إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 30 نوفمبر 2015

741 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الاربعون مملكة الغساسنة


741

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الاربعون

مملكة الغساسنة

وقد خمد اسم رؤساء غسان في الموارد اليونانية والسريانية منذ قبض على النعمان، فَعُدنا لا نجد في تلك الموارد شيئاً يذكر عنهم. وفي سكوت هذه الموارد عن ايراد أخبارهم، دليل على زوال شوكتهم وهيبتهم وعدم اهتمام الروم بأمرهم، حيث ضعف امرهم بمسبب تفرق كلمتهم وتنازعهم بينهم. أما الموارد الاسلامية، فإنها بقيت تذكر أسماء رجال منهم زعمت انهم ملكوا وحكموا، بل زعمت أن بعضهم حكموا دمشق، وبقيت تذكر أسماءهم إلى ايام الفتح الاسلامي. ومن هذه الموارد تأريخ حمزة الاصفهاني،الذي استمر يذكر أسماء من ملك من آل غسان حتى انتهى بآخرهم وهو جبلة بن الأيهم. وفي هذه الأسماء تكرار وزيادات، لذلك زاد عدد من ذكرهم من ملوك غسان على عدد ما ورد عند سواه من المؤرخين.

وأنا لا استطيع أن اوافق حمزة على العدد المذكور، واخالفه في مدد حكمهم وفي ترتيبهم على النحو المدوّن في تأريخه. فالذين ذكرهم على أنهم ملوك لم يكن مجال حكمهم كبيراً واسعاً،وهم لم يكونوا في الواقع إلا سادات بيوت أو سادات عشائر منشقة، تمسكت باللقب القديم الموروث: لقب ملك. وقد كان بعضهم يعاصر بعضاً، ويدعي الرئاسة لنفسه، وذلك بسبب تخاصمهم، ولهذا كثرت أسماؤهم في قائمة حمزة. وقد انحسر مدّ حكمهم وانكمش فاقتصر على البوادي، ولا يتعارض ذلك بالطبع مع ورود أخبار بسكناهم في قصورهم عند أطراف المدن ومشارف القرى، فإن سادات القبائل في هذا اليوم أيضاً يحكمون القبائل ِويعيشون في قصور في المدن، وهم لا يحكمون المدن بالطبع.

والذي يظهر من روايات أخرى من روايات أهل الأخبار من غير حمزة إن أبين رجل من غسان ظهر بعد النعمان، هو "الحارث" المعروف ب "الأصغر" ثم "عمرو بن الحارث"، وهو الذي مدحه "النابغة"، ثم "النعمان بن الحارث" وهو شقيق "عمرو"، وقد مات مقتولاً كما يظهر ذلك من شعر للنابغة الذبياني، ثم "شرحبيل بن عمرو الغساني"، و "جبلة بن.الأيهم".

ولما كنا قد سرنا على قائمة حمزة في ترتيب الملوك، فاننا نجاريه في ترتيبه لهم فنذكر أسماء من حكم الغساسنة بعد النعمان على وفق هذه القائمة، فنقول: حكم بعد النعمان على رواية حمزة وآخرين "المنذر بن الحارث" أي شقيق المنذر والنعمان، وجعل حمزة مدة حكمه ثلاث عشرة سنة، ولقّبه بلقب "الأصغر" وكناه ب "أبي شمر".

وتولى بعده على رواية حمزة أخوه جبلة، وجعل منزله ب "حارب" ونسب إليه بناء "قصر حارب" و "محارب" و "صنيعة"، وكانت مدة حكمه على رأيه أربعاً وثلاثين سنة.

وحكم بعد جبلة على رواية حمزة أخوه الأيهم. وقد حكم على رأيه ثلاث سنين ونسب إليه بناء "دير ضخم" و "دير النبوة" و "دير سعف".

ثم انتقل الحكم على رواية حمزة أيضاً إلى عمرو، وهو أيضاً على رأيه اْحد أبناء الحارث بن جبلة. وقد حكم ستاً وعشرين سنة وشهرين، وذكر انه نزل السدير، وبنى قصر "الفضا" "قصر الفضة" و "صفاة العجلات" و "قصر منار".

وعمرو هذا هو الذي مدحه النابغة الذبياني، وقد كان متكبرأَ دميماً قبيح السيرة أنشأ في دمشق وضواحيها - على حد قول أهل الأخبار - عدة قصور شامخات، منها: قصر الفضة، وقصر "صفات العجلات"، وقصر منار. وقد صوّر في بعض هذه القصور مجالسه وجلساءه ورؤساء دولته، وأشكال صورته. ثم اتعظ وتغير على أثر شعر قاله له عمرو بن الصعق العدواني، وكان قد أسر الأمير أخته، وحسنت سيرته ومات بعد أن حكم ستاً وعشرين سنة.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق