إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 4 نوفمبر 2015

17 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثاني الجاهلية و مصادر التاريخ الجاهلي 3-الكتب للكلاسيكية


17

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي

الفصل الثاني

الجاهلية و مصادر التاريخ الجاهلي

3-الكتب للكلاسيكية

وأتصد بالكتب " الكلاسيكية" الكتب اليونانية واللاتينية المؤلفة قبل الإسلام. ولهذه الكتب -على ما فيها من خطأ- أهمية كبيرة، لأنها وردت فيها أخبار تاريخية وجغرافية كبيرة الخطورة، ووردت فيها أسماء قبائل عربية كثيرة لولاها لم نعرف عنها شيئا: وقد استقى مؤلفوها وأصحابها معارفهم من الرجال الذين اشتركوا في الحملات التي أرسلها اليونان أو الرومان إلى بلاد العرب،ومن السياح الذين اختلطوا بقبائل بلاد العرب أو أقاموا مدة بين ظهرانيهم، ولا سيما في بلاد الأنباط، من التجار وأصحاب السفن الذين كانوا بتوغلون في البحار وفي بلاد العرب للمتاجرة. وتعد الإسكندرية من أهم المراكز التي كانت تعنى عناية خاصة بجمع الأخبار عن بلاد العرب وعادات سكانها وما ينتج فيها لتقدمها إلى من يرغب فيها من تجار البحر المتوسط. وقد استقى كثير من الكتاّب "الكلاسيكيين" معارفهم عن بلاد العرب من هذه المصادر التجارية العالمية.

وتتحدث الكتب الكلاسيكية جازمةً عن وجود علاقات قديمة كانت بين سواحل بلاد العرب وبلاد اليونان والرومان، وتتجاوز بعض هذه الكتب هذه الحدود فتتحدث عن نظرية قديمة كانت شائعة بين اليونان، وهي وجود أصل دموي مشترك بين بعض القبائل العربية واليونان. وتفصح هذه النظرية، على ما يبدو منها من سذاجة، عن العلاقات العريقة في القدم التي كانت تربط سكان البحر المتوسط الشماليين بسكان الجزيرة العربية.

ومن أقدم من ذكر العرب من اليونانيين "أخيلس" "Aescylus" "525 -456 ق. م"، و " هيرودتس" " 480-425 ق. م" وقد زار مصر، وتتبع شؤون الشرق وأخباره بالمشاهدة والسماع، ودوّن ما. سمعه، ووصف ما شاهده في كتاب تاريخي. وهو أول أوربي ألّف كتابا بأسلوب منمق مبوب في التاريخ ووصل مؤلفه ألينا، وقد لقّبه " شيشرون" "Cicero" الشهير بلقب "أبي التاريخ".

تناول " هيرودتس" تاريخ الصراع بين اليونان والفرس، وان شئت فسمّه "النزاع الأوروبي الأسيوي"، فألّف عن تاريخه. والظاهر أنه لم يتمكن من إتمامه، ففيه فصول وضعت بعد وفاته. وهو أول كاتب يوناني اتخذ من الماضي موضوعا للحاضر ومادة لمناقشة، بعد أن كان البحث في أخبار الأيام السالفة مقصوراً على ذكر الأساطير والقصص الشعبية و الدينية. وهو مع حرصه على النقد والمحاكمة، لم يتمكن أن يكون بنجوة من الأفكار الساذجة التي كانت تغلب على ذلك العالم الابتدائي في ذلك العهد، فحشر في كتابه قصصا ساذجا وحكايات لا يصدقها العقل، متأثرا بعقلية زمانه في التصديق بأمثال هذه الأمور. ومنهم "ثيوفراستوس" "Theophrastus"، "حوالي371-287 ق. م"، مؤلف كتاب "Historia Plantarum" وكتاب "De Causis Plantarum". وفي خلال حديثه عن النبات تطرق إلى ذكر البقاع العربية الني كانت تنمو بها مختلف الأشجار،ولا سيما المناطق الجنوبية التي كانت تصدر التمر واللبان والبخور والأفاويه. و " ايراتو ستينس" "Eratostenes" " 276 -194ق. م". وقد استفاد الكتاب اليونانيون الذين جاؤوا من بعده من كتاباته،ونجد في مواضع مختلفة من جغرافية "سترابون أقوالا معزوّة إليه".

و نضيف الى من تقموا "ديدورس الصقلي" "Diodorus Sicus" "40 ق.م.". وقد ألف بالغة اليونانية تاريخا عاما سماه "المكتبة التاريخية" "Bibliothke Historrike" ، تناول تاريخ العالم من عصر الأساطير حتى فتح "يوليوس قيصر" لأقليم "الغال". وهو في أربعين جزءا، لم يبق منها سوى خمسة عشر جزءا، تبحث في الحقبة المهمة التي تبتدئ بسنة 480ق.م. و تنتهي بسنة 323 ق.م.

ويعوز هذا المؤرخ النقد، لأنه جمع في كتابه كل ما وجده في الكتب القديمة من أخبار ولم يمحصها، وقد امتلأ كتابه بالأساطير، والعالم مع ذلك مدين له إلى حد كبير بمعرفة أخبار الماضين، ولا سيما الأساطير الدينية القديمة.

ومن المؤلفين الكلاسيكيين، "سترابون" "سترابو" "strado" "strabon" "64ق.م-19م" وهو رحالة كتب كتاباً مهما باللغة اليونانية في سبعة عشر جزءا سمّاه "جغرافيا" "Geographica". وقد وصف فيه الأحوال الجغرافية الطبيعية لمقاطعات الإمبراطورية الرومانية الرئيسية، وتاريخها، وحالات، سكانها، وغريب عاداتهم وعقائدهم. وللكتاب شأن كيير، إذ اشتمل على كثير من الأخبار التي لا تتيسر في كتاب آخر. وقد اعتمد فيه على ما ذكره الكتاب السابقون.

وقد أفرد "سترابون" في جغرافيته فصلاً خاصاً من الكتاب السادس عشر ببلاد العرب، ذكر فيه مدائن العرب وقبائلهم في عهده، ووصف أحوالهم التجارية والاجتماعية والاقتصادية،وحملة "أوليوس غالوس" "أوليوس كالوس" "Aelius Gallus" المعروفة لفتح بلاد العرب وما كان من اخفاقه. ولاخبار هذه الحماة التي دونتها "سترابون" في جغرافيته، أهمية خاصة، إذ جاءت بمعلومات عن نواحي من تأريخ العرب نجهلها، وقد شارك هو نفسه في الحملة، وقد كان صديقاً لقائدها، فوصفه وصف شاهد عيان. وقد استهل وصف الحملة بهذه العبارة: " لقد علمتنا الحملة التي قام بها الرومان على بلاد العرب بقيادة أوليوس غالوس في أيامنا هذه أشياء كثيرة عن تلك البلاد.

وممن تحدث عن العرب " بلينيوس" " بليني الأقدم" "Pliny the Elder" "Galus plinius Secundus" المتوفي سنة 79 م، رمن كتبه المهمة كتابه "التاريخ الطبيعي" "Naturalius Historia" في سبعة وثلاثين قسما، وقد نقل في كتابه عن تقسمه، ولا سيما معلوماته عن بلاد العرب والشرق وجمع ما أمكنه جمعه، غير أنه أتى في أماكن متعددة من كتابه بأخبار لم يرد لها ذكر من كتب المؤرخين الآخرين.

وهناك مؤلف يوناني مجهول، وضع كتابا سماه "الطواف حول بحر الأريتريا" "Periplus Maris Erythraei" "The Periplus of the Erythraean Sea" أتمه في نهاية القرن الأول للمسيح في رأي بعض العلماء، أو بعد ذلك في حوالي النصف الأول من القرن الثالث للميلاد في رأي بعض آخر، وقد وصف فيه تطوافه في البحر الأحمر وسواحل البلاد العربية الجنوبية. والظاهر أنه كان عالما بأحوال الهند وشواطئ أفريقية الشرقية، ولعله كان تاجرا من التجار الذين كانوا يطرفون في هذه الأنحاء للاتجار، ولم يعن إلا. بأحوال السواحل. أما الأقسام الداخلية من جزيرة العرب، فيظهر أنه لمَ يكن ملماَ بها إلماما كافيا. وقد ذهب "البرايت" إلى أن الكتاب المذكور قد ألف في حوالي السنة "80" بعد الميلاد. وذهب آخرون إلى أن مؤلفه قد ألفه في حوالي السنة "225" أو "215" بعد الميلاد.

وهناك طائفة من الكتّاب الذين تركوا لنا آثارا وردت فيها إشارات إلى العرب والبلاد العربية، مثل "أبولودورس" "Apollodorus" "المتوفي سنة 140 بعد المسيح". و " بطلميوس" "Claudius Ptolemas" الذي عاش في الإسكندرية في القرن الثاني للمسيح. وهو صاحب مؤلفات في الرياضيات منها " كتاب المجسطي" المعروف في اللغة ا.لعربية. وله كتاب مهم في الجغرافية سماه "Geographike Hyphegesis"، ويعرف باسم "جغرافية بطلميوس". ولهنا الكتاب شهرة واسعة، وقد دُرِّس في أكثر مدارس العالم إلى ما بعد انتهاء القرون الوسطى. جمع فيه بطلميوس ما عرفه العلماء اليونان وما سمعه هو بنفسه ومما شاهده هو بعينه، وقسّم الأقاليم بحسب درجات الطول والعرض. وقد تكلم في كتابه على مدن البلاد العربية وقبائلها وأحوالها، وزيّن الكتاب بالخارطات التي تصور وجهة نظر العلم إلى العالم في ذلك العهد.

وبرى بعض الباحثين أن ما ذكره "بطلميوس" عن حضرموت يشير إلى أن المنبع الذي أخذ منه كان يعلم شيئا عنها، وانه كان قد أقام مدة في "شبوة" العاصمة. ويرون أن ذلك المنبع قد يكون تاجراً روميا، أو أحد المبعوثين الرومان في تلك المدينة، لأن وصف "بطلميوس" للأودية والأماكن الحضرمية يشر إلى وجود معرفة بالأماكن عند صاحبه. أما ما ذكره "بطلميوس" عن أرضق "سبا" و السبئيين، فانه لا يدل،على حد قول المذكورين،على علم بالأماكن، و إجادة لأسمائها، وأن الذي أخذ منه "بطلميوس" لم يكن قد شاهدها.

ومن الذين أوردوا شيئا عن أحوال بلاد العرب "أريان" "Arrian" "Flavius Arrianus" "95 -175م"، وقد ألف كتباً عديدة. منها كتابه "Anabasis of Alexader the Great" في خمسة عشر قسما، وصف في سبعة منها حملات الإسكندر الكبير، وفي الثمانية الأخرى وصف الهند وأحوال الهنود ورحلة القائد "Nearchus" "نيرخس" "أميرال الإسكندر في الخليج العربي". ومنهم " هيروديان" "Herodianus" " 165 - 250 ق. م."، وهو مؤرخ سرياني ألف في اليونانية كتابا في تاريخ قياصرة الروم من وفاة القيصر "ماركوس أوريليوس" إلى سنة 238 م.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق