583
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون
مملكة الحيرة
وقد استعمل المستشرقون من عبارة "ذو أسر التاج" "الذي نال التاج" على أن صاحب هذا التاج هو من الملوك الذين كان لهم اتصال بالفرس، وان المقصود به ملك من ملوك الحيرة، لوجود صلة لهم بالانبراطورية الفارسية. ودعواهم في ذلك إن هذه الجملة، وكلمة "تج" "تاج" هما من الاصطلاحات المستعملة عند الفرس وعند من خالطهم من الملوك، فلا بد أن يكون حاملها من الملوك المحالفين لهم. وكلمة "تاج" من الألفاظ المعربة عن الفارسية، من أصل "تاك". ولما كان هذا ملكاً عربياً، فهو اذن امرؤ القيس ملك الحيرة.
وكان من عمال"سابور بن أردشير" و"هرمز بن سابور" و"بهرام ابن سابور" "على فرج العرب من ربيعة ومضر وسائر من ببادية العراق والحجاز والجزيرة" في تأريخ الطبري. وورد في تأريخ ابن خلدون نقلاً عن"السهيلي": إن"امرأ القيس" كان عاملاً للفرس على مذحج وربيعة ومضر وسائر بادية العراق والجزيرة والحجاز. ويظهر إن المورد الذي نقل منه"السهيلي"و"الطبري" يرجع إلى منبع واحد، هو"ابن الكلبي". وما رواه"ابن الكلبي يتفق بوجه عام مع ما جاء في نص"النمارة" من أمر ملك و فتوح"امرئ القيس".
و "شمر" صاحب مدينة "نجران"، هو "شمر يهرعش" في رأي أكثر المستشرقين، وينطبق زمانه على زمان "امرئ القيس، واذا صح هذا الرأي نكون قد حصلنا على أول نص عربي جاهلي يشير إلى حرب نشبت بين مملكة الحيرة ومملكة "سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" في عهد أول ملك من ملوكها وهو "شمر يهرعش" المعروف ب "شمر يرعش" عند الاسلاميين.
وفي روايات الأخباريين ما يؤيد نشوب حرب بين عرب الحيرة وعرب اليمن في ايام "شمريرعش"، غير انها تناقض هذا المدون في النص عن تغلب "امرئ القيس" على نجران مدينة"شمر". ف "شمر" عندها بطل من الأبطال، فتح الفتوح العظيمة، وبلغ ملكه حداً لم يصل إليه ملك" اسكندر ذي القرنين". وعندهم أيضاً انه هو باني مدينة "سمرقند"، وهو الذي حيّر "الحيرة". وهو تبع الأكبر وهو وهو، على حين هو - في هذا النص - ملك مغلوب، لم يتمكن من الوقوف أمام "امرئ القيس" الذي بلغت جيوشه مدينة "نجران". فهل تجد تناقضاً أغرب من هذا التناقض ? على اننا لو فرضنا إن"شمراً" صاحب نجران هو رجل آخر غير "شمر يرعش"، فهذا النص، يهدم بنيان الأخباريين اليمانيين القائم على أساس المبالغة في المفاخرات والمباهاة بالأجداد نكاية بالعدنانيين الذين تعالوا عليهم في الإسلام بفضل النبي وشرف الإسلام، فأحفظهم ذلك جداً.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق