166
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السَّادس عَشِر
العرب والعبرانيون
نعم، لقد كوّن "المكّابيون" أسطولاً تجارياً لهم جعلوا مقره في "يافا" "Jappa" ولكنهم لم يتمكنوا من بناء أسطول لهم يخترق مياه البحر الأحمر، ليزاحم العرب أو غيرهم فيه. فلم يكن الإسرائيليون من عقات البحر على شاكلة الفينيقيين أو العرب الجنوبيين أو سكان العروض. ولولا المساعدة الثمينة التي قدمها ملك صور لسليمان، لما استطاع العبرانيون أن يصلوا إلى "ترشيش ! أو "أوفير".
وقد انصرف "يهوشافاط" على ما يظهر إلى إقرار الأمن في حدود مملكته، وتحسين علاقاته مع "أخاب" ملك إسرائيل، ومع جيران "يهوذا"، حتى تمكن من عقد محالفات معهم، أدت إلى الاستقرار والهدوء، فلم يحاربوا "يهوشافاط"، وهذا مما جعل علماء يهود على التجول في مدن "يهوذا" لتعليم الناس أحكام دينهم. وحمل إليه "الفلسطينيون" هدايا وجزىّ دفعوها فضة، كما جاء في التوراة، ودفع إليه "العرب" كما تقول التوراة أيضاً "7700" كبش و "7700" تيس. ويظهر إن "العرب" المذكورين، هم من الأعراب النازلين في "يهوذا" ومن الأعراب الذين يفدون عليها للاتجار ة وإلا فلم يدفع الأعراب الساكنون في خارج "يهوذا" جزى أو هدايا لملكها، وليس له سلطان عليهم? وقد ترجمت لفظة "عربايم" العبرانية بلفظة "عربان" في ترجمة "جمعية التوراة الأمريكانية" للتوراة إلى العربية. أما "الترجمة الكاثوليكية" فقد ترجمتها بلفظة "العرب". أما المراد من النص العبراني، فهو "الأعراب لأن لفظة "عرب"، لم تكن تعني يومئذ غلا هذا المعنى.
وتولى "يهورام" "Jahoram" "851-843 ق.م."، الحكم على مملكة "يهوذا" بعد "يهوشافاط". وتذكر التوراة أنه قتل جميع اخوته وبعض رؤساء إسرائيل بالسيف. وأنه أغضب إلهَ "إسرائيل" بأفعاله المنكرة لذلك "أهاج الرب على يهورام روح الفلسطينيين والعرب الذين بجانب الكوشيين، فصعدوا إلى يهوذا وافتتحوا وسبوا كل الأموال الموجودة في بيت الملك مع بنيه ونسائه أيضاً, ولم يبق له ابن إلاّ يهوحاز أصغر منه". وتذكر بعد ذلك أن اللهَ ابتلاه بمرض في أمعائه وبأمراض رديئة "فذهب غير مأسوف عليه، وذفنوه في مدينة داوود، ولكن ليس في قبور الملوك".
ويظهر أن هجوم أيوب على "أورشليم" كان "هجوماً شديداً عنيفاً كاسحاً، بدليل ما جاء في الآية التي أشرت إليها في التوراة، وفي الآية الأولى من "الإصحاح التالي" للإصحاح المذكور: "وملك سكان أورشليم أخزيا ابنه الأصغر عوضاً عنه، لأن جميع الأولين قتلهم الغزاة الذين جاءوا مع العرب إلى المحلة". وفي هذا الهجوم الماحق دلالة على ضعف مملكة "يهوذا" وتضعضع الأمن فيها وعلى التناحر الشديد الذي كان بين السكان حتى أننا لنجد الشعب فرقاً غير متثقفة، وأكثرها تخاصم الحكام.
ويرى "مرغيلوث" "Margoliouth" أن المراد بالعرب الذين بجوار الكوشيين. العرب الجنوبيين، أي سكان اليمن. وذلك لأنهم في جوار "ا لكوشيين" آي الحاميين، السودان، وهم سكان إفريقية، لا يفصلهم عنهم إلا مضيق "باب المندب". ويرى أيضاً أن ذلك الهجوم كان بحراً، مستدلا على رأيه هذا بأن العرب المذكورين سرعان ما تراجعوا إلى منازلهم بغنائمهم وبما حصلوا عليه من أموال، دون أن يكلفوا أنفسهم البقاء في "أورشليم" والاستيلاء على "يهوذا"، وبمساعدة الفلسطينيين للعرب في هجومهم على يهوذا، وقد كان الفلسطينيون يسكنون سواحل فلسطين.
أما "موسل"، فيرى أن "العرب الذين بجانب الكوشيين"، هم العرب النازلون في الأقسام الغربية من "طور سيناء" وعلى حدود مصر، وفي الأقسام الجنوبية من "طور سيناء" وعلى مقربة من "أيلة". وقد كانت "طور سيناء" موطناً قديماً للعرب، وقد أشير في الكتابات المسمارية إلى ملوك عرب، حكموا هذه الأرضين.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق