562
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفَصْل السّادِسُ والثَلاثون
الصفويون
وانتشار هذه الكتابات وتناثرها في أرضين صحراوية، أمر يلفت النظر ويدعو إلى العجب من أمر الأعراب في ذاك العهد الذين كانوا يقرأون ويكَتبون مع انهم أبناء بادية، وقد عاشوا قبل الإسلام بزمان طويل، ثم إن خطها يلفت إليه النظر أيضاً، فهو خط عربي، ولد من الأم التي نسلت الخط العربي الجنوبي، وهو قريب من الخط الثمودي والخط اللحياني، ويعني هذا أن العرب كانوا يكتبون قبل الميلاد بخط أود أن أسميه بالقلم العربي الأول، أو القلم العربي القديم منه تفرعت الأقلام العربية المتنوعة فيما بعد، فوجد ما نسميه بالقلم المسند وبالأقلام العربية الشمالية، وذلك لظروف كثيرة لا مجال للكلام عليها في هذا المكان. وهو يدل على أن الصفويين وأمثالهم من الأعراب لم يتأثروا بالثقافة الإرمية مع قربهم منها واتصالهم بها، وطغيانها على الثقافات الأخرى في العراق وفي بلاد الشام، فبقوا مخلصين لقلمهم القديم، فكتبوا به، ولم يستعملوا قلم بني إرم كما فعل "أهل المدر" المقيمين في مدن العراق والشام وقراهما. وكتبوا بلهجاتهم أيضاً ولم يكتبوا بلغة بني إرم كما فعل غيرهم من العرب الحَضَر.
وقد رأى "دوسو" "Dussaud" أن الصفويين كانوا يحاكون الجنود الرومان واليونان في تسجيلهم خواطرهم وذكرباتهم على الحجارة، فقد وجد الباحثون أحجاراً دوّن عليها أولئك الجنود في أثناء أدائهم واجباتهم العسكرية في بلاد الشام وعلى الطريق الرومانية ذكرياتهم وخواطرهم ونزولهم في تلك الأمكنة. ولكن وجود كتابات صفوية عديدة من القرن الأول قبل الميلاد يثبت إن الصفوين كانوا يدونون خواطرهم بهذا الأسلوب، وذلك قبل شروع أولئك الجنود الرومان واليونان في تدوين خواطرهم على هذا الأسلوب، وانهم كانوا يدوّنون خواطرهم هذه على الأحجار وبهذا الشكل لأن هذه الحجارة كانت هي ورق كتابة أهل البادية، فكتبوا عليها كما يكتب أهل الحضر على الرق والخشب والورق وغيرها من وسائل الكتابة.
ويرجع علماء الصفويات عمر أقدم الكتابات الصفوية الى القرن الأول قبل الميلاد.
أما آخر ما عثر عليه من كتابات، فيرجع إلى القرن الثالث بعد الميلاد، على رأيهم أيضاً. فما عثر عليه من الكتابات الصفوية، هو من عهد تبلغ مدته زهاء أربعة قرون.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق