إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 26 نوفمبر 2015

581 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون مملكة الحيرة


581

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون

مملكة الحيرة


ويظن بعض الباحثين إن امرأ القيس، هو امرؤ القيس الذي ورد اسمه مدوناً في نص "النمارة". فإذا كان هذا الظن صحيحاً، كان امرؤ القيس أول ملك من ملوك الحرة يصل خبره الينا مدوناً، وكذلك خبر تأريخ وفاته في سنة 328 للميلاد، المقابلة لسنة 223 من تقويم بصرى، التقويم المعمول به في تلك الجهات التي قبر فيها امرؤ القيس.

ويظهر من نص النمارة إن امرأ القيس صاحب القبر، كان رجلاً محارباً، وقائداً كبيراً، أخضع قبيلتي أسد ونزار، وهزم مذحجاً، وأخضع معداً، ووزع بنيه في القبائل، وبلغت فتوحاته أسوار "نجران" مدينة "شمر". وهو بهذه الفتوحات قد تمكن من معظم أنحاء الجزيرة. وهذا النص يناقض، الروايات التي تنسب الفتوحات العظيمة إلى "شمر يهرعش" "شمر يرعش"، فتجعله فاتح العراق وما وراء العراق إلى الصين، وتعكس القضية عكساً تاماً. وروايات فتوحات "شمر"، هي روايات يمانية وضعها أناس متعصبون لليمن ولا شك.

وقد سبق لي أن بينت إن المستشرقين يرون إن "شمراً" المذكور في هذا النص أي صاحب "نجران"، هو "شمر يهرعش". "شمر يرعش". وقد ذكرته في باب "ملوك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت". ومعنى هذا إن "نجران" كانت في ملكه يوم أغار "امرؤ القيس" عليها فوصل أسوارها، ويظهر انه لم يتمكن منها وانه فرض سلطانه على القبائل الساكنة في البادية، فاعترفت بسيادته عليها. ولهذا لقب في النص بلقب "ملك العرب كلهم الذي نال التاج"، وختمت الكتابة بجملة "فلم يبلغ ملك مبلغه"، وهي جملة تعبر عن اتساع ملكه وامتداده مسافات شاسعة.

ويظهر من ورود كلمة "التبع" أي التاج في هذا النص إن هذه الكلمة كانت معروفة عند العرب الشماليين في ذلك الحين، أي في القرن الرابع للميلاد، وانها وردت بالمعنى المفهوم منها في الزمن الحاضر، أي ما يوضع على الرأس تعبيراً عن الملك والحكم.

ويفهم من هذا النص أن "امرأ القيس" كان قد بسط سلطانه على كل العرب، أي الأعراب، فملكهم وملك خاصةً "بني نزار" و "أسد" وقبائل "معدّ"، وأنه نصب أولاده على القبائل ليضمن طاعتها وخضوعها له، وأن سلطانه بلغ بذلك حدود أرض اليمن. فامتد حكمه إذن من الحيرة وبلاد الشام إلى نجد والحجاز، حتى بلغ حدود مدينة "نجران". وقد كانت منازل "معد" في الحجاز وفي ضمن أرضها "مكة" وتمتد إلى "نجران".

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق