570
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفَصْلُ السَّابعُ والثلاثون
مملكة الحيرة
وللاخباريين واللغويين وعلماء تقويم البلدان، آراء في أصل اسم "الحيرة"، وبينهم في ذلك جدل على التسمية طويل عريض، كما هو شأنهم في أكثر أسماء المدن القديمة التي بَعُد عهدها عنهم فحاروا فيها. وايرادها هنا يخرجنا عن صلب الموضوع، وهي أقوال لا تستند إلى نصوص جاهلية، ولا إلى سند جاهلي محفوظ، ومن أحب الوقوف عليها، وتعرف مذاهب القوم فيها، فعليه بمراجعة تلك المظان، كما إن لبعض المحدثين آراء في هذا الباب.
ومعظم المستشرقين، يرون انها كلمة من كلمات بني إرم، وانها "حرتا" "Harta" "Hirta" "Herta" "حيرتا" "حيرتو" السريانية الأصل، ومعناها المخيم والمعسكر وانها تقابل في العبرانية كلمة "حاصير" "Haser"، وان "حيرتا" "حيرتو" في التواريخ السريانية تقابل "العسكر" عند الاسلاميين وهي في معنى "الحضر" و "حاضر" و "الحاضرة" كذلك. ولهذا زعم بعض المستشرقين إن "الحضر" اسم المكان المعروف في العراق أخذ من هذا الأصل العربي، أي من "الحضر".
وقد عرفت "الحيرة" في مؤلفات بعض المؤرخين السريان، فعرفت ب "الحيرة مدينة العرب"، "حيرتا دي طياية"، كما عرفت بأسماء بعض ملوكها مثل "النعمان"، فورد "حيرتو د نعمان دبيث بورسويي"، أي: "حيرة النعمان التي في بلاد الفرس".
ويلاحظ إن تعبير "حيرة النعمان" "حيرتا دي نعمان"، تعبير شائع معروف في العربية كذلك. ولا بد أن يكون لاشتهار "الحيرة" باسم "النعمان" سبب حمل الناس على نسبة هذه المدينة إليه.
ويرى بعض، علماء التلمود أن مدينة "حواطره" "حوطرا" التي ورد في التلمود أن بانيها هو "برعدى" "بن عدى"، هي الحيرة. وقد حدث تحريف في الاسم، بدليل أن التلمود يذكر أنها لا تبعد كثيراً عن "نهر دعه" "Nehardea"، وأن مؤسسها هو "برعدى"، ويقصد به "عمرو بن عدي".
ويظن أن موضع "حرتت دار جيز" "حارتا دار جيز" "حرته دار جيز"، الوارد في التلمود، هو "الحميرة". وقد ورد أن "ارجيز" وهو ساحر، هو الذي بنى تلك المدينة. ويرى بعض الباحثين احتمال وجود صلة بين هذا الساحر وبين قصة "سِنِّمار" باني "الخورنق". وعرفت في التلمود ب "حيرتا دي طيبه" أيضاً، أي "معسكر العرب" و "حيرة العرب".
وقد ذكر اسم الحيرة في تأريخ "يوحنا الأفسوسي" "John of Ephesus" من مؤرخي القرن السادس الميلاد "توفي سنة 585 م"، فقال: "حيرتود نعمان دبيت بور سوبي"، أي: "حيرة النعمان التي في بلاد الفرس"، كما ذكرها "يشوع العمودي" "Josua Stylites". وورد اسمها في المجمع الكنسي الذي انعقد في عام "410 م"، وكان عليها إذ ذاك اسقف اسمه "هوشع" "Hosha" اشترك فيه ووقع على القرارات باسم "هوشع" اسقف "حيرته" "حيرتا".
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق