561
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفَصْل السّادِسُ والثَلاثون
الصفويون
والى هذا العهد تجب اضافة قوم من العرب أطلق المستشرقون عليهم لفظة "الصفويين"، نسبة إلى أرض "الصفاة". وهم أعراب ورعاة كانوا يتنقلون من مكان إلى آخر طلباً للماء والكلأ. وقد دوّنوا خواطرهم أحياناً على الأحجار، وتركوها في مواضعها، ومنها استطعنا الإلمام بعض الشيء بأحوالهم وأخبارهم. وقوم تنتشر الكتابة بينهم على هذا النحو، لا يمكن أن نتصورهم أعراباً على النحو المفهوم من الأعرابية، بل لا بد أن نتصور انهم كانوا على شيء من الثقافة والإدراك.
واذا سألتني عن سبب اختيار المستشرقين لهذه التسمية واطلاقها على أصحاب هذه الكتابات، فإني أقول لك: انهم أخذوها من اسم أرض بركانية عرفت بالصفا وبالصفاة، تغطي قشرتها الخارجية حتى اليوم صخور سود تقول لك انها خرجت إلى هذا المكان من باطن الأرض، وان براكين ثائرة مزمجرة غاضبة كانت قد قذفت بها إلى ظهر الأرض فاستقرت في أمكنتها هذه، ومن يدري? فلعلها أصابت أقواماً كانت تعيش في هذه المواضع أو مارة بها فأهلكتها. وهي تسمية قديمة تعود إلى ما قبل الإسلام، بدليل انها وردت في نص يوناني على هذه الصورة: "Safathene" وورود اسم إلَه عرف ب "زيوس الصفوي" "Zeus Safathenos"، أي نسبة الى هذه الأرض.
أما "الصفوية"، فتسمية ليست بتسمية عربية قديمة، وليست علماً على قوم معينين أو على قبيلة معينة، وانما هي تسمية حديثة أطلقها المستشرقون على قبائل عديدة كانت تنتقل من مكان إلى مكان طلباً للماء وللكلأ، لرعي ماشيتها التي تكوّن ثروتها ورأس مالها، تراها يوماً في أرضع النبط، ويوماً آخر في بلاد الشام حيث كان الرومان ثم البيزنطيون يسيطرون. فنحن في هذا الموضع لسنا أمام مملكة أو حكومة مدينة، بل أمام قبائل عديدة حرفتها الرعي والغزو وكفى.
ومن نسميهم بالصفويين إذن ليسوا بقبيلة واحدة ولا بجنس معين، وإنما هم قبائل متنقلة، كانت تتنقل في هذه الأرضين الواسعة، في أزمنة مختلفة متباينة. ويعود الفضل إلى الكتابات التي عثر الباحثون عليها في اعطائنا فكرة عن تلك القبائل المتنقلة، وفي حصولنا على أسماء بعض تلك القبائل التي كان ينتسب اليها أصحاب تلك الكتابات.
أخرى، في مثل الدراسات اللغوية والدينية وتطور الخطوط ودراسة أسماء الأشخاص والقبائل وما شاكل ذلك.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق