619
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفَصْلُ الثَامِنُ والثَلاثون
عمرو بن هند
فبلغ الشعر "عمرو بن هند"، ابلغه إياه "عبد عمرو"، وكان من سادات الناس في زمانه، وكان زوج أخت "طرفة"، وقد هجاه "طرفة" أيضاً. فلما أنشد "عمرو بن هند" هجاء طرفة له على سبيل المزاح والاستخفاف بشأنه، قال له "عبد عمرو": أبيت اللعن! ومما قال فيك أشد مما قال فيّ فأنشده الأبيات. فقال عمرو بن هند: أو قد بلغ من امره إن يقول فيَّ مثل هذا الشعر. فكتب إلى رجل من عبد القيس بالبحرين، وهو المعلى ليقتله. فقال له بعض جلسائه: إنك إن قتلت طرفة، هجاك المتلمس وهو رجل من مجرب،وكان حليف طرفة، وكان من بني ضبيعة فأرسل عمرو الى طرفة والمتلمس فكتب لهما إلى عامله بالبحرين ليقتلهما، وأعطاهما هدية من عنده وحملهما، وقال: قد كتبت لكما بحباء، فأقبلا حتى نزلا الحيرة، وارتاب المتلمس بأمر الصحيفة واستقبال عمرو لهما، ففك ختمها وعرضها على غلام من أهل الحيرة، فقرأها، فاذا فيها أمر بقتله، فأخذ الصحيفة فقذفها في البحيرة وقال: وألقيتها بالثني من جنب "كافر" كذلك أُلقي كل رأي مضلـل
وأشار على طرفة بفك خاتم صحيفته أيضا ليقرأها له، ولكنه أبى، وذهب إلى صاحب البحرين، فوجد هناك نهايته في قصص منمق محبّر يرويه أهل الأخبار.
ويذكر بعض أهل الأخبار إن قبر طرفة بهجر، وهو معروف هناك. وللشاعر "طرفة بن العبد" شعر يعاتب به "عمرو بن هند"، ويحرضه فيه على الطلب بحق أخيه "معبد"، الذي أغير على إبل له، وكانت في جوار "عمرو بن هند" فانتهبت. ويقول فيه: نحن في طاعتك، ومضر في طاعتك، فما بالنا أغر علينا، وكلنا ندين لك.
ولطرفة شعر في هجاء "قابوس" كذلك. ونرى بعض الأخباريين ينسبون إليه يومين: يوماً يصيد فيه، ويِوماً يشرب فيه، فيقف الناس ببابه حتى يأذن لهم بالدخول إليه، ولذلك سئم منه طرفة فهاجاه وهجا عمرو بن هند شقيقه معه. وينسب بعض أهل الأخبار هذه القصة إلى عمرو بن هند.
ويتبين من حديث الأخباريين عن صحيفة المتلمس، ومن قصة نهاية طرفة في البحرين، إن البحرين كانت تابعة في ذلك العهد لملك الحيرة، وان حاكمها كان عاملاً لعمرو بن هند. وقد ورد في رواية إن اسم عامل عمرو بن هند هو "أبو كرب ربيعة الحرث"، وهو من ذوي قرابة "طرفة" فلما علم بخبر "طرفة" لم يقتله، وكتب إلى "عمرو بن هند" انه لن يقتله، وقد اعتزل عمله. فعينّ عمرو عاملاً آخر مكانه اسمه في بعض الروايات "عبد هند".
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق