539
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الخامس والثلاثون
مملكة تدمر
أما أسباب هذا البغض، فلم تذكر. ويظهر إن هنالك جملة عوامل دعت إلى ظهوره، منها اراء الملكة الفلسفية وآراء الفلاسفة والكتاب الذين كانوا يحيطون بها، وكانوا يبثونها في تدمر وفي البقاع التي استولى عليها التدمريون، فنفقت نفاقاً كييراً بين يهود "تدمر" ويهود "الكالوتات" على نهر الفرات، فأثارت هذه الاراء "الالحادية" عند اليهود حقد الأحبار والمتدينين. ومنها الزواج المختلط الذي انتشر في تدمر بين اليهود وغير اليهود، ونشوء جيل جديد من هذا الزواج أضاع الدين وتقاليد الإسرائيليين. وهو أمر نهى عنه اليهود. ومنها الحالة السياسية التي نشأت من أسر الفرس للقيصر "والريانوس"، وهجوم أذينة على الفرس وما أعقب ذلك من حروب ألحقت ضرراً كبيراً بالجاليات اليهودية الكبيرة التي كانت تسكن شواطىء القرات، ومعظمها من التجار الذين كانوا يتاجرون مع الفرس والروم، ويبن العراق وديار الشام، فأصيبت هذه "الكالوتات" اليهودية التي كانت تتمتع بشبه استقلال بأضرار كبيرة، وفقدت استقلالها خلال مدة استيلاء التدمريين على شواطى الفرات. فلهذه الأسباب كانت نقمة اليهود على التد مريين.
وحرص بعضى المؤرخن على ادخال الملكة في زمرة النصارى فزعموا. انها كانت على دين المسيح. وتساهل آخرون بعض التساهل فقالوا انها لم تكن نصرانية أصيلة ولكنها كانت قريبة منها ميالة اليها، وجحد ححج من قال بتهود الملكة وسخفها. وتوسط آخرون فقالوا انها لم تكن يهودية محضة، ولا نصرانية خالصة، إنما كان دينها وسطاً بين الدينين: كانت تعتقد بوجود الله، وترى التوحيد،ولكنها لم تكن على اليهودية وعلى النصرانية، بل رأت الخالق كما يراه الفيلسوف.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق