144
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الرابع عشر
العرب في الهلال الخصيب
وورد في هذه الترجمات بعد جملة "ويثع أمر السبئي" "ومن هؤلاء الملوك ملوك على الساحل، ومنهم ملوك في البادية. تسلمت منهم جزية: تبراً، وأحجاراً كريمة... الخ"، م! ا يدل على أن أولئك الملوك كانوا يحكمون أرضين واسعة تمتد من البادية إلى البحر الأحمر.
ووردت في نص "سرجون" المشار إليه أسماء مواضع هي "Uaidaue" و "Bustis" و "Agazi" و "Ambanda" و "Dananu"، ووردت معها جملة: "اريبي الساكنيين في مشرق الشمس" "اريبي مطلع الشمس". ولهذا ذهب بعض الباحثين إلى آن الأسماء المذكورة هي أسماء مواضع في أرض "اريبي"، أي البادية. وهو رأي يعارضه باحثون آخرون، لغموض العبارة، ولتعذر القول إن أسماء هذه المواضع تعود إلى "أريبي الساكنين في مشرق الشمس".
أما "تمودي" "Tamudi"، فإنهم "ثمود"، الذين سبق أن تحدثت عنهم. وأما "أباديدي" "Ibadidi"، فشعب لا نعرف من آمره شيئاً. وقد ذهب "موسل" إلى احتمال كونهم "أبيداع" "Abida" المذكورين في التوراة. وهو فيها ابن "مديان"، أي "مدين". ويرى أن مساكنهم كانت في جنوبي شرقي "أيلة" "Elath" أي العقبة، على الطريق التجارية المهمة التي تربط ديار الشام بالحجاز.
ورأى "كلاسر" أن "الاباديدي" هم "Apataei" المذكورون في جغرافيا "بطلميوس"، وكانوا يقيمون في مكان يقال له "وادي العبابيد" أو "العباديد" على مقربة من العقيق، أو أن فرعاً منهم كان يقيم في هذا المكان. وذهب "فورستر" إلى أن شعب "Apataei"، هم شعب آخر، وأن الكلمة هي في الأصل "Nabataei"، وهو شعب كانوا يقيمون في موضع "نبت" على ساحل الحجاز.
ولا نعرف من أمر "مرسماني" "Marsimani" شيئاً يذكر، ولم يرد لهذه القبيلة اسم في التوراة. غير أن بعض الكتبة "الكلاسيكيين" ذكروا قبيلة عربية يظهر إنها كانت تقيم في جنوب شرقي "العقبة" سموّها "Batmizomaneis" "Banizomaneis"، وقد كانت في جوار قبيلة "Thamudenoi" أي ثمود. ويرى "موسل" احتمال كون هذه القبيلة هي "مرسماني"، تحرف اسمها في النص الآشوري أو حرفه الكتبة "الكلاسيكيون" حتى صار على نحو ما نرى. وعلى كل حال فإن على لفظة "Marsimani" طابع العروبة، فلا يستبعد أن تكون من "مرسم"، أو أسماء أخرى عربي قريبة منها.
ويظهر أن كراهية الأعراب للآشوريين كانت شديدة جداً، لم تخفف من حدتها لا سياسة القوة والعنف ولا سياسة التودد واللبن. لقد حملت هذه الكراهية القبائل على مدّ بد المساعدة إلى كل مبغض للآشوريين، أو متمرد عليهم، فقسمت المعونة إلى "مردخلبلدان" "مردخ بلذان" "مردخ بلادان" "Merodachbaladan" ملك بابل خصم وعدوّ "سنحاريب" "سنحريب" وأرسلت "ياتيعة" "يثعة" "يطيعة" "Ja'it'e"، ملكة "اريبي" جيشاً لمساعدته ومناصرته في كفاحه هذا مع الآشوريين وضعته تحت قيادة أخيها "بسقانو" "يصقانو" "Basqanu"، إِلاً إنه لم يتمكن من الوقوف أمام الآشوريين، فنزلت به خسارة فادحة، وأسر "بسقانو" وأسر معه معظم جيشه، وكانت هذه الهزيمة في موضع "كيش" "Kish". وقد كانت في حوالي سنة "703" أو "752" قبل الميلاد على رأي بعض الباحثين.
ويظهر أن لفظة "Iati'e" هي تحريف لاسم عربي من أسماء النساء لعله "بطبعة" أو ما يشابه ذلك. وقد كانت ملكة إذ ذاك، أي إنها كانت مثل "زبيبة" و "شمس" المذكورتين. وأما اسم "بسقانو" "Basqanu"، فالظاهر إنه "الباسق" فإنه قريب منه.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق