إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 15 نوفمبر 2015

179 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع عشر العرب و اليونان


179

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي

الفصل السابع عشر

العرب و اليونان

وتقول الرواية التي تتحدث عن طمع هذا الملك وجشعه للمال إن المدينة المسالمة التاجرة، أرسلت رسولاً إلى الملك يحمل رجاءها إليه إلا يحرمها نعمتين عظيمتين أنعمتهما الآلهة عليهم: نعمة السلام، ونعمة الحرية. و هما من أعظم نعم الآلهة على الإنسان. فرضي من حملته هذه بالرجوع بجزية كبيرة من فضة و أحجار كريمة، فأبحر إلى جزيرة "تيلوس"، ومنها إلى "سلوقية" "255-204 ق. م.". وهكذا اشترت المدينة سلمها وحريتها من هذا الطامع بالمال، وصدَق أهل المدينة. إن كانت الرواية صادقة، فالسلم والحرية من أعظم نعم الله على الإنسان.

وفي رواية إن الملك المذكور لما عاد من حملته على الهند اتجه نحو الغرب، أي السواحل الشرقية لجزيرة العرب؛ ساحل العروض. فنزل في أرض دعتها "خطينة" Chattenia. وهي أرض من "جرها". وعندئذ أرسل الجرهائيون رسلا إليه يفاوضونه على الصلح على نحو ما ذكرت، فوافق على إن يدفعوا إليه في كل سنة جزية من فضة ولبان وزيت مصنوع من البخور.

ويظهر من هذه الرواية إن مجيء الملك إلى أرض الجرهائيين، كان من الهند، وكان قد رجع بعد إن قاد جيشه إليها، وانه نزل في ساحل عرف بإسم Chattenia و هو الخط.

يتبين من وصف "سترابون" للحجارة التي بنيت بها المدينة على زعمه ومن ادعاء "بلينيوس"، إن أبراج المدينة وسورها قد بنيت بقطع مربعة من صخور الملح. يتبين من ذلك إنها بنيت في أرض سبخة. وان هذا السبخ هو الذي أوحى إلى مخيلة "الكلاسيكيين" ابتداع قصة حجر الملح الذي بنيت به دور المدينة وسورها. وفي التأريخ قصص من هذا القبيل عن قصور ومدن شيدت بحجارة من معدن الملح.

يظن ان Gerra أو Garraei أو Gerrei على حسب اختلاف القراءات، "وهو موضع ذكره "بطلميوس""، هو هذه المدينة "جرها". وذكر "بلينيوس" إنها تقع على خليج يسمى بأسمها Sinus Gerraicus ويبلغ محيطها خمسة أميال "خمسة آلاف خطوة". وعلى مسافة خمسين ميلاً من الساحل، "أي خمسين ألف خطوة"، تقع منطقة تدعى "أتنه" Attene، وفي مقابل مدينة "جرها" من جهة البحر وعلى مسافة خمسين ميلاً تقع جزيرة "تيلوس" Tylos المشهورة باللؤلؤ. والمدينة التي ذكرها "بلينيوس" هي المدينة التي، قصدها "سترابون".

وبعد، ف "جرها" إذن، مدينة تقع في العربية الشرقية على ساحل الخليج  

على مسافة منه، أو عليه مباشرة. وقد رأى "شبرنكر" إنها "العقر"، وتدعى "العجير" في لهجة الناس هناك. ويرى هذا الرأي "فلبي" و طائفة من الباحثين. ومنهم من رأى إنها "القطيف"، أو الخرائب المعروفة باسم "أبو زهمول" مع "العقير"، وتكون هذه الخرائب الطرف النائي من "جرها" الذي يكوّن الميناء، ودعاها بعضهم "الجرعاء". وظن أخرون إنها "سلوى" الواقعة على ساحل البحر.

ومن رجّح "الجرعاء" رأى إنها في لفظها قريبة جداً من "جرها" "جرهاء"،

وموضعها قريب منها. ولسبب آخر، هو ورود اسم ThaimonThaemae مع Gerraei عند "بطلميوس"، و Thaemae هو "تميم" في نظر الباحثين. وقد اقترن اسم "الجرعاء" بتميم. فقد ذكر "الهمداني" "الجرعاء"، فقال: "ثم ترجع إلى البحرين فالأحساء منازل ودور لبني تميم ثم لسعد من بني تميم، وكان سوقها على كثيب يسمى الجرعاء تتبايع عليه العرب". وقد كانت "جرها" سوقاً تتبايع فيه الناس. ويرى "كلاسر" إن GerrhaGerra ليست "العقير" أو الجرعاء، وإنا هي موضع يقع في الطرف الجنوبي الغربي من خليج "القطن".

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق