إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

529 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والثلاثون مملكة تدمر


529

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
        
الفصل الخامس والثلاثون

مملكة تدمر

وقام "أذينة" باصلاحات جمة أظهر فيها أنه لم يكن قائداً قديراً فقط، بل كان إلى ذلك رجل ادارة وسياسة وتسامح أيضاً. فمنع تعصب الوثنيين على النصارى واضطهادهم لهم، ومنح كل طائفة حريتها في ممارسة شعائر دينها، وخوّ ل النصارى حق بناء الكنائس حيثما شاؤوا. وتعقب اللصوص وقطاع الطرق من الجنود الهاربين والمسرحين من الخدمة والصعاليك الذين وجدوا في الاعتداء على الامنين ومهاجمة القوافل والقرى والمدن خير مصدر للحصول على الكسب والمغانم والمال، وقتل "كاليستوس" زعيم الصعاليك الذي اسمال من لا عمل له إلاّ الفتنة والاعتداء على الناس، وبذلك أراح أذينة نفسه وأراح المقاطعات الرومانية من اثر هؤلاء، واطمأن الناس على أنفسهم، وعادوا إلى أماكنهم التي اضطروا إلى تركهم لها بسبب تلك الاعتداء ات التي قام بها من أطلق عليهم الكتاب اسم "الظالمون".

وصمم "امبراطور الشرق" و "ملك الملوك" بعد هذه الأعمال على انتزاع القيصر "والريانوس" من أيدي الفرس، ومحاربة خصمه المتغطرس المتلقب بلقب "ملك الملوك" كذلك. قد يكون حباً في اذلال من استهان به فمزق رسالته أمام أعين رسله، وقد يكون تقرباً للرومان وتودداً إلى القيصر "غاليانوس". والشرقيون مبالغون ويا للاسف في اكرام الغرباء، متزلفون إلى القوي منهم، ولو كان في ذلك هلاك الوطن والرعية. عيّن ابنه البكر " سبتيميوس هيرودس" ""Septimuis Herodes" من زوجته الأولى نائباً عنه في ادارة شؤون الملك، وأخذ هو جيشه وسار به لمحاربة الفرس في أوائل عام " 265" بعد الميلاد. سار به إلى "طيسفون" عاصمة "سابور" فحاصرها أمداً، ويظهر أن "سابور" أظهر استعداده لعقد صلح لولا اشتراط "أذينة" فك أسر "والريانوس"، وهو شرط كان في نظر الفرس جدّ عظيم.

ووقع حادث مهم اضطر "أذينة" إلى تبديل خططه العسكرية وترك حصار"طيسفون". ذلك هو انتهاز "القوط" فرصة محاصرة "أذينة" للمدائن وابتعاده عن آسية الصغرى وبلاد الشام، فعبروا بحر "بنطس" "Pontus" أي البحر الأسود ونزلوا بميناء " هرقلية" "Heraclea" ثم زحفوا على " بتينية" و "فريجية" و "غلاطية" و "قيادوقية"، وكانوا يقصدون من وراء زحفهم هذا التوسع والاستيلاء على آسية الصغرى وبلاد الشام وكل ما يمكن الاستيلاءعليه من بلاد الشرق. فلما علم "القوط" بمجيء "أذينة" هربوا إلى ميناء "هرقلية" مسرعين، ومنه ركبوا الى بلادهم التي جاءوا منها. فقرر عندئذ الرجوع إلى العراق لفتح "طيسفون". وبينما كان "أذينة" في "حمص" لاراحة الجند، أعد وليمة كييرة تذكاراً ليوم ميلاده حضرها قواده وكبار القوم. فانتهز "معنى" "Maeonius" ابن اخيه "خيران" هذه الفرصة، فقتل هو وعصابته عمه "أذينة" وابن عمه "هيرودس" "Herodus"، لاغتصاب عمه منه ملكه الذي ورثه من أبيه. ونادى بنفسه ملكاً على المملكة التي أنشأها وكوّ نها "أذينة" القتيل، وبذلك استرجع حقه من المقتول. ولكن حياة القاتل كما يقول المثل الشرقي لا تطول، وذلك قولهم: "بعثر القاتل بالقتل"، فما كاد يتربع على العرش اياماً حتى انتقمت منه سيوف "حمص"، وألحقته بالعالم الواسع الذي ذهب إليه القتيلان "66 2 - 67 2 م".

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق