171
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السَّادس عَشِر
العرب والعبرانيون
ولما وقعت الحرب بين "يوناتان" المكّابي "161 - 143 ق. م." و "ديمترتوس الثاني"، ضرب "يوناتان" العرب المسمين بالزبديين "Zabadaeans" وأخذ منهم غنائم كثيرة. حدث ذلك في سنة "144 ق. م.". ويرى بعض علماء التوراة إن هذه القبيلة العربية قبيلة "زبد" "زبيد" كانت تنزل في موضع في شمال غربي "دمشق"، ويرى بعض آخر احتمال إن ذلك المكان هو "الزبداني"، الذي يبعد عشرين ميلاً من الشام على طريق دمشق بعلبك. وأرى إن من المحتل أن يكون هؤلاء "الزبديون" هم سكان "زبد"، وهو خرب في الزمن الحاضر، يقع بن قنسرين ونهر الفرات. وقد اشتهر عند المستشرقين بالكتابة التي عثر عليها في هذا الموضع، وقد كتبا باليونانية والسريانية والعربية، ويرجع تأريخها إلى سنة "511م". وقد أدخلهم "يوسفوس" في عداد النبط.
و "أرتاس زعيم العرب" الذي طرد "ياسون" من بلاده حينما التجأ إليه فاراً من الملك "أنطيوخس"، هو "الحارث" أو "حارثة" وهو من ملوك النبط، ولا شلك. وقد ذكر اسمه في سفر المكابيين الثاني.
وفي أيام "سترابون" كان العرب في جملة سكان مدن فلسطين، مثل القدس و "يافا" و "الجليل". وذكر "سترابون" إن "ا لأدوميين" "Idumaens" كانوا يقطنون الأقسام الغربية من "اليهودية" "Iudaea"، وهم على حد قوله من "النبط". ولما كان "سترابون" قد نقل كلامه من موارد أخرى قديمة، فما ذكره يفيد إن العرب كانوا يقيمون في فلسطين قروناً عديدة قبل الميلاد.
وقد ذكر العرب في جملة الشعوب الساكنة في "أورشليم" يوم مرور الخمسين يوماً على المسيح. ويظهر من أعمال الرسل إن أهل القدس كانوا خليطاً في تلك الأيام من معظم شعوب العالم المعروفة يومئذ.
وقد أطلق العبرانيون اسم "طيعة" و "طيابة" على العرب، محاكاةّ لبني إرم. فتجد اللفظة في "التلمود" وفي كتابات العبرانيين المدونة في القرون الأولى لميلاد. وقد أخذ الاسم "طيعة" و "طيابة" من "طيء" اسم القبيلة المعروفة، على فى ما ذكرت في الفصل الأول.
وقد ذكرت في "المدراش" قبيلة عربية عرفت ب "سوجي"، لعله "سواجر"، أو ما شابه ذلك من أسماء.
وفي التوراة مصطلحات يرى العلماء إنها كناية عن العرب. ففيها مصطلح "بني قديم" "Bene Kedem"، ومعناه: "أبناء الشرق"، ويقصد به الساكنون شرق العبرانيين، أي سكان بادية الشم، وهو في معنى "شركوني" "شرقوني"، أي الساكنون في المشرق. وهم كما نعلم قبائل عديدة من العرب سكنت هذه البادية قبل الميلاد بمدة لا يعلمها إلا الله. وقد يكون من بين هؤلاء أقوام من الآراميين.
وقد وصفت التوراة بعض عادات العرب ورسومهم، كما تعرفت لتجارتهم. ولما كانت "فلسطين" امتداداً طبيعياً لجزيرة العرب، وجزء منها، وكانت على طريق مصر وبلاد الشام وعلى ساحل البحر المتوسط، صارت سوقاً مهمة للتجار العرب وللأعراب، يأتونها لبيع ما عندهم من سلع، وأهمها أنواع الطيب والذهب والحجارة الكريمة والأغنام والأعتدة وحاصلات بلاد العرب الأخرى، كما كانوا يشترون من أسواقها ما فيها مما يحتاجون إليه من حاصلات حوض البحر المتوسط وبلاد الشام وفي جملة ذلك الرقيق.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق