172
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السَّادس عَشِر
العرب والعبرانيون
وورد في "التلمود" اسم صنم عربي دعي "نشرا"، ويقصد به "نسر" ولاشك. وهو من أصنام العرب المعروفة. وقد ذكر "ابن الكلبي" إن حمير تعبدت لنسر. كما إنه ذكر في "التلمود" أيضاً "حج الأعراب"، وذكر إن مواسم حجهم كانت تتغير بتغير فصول السنة. وقد تعرض للأحكام الشرعية. الخاصة بدخول البيوت، فذكر إنها لا تنطبق على خيام العرب، لأنها متنقلة، فلا تستقر في مكان واحد. كما ذكر إن من عادة نساء العرب التحجب عند خروجهن إلى المحالّ العامة. ولعله يقصد بذلك نساء المدن، وذكر إن من عادة الرجال وضع اللثام على وجواهم في أثناء السفر لوقايتهم من الرمال، وأشار إلى أن للعرب مقدرة فائقة في معرفة مواضع المياه في الصحراء بمجرد شم الرمال. وورد في "المشنة" "المشنا" إن أغلب طعام العرب من اللحوم.
وقد ورد في "السنهدرين"، أن أحد اليهود قصَّ على الحبر "حية" "R. Hiyya"، إنه رأى مسافراً عربيا أخذ سيفاً بيده فقطع به جملاً قطعاً، ثم أخذ "جرساً" فدق به، فنهض الجمل حالاً، وكأنه لم يقطع إرباً، فقال له الحبر، إن ما حدث هو نوع من الخداع.
ونجدا "السنهدرين" كلاماً ل ""ربه بن برحنه" "Rabbah B. Bar Hana" يروي فية "، أنه كان مسافراً، وفي أثناء سفره التقى به عربي، فقال له: تعال معي وسأري ك الموضع الذي انشقت به الأرض وابتلعت جماعة "القورحيين" "قورح" "Korah". فذهب معه إليه، ورأى به دخاناً. ثم أخذ العربي قطعة من صوف وبلّها بالماء، ثم وضعها على رمح له، ثم أدخلها الموضع فاستشاطت بالنار. ثم قال للعربي أصغ إلى المكان، لعلك تسمع شيئاً فيه. فسمع أصواتاً تقول:"موسى وتوراته على الحق، أما القورحيون فهم كذّابون" ثم قال له في كل ثلاثين يوماً يتحول هؤلاء في جهنم "Gehenna"، تحول اللحم في القدر، وهو يقولون: "موسى وتوراته على حق، أما هم، فهم كذّابون".
ونجد قصة هذا الحبر في "بابا بثرا" "Baba Bathra" حيث يقول: لقد كنت في سفر في صحراء، فالتقى بنا تاجر عربي، وكان ممن يستطيع التنبؤ يمواضع المياه وبالأبعاد وبالطرق من شمّ التربة، فأردنا الاستفسار منه عن أقرب مكان إلينا فيه ماء. فقال لنا: أعطوني رملاً فأعطي، فشمه ثم قال أقرب مكان اليكم فيه ماء هو على بعد ثمانية فراسخ "Parasangs" ثم سرنا وأردنا الاستفسار ثانية منه، فقدمنا له رملاً، شمه ثم قال لنا الماء على بعد ثلاثة فراسخ من هذا المكان. ثم حاول هذا الحبر اختباره لمعرفة مدى صدقه من كذبه، فأبدل الرمل، فلما قدم إليه رملاً آخر. لم يستطع أن يقول شيئاً.
ويقص علينا قصة أخرى يزعم أنها وقعت له مع هذا التاجر العربي، حيث يقول إنه قال له: تعال م ثي أريك "أموات التيه"، أي الإسرائيليين الذين ماتوا في التيه، في طريقهم إلى أرض الميعاد. فذهب الحبر معه، ورأى الأموات وكأنهم في حالة فرح وسرور، وقد رقدوا على أظهرهم، ثم يقول: وقد رفع أحد هؤلاء الأموات ركبته، ومرّ التاجر العربي من تحت تلك الركبة، وقد كان حالملاً رمحه راكباً بعيره، ومع ذلك فإن رمحه لم يمس رجل الميت. ثم يقول وقد ذهبت إلى أحد الأموات الراقدين فقطعت جزءاً من ذيل ردائه الأزرق العميق، وعندما حاولت الرجوع، لم أتمكن من الحركة وبقيت ثابتاً في مكاني، فقال له العربي: إذا أخذت شيئا من هؤلاء فأرجعه إلى محله، وإلا فإنك ستبقى ملتصقاً في مكانك،لأن من يتطاول على حرمة الراقدين فيأخذ شيئاً منهم، يجمد في مكانه، ولا يستطيع التحرك. فذهبت وأرجعت القطعة وتمكنت عندئذ من السير.
ثم يذكر أن هذا التاجر العربي أخذه إلى جبل الطور "جبل سيناء" "Mount of Sinai" فأراه إياه، ثم أخذه إلى الموضع الذي انشق بالقورحيين، جماعة "قورح"، فأراه شقين في الأرض، ووجد الدخان لا يزال يخرج منهما، ثم يذكر إنه اخذ قطعة الصوف وادخلها هو بنفسه، ثم أخرجها و إذا بها وقد علقا بها النار، ثم يقص باقي القصة على نحو ما جاء في "السنهدرين".
ونجد في "مينحوت" "Menahoth" فتوى تتعلق في نجاسة أو طهارة قُرَب الماء. وقد ورد في هذه الفتوى، أن القرب التي تشد وتعقد بعقدة تكون طاهرة، إلا إذا عقدت بعقدة عربية. فإنها تكون نجسة ولا يحل الشرب منها.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق