إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 30 نوفمبر 2015

737 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الاربعون مملكة الغساسنة


737

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الاربعون

مملكة الغساسنة


لقد حدث سوء تفاهم بين القيصر "يسطينوس". "Justinus" وبين المنذر تطوّر حتى صار قطيعة. ولما أحس المنذر بأن القصر قد دبرَّ له مؤامرة، وأنه أمر عامله البطريق "مرقيانوس" "Marcianus" بأن يحتال عليه ليقتله، تمرّد على الروم، وغادر أرضهم إلى البادية. فانتهز عرب الحيرة هذه الفرصة المؤاتية فأمعنوا في غزو بلاد الشام، وايقاع الرعب في نفوس سكان القرى المجاورة لهذه الحدود مما حمل الروم على مراسلة المنذر والتودد إليه لاسترضائه، حتى إذا ما تلطف الجو أرسلوا إليه البطريق "يوسطنيانوس" ليجتمع به في مدينة الرصافة عند قبر القديس "سرجيوس" لاقناعه بترك موقفه والموافقة على العودة إلى محله. وعند القبر المقدس عقد الصلح بينهما في صيف سنة "578م". فعاد المنذر إلى أرضه، ليقوم بالدفاع عن حدود الشام.

وقد أشار ابن العبري إلى هذا الحادث، فذكر أن العرب "طياية" كانوا منقسمين إلى جماعتين: جماعة المنذر بن الحارث "منذر برحيرت" Mundar bar Herath، وكان نصرانياً وكذلك كان جنوده وجماعة قابوس، فهاجم قابوس وجنوده العرب النصارى، وقصد بذلك الغساسنة، واستاق ما وجده أمامه منْ ماشية، ثم قفل إلى بلاده. فلما رأى المنذر ما حدث، جمع جيشاً هجم به على قابوس، فتغلب عليه، ورجع بغنائم عديدة وعدد كبير من الابل. وعاد قابوس فهاجم المنذر، غير أنهُ مني بهزيمة ثانية اضطرته إلى طلب النجدة من الفرس. فأخبر القيصر بسطينوس بذلك،، وطلب منه امداده بالمال لبؤلف به جيشاً يقف أمام الفرس، فاستاء القيصر منه، وقرر التخلص منه بقتله، لظنه أنه كان السبب في غزو الفرس ل "Rhomaye" وكتب إلى عامله مرقيانوس وكان معسكراً يومئذ في منطقة "نصيبين" "Nisibis" أن يتربص بالمنذر فيقبض عليه، ويقطع رأسه. وقد أخطأ كاتب الرسالة،فأرسل الرسالة الخاصة بالبطريق مرقيانوس إلى المنذر،وأرسل الرسالة الخاصة بالمنذر إلى البطريق. فلما قرأ المنذر الكتاب وعرف بما أراد القيصر أن يفعله به،غضب غضباً شديداً،وتصالح مع قابوس،وصارا يهاجمان بلاد الشام.فظن يسطينوس إن مرقيانوس قد خانه،وانه أخبر المنذر بالمؤامرة، فأمر بالقبض عليه، وحبسه ولما صار "طبياريوس" "Tiberius" قيصراً، ذهب المنذر إلى القسطنطينية، فلامه القيصر على ما صنع، ولكنه قدره واحترمه كثيراً حينما أراه رسالة يسطينوس التي أراد توجيهها إلى عامله لاغتيال المنذر، وأنعم عليه بهدايا كثيرة، وألطاف سنيةّ، ثم عاد مكرماً إلى مركزه السابق.

لقد قام المنذر بالزيارة المذكورة للقسطنطينية في اليوم الثامن من شباط سنة580 م مصطحباً معه ابنين فن أبنائه. فلما بلغها، استقبل بكل احترام وتبجبل، وأنعم القيصر " طيباريوس" "Tiberius" عليه بلقب "Rex" وبالتاج وهو لقب كان له شأن كبير في امبراطورية الروم. ويرى نولدكه إن الروم لم يمنحوا عمالهم العرب على بلاد الشام من قبل الا "الاكليل"، ودرجته دون درجة "التاج". وقد أغدق القيصر عليه بالهدايا. الثمينة النفيسة ومن بينها مصوغات من ذهب وفضة، مما لم ينعم. على أي ملك عربي من قبل. كما أنعم على ولديه بدرجات عسكرية.

وكان المنذر مثل والده من القائلين بمذهب "الطبيعة الواحدة" والمدافعين عنه، ولذلك انتهز فرصة وجوده في القسطنطينية، فسعى في اقناع رجال القصر بالتسامح مع رجال مذهبه والصفح عنهم. ويظهر انه عقد هناك مجمعاً في اليوم الثاني من شهر آذار سنة "585م" لمعاضدة هذا المذهب والدفاع عنه،كما اتصل بالبطاركة للتوفيق بين رجال الكنيستين، غير انه خابت مساعيه بالرغم من اظهار البطاركة رغبتهم في ذلك وعدم ممانعتهم فيه.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق