520
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الخامس والثلاثون
مملكة تدمر
ويظهر من كتابة عثر عليها في احدى المقابر أن القوافل التجارية كانت تمر في حوالي سنة مئة قبل الميلاد بمدينة "تدمر" في أثناء أسفارها بين مدينة "دورا" "Doura" والشام. وبين الطريق القديم وهذا الطريق، تسكن قبائل عربية من سكان الخيام، أي من النوع المعروف باسم "سكينيته" "Skenita" عند "الكلاسيكيين".
الرومان بهم في جيوشهم، فاستخدموهم في حروبهم في شمال إفريقية. وقد عز على كتابات أثبت انهم كانوا في جملة القوات الرومانية التي كانت في بريطانية. واشتهر التدمريون بفرسانهم كذلك، فقد ألف "أذينة" قوة من القوات الراكبة لمحاربة أعدائه، جهزها بأسلحة واقية من دروع ومن صفائح من المعدن يلبسها الفارس من أعلى رأسه إلى أسفل قدمه، فلا يستطيع عدوّ ه أن يناله باذى، كما درعت الخيل والجمال بصفائح الوقاية، على نحوما كان يفعله الفرس في قوافلهم الراكبهّ في أثناء القتال. وقد اكتسبت هذه القوّ ات شهرة واسعة في حروبها مع الفرس والرومان.
وكان أهل تدمر خليطاً من تجار ومزارعين. أما أطرافها وحواليها، فكانوا أعراباً ورعاةً. وكانت مدينة يونانية ولكنها لم تكن مثل المدن الأخرى المتأثرة بالهيلينية في الشرق، ولم تخضع لنظام المدن اليونانية " Greek Polis"، وكانت خاضعة للرومان وبها حامية رومانية، ولكن خضوعها كان في الواقع صورياً، كما أن الحامية لم تكن شيئاً تجاه أهل المدينة والقبائل المحيطة بها. كانت المدينة بالرغم من الطابع الهليني- الروماني الذي يبدو عليها، مدينة شرقية، الحكم فيها في يد الأسر ذات السلطان في البلدة تحكمها في السلم والحرب. لقد خلقت الاضطرابات السياسية التي حدثت في الشرق لضعف الحكومات الكبرى وانحلالها وانقسامها إلى "ملوك طوائف". جماعة من الحكام السادات "Tyrannies" تزعموا القبائل أو المدن، وشاركوا الحكومات في الحكم. ومن هؤلاء الأسرة التي حكمت "تدمر". والأسرة التي حكمت "حمص" "Emesa"="Hemesa". وكانت في تدمر جاليات يونانية ورومانية، أقامت فيها وفضلت السكنى فيها على المواضع الأخرى. أقامت بين أهل المدينة حتى صارت من سكان المدينة، كما كانت فيها جاليات يهودية نزحت اليها في زمن لا نستطيع تعيينه بالظبط، قد يكون قبل سقوط القدس في أيدي الرومان بأمد للاتجار، قامت بأعمال التبشر بين. السكان، فتهوّ د أناس منهم، ورحل قسم من هؤلاء. المتهودين إلى القدس، ُأقاموا فيها قبل خراب الهيكل بأمدا.
تمكنت هذه المدينة الصحراوية من رفع منزلتها من منزل منعزل في البادية تنزل به القوافل إلى مكانة مدينة من الدرجة الأولى، ومركز ديني خطير لعبادة الأصنام يحج إليه أعراب البادية،وسوق للتجارة تكلست فيه أنفس البضائع وأثمنها وتجمعت فيه رؤوس الأموال والذهب والفضة والجواهر ولا سيما بعد سقوط "بطرا" بأيدي الرومان، وذهاب ملكهم، فانتقلت اسواقهم الي أيدي للتدمريين. وتولت قوافل "تدمر" نقل البضائع بين العراق والشام مخترقة البادية إلى المرافىء العراقية على الفرات. وقد عادت هذه القوافل على المدينة بخيرعميم من أجور الوساطة في البيع والعشراء ومن الضرائب التي تجبيها عن البضائع التي تمر بها أو تباع فيها، والتي يحددها مجلس سادات المدينة. وتتبين مظاهر هذه الثروة في المباني الجميلة المنقوشة والتي تتحدث آثارها عنها، وفي بقايا الهياكل والأعمدة المرتفعة الجميلة المصنوعة من الحجر الصلد المصفوفة على جانب الشارع الكبير من قوس النصر المقام عند المعبد الكبير إلى نهايته في مسافة لا تقل عن "1245" ياردة.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق