إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

7 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الأول تحديد لفظة العرب


7

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي

الفصل الأول

تحديد لفظة العرب

ونحن لا نزال. نميز الأعراب عن الحضر، ونعتّدهم طبقة خاصة تختلف عن الحضر، فنطلق عليهم لفظة: "عرب" في معنى بدو وأعراب، أي بالمعنى الأصلي القديم، ونرى ان عشيرة "الرولة" وعشائر أخرى تقسم سكان الجزيرة إلى قسمين: حضر و "عرب". وتقصد بالعرب أصحاب الخيام أي المتنقلين. وتقسم العرب، أي البدو إلى "عرب القبيلة"، و "عرب الضاحية"، و هم العرب المقيمون على حافات البوادي والأرياف، أي في معنى "عرب الضاحية" و "عرب الضواحي" في اصطلاح القدامى.

ثم تقسم الحضر وتسمّيهم أيضا ب "أهل الطين" إلى "قارين"، و الواحد "قروني"،وهم المستقرون الذين لهم أماكن ثابتة ينزلونها ابدأ، وإلى "راعية" والمفرد راع، وهم أصحاب أغنام وشبه حضر، ويقال لهم "شوّاية" و "شيّان" و "شاوية" و "رحم الديرة" بحسب لغات القبائل.

وأشبه مصطلح من المصطلحات القديمة بمصطلح "شوّاية" و "شاوية"، هو "الأرحاء"، وهي القبائل التي لا تنتجع ولا تبرح مكانها، إلا أن ينتجع بعضها في البرحاء وعام الجدب.

وخلاصة ما تقدم إن لفظة "ع رب"، "عرب"، هي بمعنى التبدي و الأعرابية في كل اللغات السامية، ولم تكن نفهم إلا بهذا المعنى في أقدم النصوص التاريخية التي وصلت إلينا، وهي النصوص الآشورية. وقد عنت بها البدو عامة، مهما كان سيدهم أو رئيسهم. وبهذا المعنى استعملت عند غيرهم. ولما توسعت مدارك الأعاجم وزاد اتصالهم واحتكاكهم بالعرب وبجزيرة العرب، توسعوا في استعمال اللفظة، حتى صارت تشمل أكثر العرب على اعتبار انهم أهل بادية وان حياتهم حياة أعراب. ومن هنا غلبت عليهم وعلى بلادهم، فصارت علَمية عند أولئك ألأعاجم على بلاد العرب وعلى سكانها، وأطلق لذلك كتبة اللاتين واليونان على بلاد العرب لفظة "Arabae" "Arabia" أي "العربية" بمعنى بلاد العرب.

لقد أوقعنا هذا الاستعمال في جهل بأحوال كثير من الشعوب والقبائل،ذكرت بأسمائها دون أن يشار إلى جنسها. فحرنا في أمرها، ولم نتمكن من إدخالها في جملة العرب، لأن الموارد التي نملكها اليوم لم تنص على أصلها. فلم تكن من عادتها، ولم يكن في مصطلح ذلك اليوم كما قلت اطلاق لفظة "عرب" إلا على الأعراب عامة، وذلك عند جهل اسم القبيلة، وكانت تلك القبيلة بادية غير مستقرة،وقد رأينا إن العرب أنفسهم لم يكونوا يسمون أنفسهم قبل الميلاد، إلا بأسمائهم، ولولا وجودهم في جزيرة العرب ولولا عثورنا على كتابات أو موارد أشارت اليهم، لكان حالهم حال من ذكرنا، أي لما تمكناّ من إدخالهم في العرب. ونحن لا نستطيع أن نفعل شيئاً تجاه القبائل المذكورة، وليس لنا إلا الانتظار، فلعل الزمن يبعث نصاً يكشف عن حقيقة بعض تلك القبائل.

هذا ويلاحظ أن عدداً من القبائل العربية الضاربة في الشمال والساكنة في العراق وفي بلاد الشام، تأثرت بلغة بني إرم، فكتبت بها، كما فعل غيرهم من الناس الساكنين في هذه اللأرضين، مع انهم لم يكونوا من بني إرم. ولهذا حسبوا على بني إرم، مع أن أصلهم من جنس آخر. وفي ضمن هؤلاء قبائل عربية عديدة، ضاع أصلها، لأنها تثقفت بثقافة بني إرم، فظن لذلك إنها منهم.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق