589
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون
مملكة الحيرة
ويتبين من روايات أهل الأخبار عن "الخورنق" و "السدير" إن القصر الأول لم يكن بعيداً عن الحيرة، وانما كان على مقربة منها، وربما كان على مسافة ميل من الحيرة. أما "السدير" فكان على مسافة بعيدة، وقد ورد انه كان في وسط البرية التي بينها وبن الشام.
ويظهر من وصف أهل الأخبار للسدير، و من انه كان قبة في ثلاث قباب متداخلة، ومن وصفهم للخورنق، إن السدير لم يكن في مثل ضخامة قصر الخورنق، وان الخورنق كان قصراً كبيراً أعدّ للسكنى وليكون حصناً يهيمن على مشارف البادية.
ويرى بعض الباحثين أن قصر الخورنق لم يكن من بناء "النعمان"، وأنه انما بني قبل ذلك، ويرى أن النعمان قد أسكن "بهرام" فيه.
وقد ورد ذكر الخورنق في شعر لحسان بن ثابت: وحارثة الغطريف أو كابن منذر ومثل أبي قابوَس رب الخورنق
وقد ذهب يعض شّراح هذا البيت إلى أن المراد ب "ابن منذر" "عمرو ابن هند"، وأن المراد من "أبي قابوس"، "النعمان بن المنذر بن امرئ القيس بن عدي اللخمي"، الذي لبس المسوح وساح في الأرض، والذي نعته الشاعر عدي بن زيد العبادي ب "رب الخورنق". وهو تفسير ينسجم مع رأي المؤرخين في باني القصر، إلا أنه يتعارض معهم في تسمية الملك، فالمعروف عندهم أن "ابا قابوس" هو "النعمان بن المنذر" آخر ملوك الحيرة، وهو قاتل الشاعر "عدي بن زيد العبادي" لا "النعمان السائح". ولا يوجد أحد غيره عرف عندهم ب "أبي قابوس.". وقد حكم هذا بعد "عمرو بن هند" بأمد، فيكون هو مراد الشاعر المذكور. غير إن هذا يدفعنا إلى تخطئة "حسان" في نسبة الخورنق إلى هذا الشاعر، أو تخطئة المؤرخين في نسبتهم القصر إلى "النعمان السائح". والذي اراه إن هذا التفسير، لا يتعارض مع روايات المؤرخين في باني القصر، وان مراد الشاعر من "ومثل أبي قابوس رب الخورنق"، انه صاحب الخورنق، اي مالكه والنازل فيه، لا الباني له. وقد ذكره لشهرة القصر في ايامه وبذلك فلا يقع التعارض بين التفسيرين، ويكون الملك المقصود هو "النعمان أبو قابوس".
وممن اشار إلى القصرين: الخورنق والسدير في شعره من الشعراء الجاهليين، المنخل، قال: - واذا صحوت فانـنـي رب الشريهة والبعير
واذا سكرت فإنـنـي ربّ الخورنق والسدير
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق