إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

545 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والثلاثون مملكة تدمر


545

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
        
الفصل الخامس والثلاثون

مملكة تدمر

أفزع تقدم الرومان السريع الزباء ورجالها ولا شك، وأخذت المدن التي كانت تساندها تشكُّ في تمكن الملكة من الدفاع عن نفسها، وشاعت بين الناس قصص عن نهاية تدمر وخرابها بايدي الرومان وعن سقوطها لا محالة، أثرت مع وصول أنباء اعتزام القيصر القضاء على حكم الملكة واخضاع "تدمر" لحكم الرومان. ومن يدري ? فلعل الرومان وأنصارهم وأعوانهم وجواسيسهم هم الذين صنعوها وأذاعوها بين الناس لإماتة همة جيش الملكة وأعوانها، والايحاء إليه انه مغلوب لا محالة وان ارادة الالهة قد قضت بذلك ولا رادّ لها. فكان من بين ما أشيع إن معبد "الزهرة" في "أفقة" " Aphca" أنبأ الحجاج التدمريين الذين حجّوا قبل سنة من سقوط مدينتهم، يستفتون "الزهرة" فيما سيحل بهم في السنة المقبلة بمصير سيئ سيلحق بتدمر، وان كارثة ستنزل بهم، أنبأهم بذلك على عادة المعبد في موسم الحج الذي يلي الموسم الذي سئل فيه السؤال.

وكان من بين ما أشيع تخرّصات زعم أنها صدرت من معبد "أبولو" "Apollo" تنبئ بزوال دولة التدمريين ومشيئة الآلهة بانتصار "أورليانوس" على الزباء، وتخرصات تزعم أن الحبر " يهودا" " R.Juda" تلميذ الحبر "صموئبل" Samuel" تنبأ بها عن تدمر، إذ كان قد قال: "سيحتفل الاسرائيليون في أحد الأيام بعيد، إنه عيد هلال "ترمود" "Tarmud"، انها ستهلك كما هلكت "تمود" " Tamud" وقد هلكت". وورد إن الحبر "أشه" " R.Asche" ذكر "ترمود" " Tarmud" فقال: "ترمود مثل تمود، انهما شيئان لأمر واحد، اذا هلك أحدهما قام الآخر مقامه". ويراد ب "ترمود" مدينة "تدمر".

إلى غير ذلك من تخرصات أوحت بها دعاية الرومان، وأعداء الملكة من يهود ومن قوميات أخرى قهرتها "الزباء" فأذاعتها بين الناس، لافهامهم أن من العبث مقاومة القيصر وجنوده، وان من الخير ترك المقاومة والاستسلام، وأن اليوم الذي ستحرر فيه تلك الشعوب من حكم الملكة آت قريب، لأن ارادة الالهة قضت ان يكون ذلك، ولا رادّ لأمر الآلهة: نعم، لم تصدق الملكة العاقلة الحكيمه بهذه الخرافات، فحاربت. ولكن عقول العامة لم تكن على شاكلة عقل الملكة، لقد أثرت فيها هذه الدعاية، وقضت على معنويات التدمريين الوثنيين الذين يدينون بهذه الخرافاتَ ويؤمنون بها، وما زال من طرازهم خلق كثر في القرن العشرين الميلادي هذا.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق