48
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثالث
إهمال التأريخ الجاهلي و إعادة تدوينه
ونستطيع إن نعدّ السائح الدانماركي "كارستن نيبور Carsten Niebuhr الذي قام في سنة 1761 للميلاد برحلة إلى جزيرة العرب، أول رائد من روّاد الغرب ظهر في القرون الحديثة، وصف بلاد العرب، ولفت أنظار العلماء إلى المسند والرقم العربية. وقد أثارت رحلته هذه همم العلماء والسياح، فرحل من بعده عدد منهم لا يتسع المقام لذكرهم جميعاً رحلات إلى مختلف أنحاء جزيرة العرب عادت على التاريخ العربي بفوائد جزيلة.
فزار الدكتور "سيتزن" Dr. Seetezen جنوبي بلاد العرب، ويمكن من نقشر صور نصوص عربية جنوبية أرسلها إلى أوروبة عام 1810 م ومنه النصوص على قصرها وغلطها، أفادت في تدوين تاريخ العرب قبل الإسلام إفادة غير مباشرة لأنها لفتت أنظار المستشرقين إليها والى دراسة التاريخ العربي القديم، حتى آل الأمر إلى حل رموز تلك الكتابة ومعرفة حروفها.
وتمكن الرحالة السويسري "ليدويلك بركهارد" Johann Ludwig Burckhard من القيام برحلة إلى الحجاز، فتزيا بزي مسلم اسمه "إبراهيم بن عبد الله" يريد الحج وزيارة مسجد الرسول وقبره. وقد صحب الحجاج في حجهم، ووصف موسم الحج وصفاً دقيقاً، وكتب عن مكة والمدينة كتابة علمية. وقد زار آثار الأنباط وعاصمتهم "البتراء".
وتمكن ضابط إنكليزي يدعى James R. Wellsted من زيارة الأنحاء الجنوبية من جزيرة العرب، ومن الظفر بصور نصوص عربية قديمة قصيرة، ومن استنساخ كتابة حصن "غراب" التي يرجع تاريخها إلى سنة "640" من تاريخ أهل اليمن، وتوافق سنة 525 للميلاد. وبفضل هذا الضابط عرف المستشرقون هذا النص.
وأضاف الرحالة "هوتن" T.G Hutton عددا آخر من الكتابات الجاهلية سنة 1835 إلى ما كان قد عرف سابقاً. وجاء "كروتنون" C ruthenden سنة 1838 م بنقوش أخرى جديدة. وكذلك "الدكتور مكل" Dr. Mackell الذي عاد بخمسة نصوص سبئية، فتوسعت بذلك دوائر البحث قليلاً، وتمكن العلماء بفضل هذه النقوش من حل رموز المسند.
وقد قام الصيدلي الفرنسي "توماس يوسف أرنو" " "Thomas Joseph Arnaud" برحلة إلى اليمن، كانت موفقة جداَ، إذ تمكن بفضل علمه بالعقاقير، من اكتساب صداقة المشايخ والزعماء. وبهذه الصداقة استطاع إن يتجول في بعض أنحاء اليمن ومدنها، ولم يكن ذلك أمراً ميسوراً للغرباء، فزار الجوف و وقف على خرائب "مأرب"، ومكث في مدينة "صنعاء"، أمداً، وزار "صرواح" المدينة الأثرية القديمة، واستنسخ ستة وخمسين نصاً كتابياً قديماً.
وكتب التوفيق لسائح أوروبي آخر، هو الضابط الإنكليزي "Coghlan"، فحصل في سنة 1860 م على عشرين لوحاً برنزياً سليماً عز عليها في أنقاض مدينة "عمران". وقد أرشدت هذه الألواح المعدنية المستشرقين إلى ناحية مهمة من نواحي الفن العربي القديم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق