إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 8 نوفمبر 2015

145 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع عشر العرب في الهلال الخصيب


145

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
  
الفصل الرابع عشر

العرب في الهلال الخصيب

ويحدثنا "مرجون" في كتاباته عن أيامه وعن أعماله المجيدة أن الملك "أبيري" "Uperi" ملك "دلمون" سمع بقدرة آشور وبعظمتها فأرسل هداياه إليه. ومعنى هذا أن البحرين كانت إذ ذاك تحت حكم ملك اسمه "أبيري"، لعله "أبير"، وان الصلات السياسية كانت وثيقة بين آشور والبحرين في ذلك العهد. وقد ذكر "سرجون" إن "أبيري"، "ملك دلمون"، "كان يعيش كالسمكة في وسط بحر الشروق، البحر الذي تشرق عليه الشمس، وعلى مسافة ثلاثين ساعة مضاعفة، وكان قد سمع بجلال عظمتي فأرسل بالهدايا إليّ". وفي هذا الخبر اشارة واضحة إلى استقلال البحرين، أي جزيرة "دلمون" وخضوعها لحكم ملك لعله كان من أهلها. ولما كان القسم الجنوبي من العراق تحت حكم الآشوريين في هذا العهد. وللبحرين علاقات تجارية متينة مع هذا القسم، لذلك أرسل هدايا ثمينة إلى ملك آشور.

ويظهر من خبر آشوري يعود عهده إلى أيام الملك " سنحاريب" "سنحربب"، وهو ابن "سرجون"، أن ملك البحرين لما سمع خبر اجتياز هذا الملك نهر الفرات ودخوله الخليج ووصوله أرض جزيرة "دلمون"، أسرع فاعترف بسيادة ملك آشور عليه. وكان هذا الملك قد دك أرض بابل في حوالي السنة "689 ق.م."، وسار منها متوجهاً نحو ارض الخليج. وفي هذا الخبر إشارة إلى أن علاقة الآشوريين بالبحرين كانت وثيقة في هذا العهد أيضاً، وان ملك البحرين كان يخشى ملك آشور، لذلك اعترف بسيادته الاسمية عليه.

وأخبرنا "سنحاريب" "سنحريب" "705 - 681 ق. م." إنه تسلم هدايا من "كرب ايل" "كريبي - ايلو" "Karibi-ilu" ملك سبأ "Saba'i"، إذ بنى بيتاً أو معبداً "بيت اكيتو" "Bit-Akitu"، للاحتفال فيه بعيد رأس السنة والأعياد الأخرى. وكان من جهلة هذه الهدايا أحجار كريمة وأنواع من اًفخر الطيب ذي الرائحة الزكيه الطيبة "Rikke Tabutu"، وفضة وذهب وأحجار ثمينة أخرى، وهي أمور اشتهرت بها العربية الجنوبية، كما عرفت بتصديرها هذه المواد إلى الخارج، وقد تحدثت عنها التوراة في مواضع من الأسفاره.

وقد ذهب "هومل" إلى أن "كريبي - ايلو"، هذا هو "كرب ال" "كرب ايل" أحد "مكربي" "مقربي" سبأ، أي الكهان الحكام، ولم يكن ملكاً على عرش سبأ وانْ دعاه "سنحاريب" ملكا، ذلك لأن الآشوريين لم يعرفوا لقبه الرسمي، أو لأنهم لم يهتموا بذلك فجعلوه ملكاً. وهذه الهدايا لم تكن جزية فرضه عليه، بل كانت هدية من حاكم إلى حاكم، وقد بعث بها إليه مع القوافل الذاهبة إلى الشام بطريق غزة، أو طريق مكة، فالبادية إلى العراق. وعندي إن من الجائز أن يكون "كريبي - ايلو" هذا سيد قبيلة أو أميراً من الأمراء الذين كانوا في العربية الشمالية، من المجاورين لتلك القبائل التي تحدثت عنها وسبق لها أن قدمت هدايا لآشور، وكان من السبئيين النازحين إلى الشمال الذين حلوا محل المعينيين.

ولما قضى "سنحاريب" على مقاومة البابليين وعينّ عليهم ملكاً منهم، كان قد تربى في قصور الآشوريين فأخلص لهم، سار إلى بلاد الشام لإخضاع العمونيين والمؤابيين والأدوميين والعرب والعبرانيين، فقد كان هؤلاء قد انتهزوا فرصة قيام البابليين وقبائل إرم والعرب والعيلاميين على الآشوريين للتخلص منهم، فألفوا حلفاً بين هم في جنوب بلاد الشمام، أي في فلسطين والأردن، وانحدرا لمحاربة "سنحاريب". فلما وصل إلى ساحل البحر المتوسط، أخذ جيشه يستولي على المدن، الفينيقية والفلسطينية، ويتقدم نحو الجنوب حتى بلغ "عسقلان" "Ashkelon". ولما وصل إلى موضع "التقه" "علتقه" "Eltenkeh" "Altenkeh"، اصطدم بالعرب وبالمصريين، غير إنه تغلب عليهم واستولى على "التقه" و على "تمنة" "تمنث" "ثمنة" "Timnath" و "عقرون" "عاقر" "Ekron".

وفي أنباء الانتصارات التي سجلها "سنحاريب" لنفسه إنه قام في حوالي السنة "689 ق. م." بحملة على الأعراب التابعين للملكة "تلخونو" "Telhunu" ملكة العرب "Arabi"، أي أعراب البادية، وعلى الملك "خزا ايلي" "حزا ايلي" "Haza-ili"، ملك "قيدري" "Qidri"، أي القيداربين، فسارت جيوشه في اتجاه "أدوماتو" "دومة" "Adummatu"، فتغلبت على العرب وعلى القيداريين. ويقصد بي "أدوماتو" "دومة الجندل". وقد كانت "أدوماتو" "Adummatu" من مواضع "أريبي" "عريبي" الحصينة.

وهي في موضع بعيد عن عواصم الدول الكبرى، إلا إنها لم تنج مع ذلك من غزوات تلك الدول. وقد ذكرها "بطلميوس" باسم "Doumatha" "Adomatho".

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق