" او انهم كانوا قد عرفوا ب "بني ثعلبة" في يوم من الأيام، او انهم كانوا قد خضعوا لسلطان الروم. لذلك، لا أظن إن "يوشع العمودي" قصد بالثعلبيين عرب الروم، كندة، وانما قصد أعراباً من اعراب الروم، كانوا يعرفون ب "بني ثعلبة" أو "آل ثعلبة"، وكانوا يتمتعون باستقلالهم تحت حماية الروم. ولما وجدوا فرصة ما حل بالنعمان من جروح في الحرب التي خاضها مع الفرس على الروم، هاجموا الحيرة فانتهبوها، وعانت حاميتها ضعيفة ففرت إلى البادية، ولم يذكر المؤرخ مدة مكوث هؤلاء الأعراب في الحيرة، والظاهر انها لم تكن سوى مدة قصيرة، وانها كانت من نوع غارات الأعراب على المدن: غزو في خاطف، يعقبه انسحاب عاجل لتأمين سلامة ما ينهبونه وايصاله إلى ديارهم حتى لا تتمكن القوات الني ستاتي لمعاقبتهم من أخذ ما حصلوا عليه من غنائم وأموال.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق