إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

8 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الأول تحديد لفظة العرب


8

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي

الفصل الأول

تحديد لفظة العرب

الآن وقد انتهيت من تحديد معنى "عرب" وتطورها إلى قبيل الإسلام، أرى لزاماً عليّ أن أتحدث عن ألفاظ أخرى استعملت بمعنى "عرب" في عهد من العهود، وعند بعض، الشعوب. فقد استعمل اليونان كلمة "Saraceni" و "Saracenes"، واستعملها اللاتين على هذه الصورة "Saracenus"، وذلك في معنى "العرب" وأطلقوها على قبائل عربية كانت تقيم في بادية الشام وفي طور سيناء، وفي الصحراء المتصلة بأدوم. وقد توسع مدلولها بعد الميلاد، ولا سيما في القرن الرابع والخامس والسادس، فأطلقت على العرب عامة، حتى أن كتبة الكنيسة ومؤرخي هذا.العصر قلما استعملوا كلمة "عرب" في كتبهم، مستعيضين عنها بكلمة "Saraceni". وأقدم من ذكرها هو "ديوسقوريدس "Dioscurides of Anazabos" الذي عاش في القرن الأول للميلاد. وشاع استعمالها في القرون الوسطى حيث أطلقها النصارى على جميع العرب، و أحيانا على جميع المسلمين. و نجد الناس يستعملونها في الانكليزية في موضع "عرب" حتى اليوم.

و قد أطلق بعض المؤرخين من أمثال "يوسبيوس" "أويسبيوس" "Eusebius" و "هيرونيموس" "Hieronymus" هذه اللفظة على "الاشماعيلين" الذين كانوا يعيشون في البراري في "قادش" في برية "فاران"، أو مدين حيث جبل "حوريب". و قد عرفت أيضا ب "الهاجرين" "Hagerene" ثم دعيت ب "Saracenes".

و لم يتحدث أحد من الكنيسة اليونان و الرومان و السريان عن أصل لفظة "Saraceni" "Sarakenoi". و لم يلتفت العلماء إلى البحث في أصل التسمية إلا بعد النهضة العلمية الاخيرة، و لذلك اختلفت آراؤهم في التعليل، فزعم بعضهم انه مركب من "سارة" زوج إبراهيم، ولفظ آخر ربما هو "قين"، فيكون المعنى "عبيد سارة". وقال آخرون: أنه مشتق من "سرق"، فيكون المواد من كلمة "Saraceni" "سراكين" "السراقين" أو "السارقين" إشارة إلى غزوهم وكثرة سطوهم. أو من "Saraka" بمعنى "Sherk" -أي "شرق"، ويراد بذلك الأرض التي تقع إلى شرق النبط. وقال "ونكلر" أنه من لفظة "شرقو"، وتعني "سكان الصحراء" أو "أولاد الصحراء". استنتج رأيه هذا من ورود اللفظة في نص من ايام "سرجون". ويرى آخرون انه تصحيف "شرقيين"، أو "شارق" على تحو ما يفههلى من كلمة "قدموني" "Qadmoni" في التوراة، بمعنى شرقي، أو أبناء الشرق "Bene Kedem"" "Bene Qedhem". وكانت تطلق خاصة على القبائل التي رجع النسابون العبرانيون نسبها إلى "قطورة".

وقد مال إلى هذا الرأي الأخير اكثر من بحث في هذه التسمية من المستشرقين، فعندهم ان "سرسين" أو "سركين" أو "Sarakenoi" من "شرق"، وان "Bene Kedem" و "Qadmooni" العبرانيتين هما ترجمتان للفظة "Saraceni". ولهذا يرجحون هذا الرأي ويأخذون به.

والقائلون ان "سارقين" من أصل لفظتين "سارة"، زوج إبراهيم، ومن "قين" بمعنى "عبد" وان المعنى هو "عبيد سارة"، متأثرون برواية التوراة عن سارة وبالشروح الواردة عنها. وليست لأصحاب هذا الرأي أية أدلة أخرى غير هذا التشابه اللفظي الذي نلاحظه بين "سرسين" وبين "سارقين"، وهو من قبيل المصادفة والتلاعب بالألفاظ ولا شك، وغير هذه القصة الواردة في التوراة: قصة "سارة" التي لا علاقة لها بالسرسين.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق