590
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون
مملكة الحيرة
وقد نشأ لقب "السائح" الذي لقب به النعمان من القصة الشهيرة التي يرويها الاخباريون عن هذا الملك، وهي إن النعمان جلس في يوم من ايام الربيع في قصره الخورنق فأشرف منه على النجف وما يليه من البساتين والنخل والجنان والانهار... فأعجبه ما رأى من الخضرة والنور والانهار، فقال لوزيره وصاحبه: هل رأيت مثل هذا المنظر قط ? فقال: لا، لو كان يدوم ! قال: فما الذي يدوم،? قال: ما عند الله في الآخرة، قال: فيمَ ينال ذلك ? قال: يترك الدنيا. وعبادة الله والتماس ما عنده. فترك ملكه من ليلته، ولبس المسوح مستخفياً هاربا لا يعلم به، وأصبح الناس لا يعلمون بحاله، فحضروا بابه، فلم يؤذن لهم عليه كما كان يفعل. فلما ابطأ الإذن عليهم، سألوا عنه، فلم يجدوه، وساح الملك منذ ذلك الحين في الارض، فلم يره انسان.
ويلحق الاخباريون بهذه القصة ابياتاً ينسبونها لعديّ بن زيد العبادي. ذكروا انه خاطب بها النعمان بن المنذر، هي فيّ الواقع اختصار للقصة، لم يذكر فيها اسم النعمان، وانما اكتفى الشاعر بذكر رب الخورنق، ورب الخورنق هو النعمان في تفسير الاخباريين.
والأبيات المنسوبة إلى عديّ بن زيد، وهي: وتذكَّرْ رب الخورنق إذ فكّر يوماً، وللـهـدى تـفـكـير
سره ملكه وكثرة ما يملك والبحر معـرضـاً والـسـدير
فارعوى جهله، فقال: وما غبطة حيّ إلى الممات يصير ?
تشير إلى النعمان السائح، وتذكر قصة مفارقته ملكه، ولبسه المسوح واعراضه عن الملك بعد إن كان ملكاً.ولم يقصد بالنعمان: النعمان بن ابي سلمى صاحبه، كما تصور بعض الناس ويظهر انه نظمها للنعمان صاحبه على سبيل العظة والتذكير، ليدخله في النصرانية، وذلك بعد إن كان يتعبد للاوثان. وقد تمكن من التأثير فيه، فأدخله فيها كما يذكر الاخباريون.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق