540
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الخامس والثلاثون
مملكة تدمر
وللمؤرخين آراء في أصل "الزباء" ونسبها وأسرتها، فمنهم من ذهب إلى أنها مصرية، ومنهم من ذهب إلى أنها من العماليقْ ومن هؤلاء المؤرخ "آيشهورن" "Eichhorn". وقد أخذ هؤلاء آرامهم من الكتب العربية على ما يظهر. وذهب المؤرخ اليهودي "كريتس" "Graetz" " Graetz" إلى أنها "ادومية" من نسل "هيرودس وا نها يهودية الدين. ورأى "رايت" "Wright" " و "أو بردك" "Oberdick" وآخرون انها من أب عربي ولكنها من دم مصري من ناحية الأم. والذي عليه أكثرهم. أنها عربية الأصل.
وقد ذكر "المسعودي" إن بعض المؤرخين كانوا يزعمون انها "رومية" تتكلم العربية.
أظهرت "الزباء" مقدرة فائقة في ادارة شؤون الملك، فخاف منها الرومان، وعزم "غاليانوس" بتحريض من شيوخ "رومة" على القضاء عليها قبل استفحال أمرها، فأرسل جيشاً إلى الشرق تظاهر انه يريد من ارساله محاربة "سابور" غير انه كان يربد في الواقع مهاجمة تدمر واخضاع الملكة. فبلغ خبره مسامع "الزباء" فاستعدت لمقابلته وخرجت له، والتحمت فعلاً بكتائب الرومان،وانتصرت عليه انصاراً باهرا، وولت هاربة تاركة قائدها "هرقليانوس" "Heraclianus" قتيلاً في ساحة الحرب.
ورأت الملكة الحذر من الفرس، وذلك بتقوية حدود مملكتها، فأمرت بانشاء حصن "زنوبيا" "Zanobia" على نهر الفرات، ليقف أملم الهجمات التي قد يوجهها الساسانيون عليها من الشرق. ويقول "بروكوبيوس" انه سمي بهذا الاسم نسبة إلى الملكة مؤسسته.
وقد اتبعت "الزباء" بعد مقتل زوجها سياسة عربية، سياسة تعتمد على التقرب من الأعراب والتودد اليهم والاعتماد عليهم في القتال والحروب. وذلك بعد أن رأت إن الرومان هم أعداء تدمر، وانهم لا يفكرون الا في مصالح الرومان الخاصة. وبهذه السياسة تقربت أيضاً إلى العناصر العربية المستوطنة في المدن، وأخذت تعمل على تكوين دولة عربية قوية واحدة بزعامتها، وخاصة بعد أن أدركت إن الأعراب قوة لا يستهان بها، وانهم لو نظموا واستغلوا استغلالا جيداً، صاروا قوة يحسب لها كل حساب، فأخذت تعمل لتكوين هذه القوة، ولكن الرومان كانوا أسرع منها، فقضوا على مآربها قبل أن تتحقق، فاستولوا على تدمر وأزالوا مملكة ملكة الشرق.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق