إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 26 نوفمبر 2015

573 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون مملكة الحيرة


573

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون

مملكة الحيرة


وتأريخ هذه المدينة قبل الميلاد غامض لا نكاد نعرف من أمره شيئاً، فلم يرد خبرها في نص تأريخي مدوّن أو كتابة مدوّنة قبل الميلاد. وأقدم ذكر لها هو ما أشرت اليه، غير إن ذلك لا يتخذ دليلاً على انها لم تكن مولودة قبل هذا العهد، اذ يجوز انها كانت قبل هذا العهد قرية صغيرة، أو مدينة تسمى باسم غير هذا الاسم. ولعل المستقبل سيكشف عن تأريخها القديم بالسماح لبطن الأرض بإخراج ما في جوفها من أسرار عن ذلك التأريخ.

أما الأخباريون، فيرجعون عهدها إلى أيام "بختنصر". هم يقولون: إن "برخبا" لما قدم من "نجران" وأخبر "بختنصر" بما أوحى الله إليه، وقص عليه ما أمره به من غزو العرب الذين لا أغلاق لبيوتهم ولا أبواب، وان يطأ بلادهم بالجنود فيقتل مقاتلتهم ويستبيح أموالهم، وأعلمه كفرهم به، واتخاذهم آلهة دون الله، وتكذيبهم الرسل والأنبياء، وثب "بختنصر" على من كان في بلاده من تجار العرب، وكانوا يقدمون عليه بالتجارات والبياعات، ويمتارون من عندهم الحب والتمر والثياب وغيرها، فجمع من ظفر به منهم، فبنى لهم حيراً على النجف وحصّنه ثم ضمهم فيه، ووكل بهم حرساً وحفظة، ثم نادى في الناس بالغزو، فتأهبوا لذلك، وانتشر الخبر فيمن يليهم من العرب فخرجت إليه طوائف منهم سالمين مستأمنين. فاستشار "بختنصر" فيهم "برخيا"، فقال: إن خروجهم اليك من بلادهم قبل نهوضك اليهم رجوع منهم عمّا كانوا عليه، فأقبل منهم، فأحسن اليهم، فأنزلهم "بختنصر" السواد على شاطئ الفرات، فابتنوا موضع عسكرهم بعد، جزاني، لا جزاه الله خيراً  سليمة، أنه شراً جزاني

اعلمه الرمـاية كـل يوم  فلما اشتد ساعده رماني

فلما قال هذين البيتين فاظَ أي مات، وهرب سليمة. هرب إلى عمان.

وحكم بعد "مالك بن فهم" أخوه "عمرو بن فهم" على رواية، و"جذيمة الأبرش" المعروف بجذيمة الوضاح أيضاً على رواية أخرى. ولا نعرف من أمر "عمرو" هذا شيئاً يستحق الذكر.

وتزعم رواية أن الذي حكم بعد "مالك بن فهنم" هو "جذيمة الأبرش"، وقد جعلته ابناً لمالك، وجعلت نسبه على هذه الصورة: "جذيمة بن مالك بن فهم ابن غانم بن دوس بن عدنان بن عبد الله بن الغوث". وقالت: إن والده "مالك" هو أول من ملك الضاحية في حكم ملوك الطوائف.

أما حظ جذيمة الأبرش، فهو خير من حظ الرجلين السابقين عندالأخباريين، فله في رواياتهم شعر وحديث. وقد تحدثوا عنه، ونسبوا إليه الغزوات، وجاد عليه بعض الرواة فرفعوا زمانه وجعلوه في العاربة الأولى. جعلوه من بني "وبار ابن أميم بن لوذ بن سام بن نوح"، وصيرّوه "من أفضل ملوك العرب رأياً، وأبعدهم مغارأَ، وأشدهم نكاية، وأظهرهم حزماً. وأول من استجمع له الملك بأرض العراق، وضم إليه العرب، وغزا بالجيوش"، وذكر "المسعودي" انه أول من ملك الحيرة.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق