954
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الحادي والخمسون
فقر وغنى وأفراح ؤأَتراح
وبين الجاهليين أناس عرفوا بالغنى وبالثراء وبكثرة المال، كالذي ذكرته عن بعض رجال مكة.. فقد كان بينهم رجال متخمون شبعون، سكنوا بيوتاً حسنة، زينّوها بأثاث جيد وثر، ولبسوا ملابس الحرير والألبسة الجيدة المستوردة من بلاد الشام واليمن، فأكلوا أكلات الأعاجم وتفننوا في الطبخ، وشربوا بآنية من ذهب وفضة وبلور. وساهموا في قوافل تجارة مكة الجماعية. كما كانت لهم قوافل خاصة بهم، تأتي إليهم بأرباح طيبة. ومنهم من استغل ماله بالربا وبامتلاك الأرض لاستغلالها، كما فعلوا بالطائف، إلى غير ذلك من وسائل اتبعوها في جمع المال.
وكان منهم أناس ذوو حس وعاطفية، فعطفوا على المحتاج وأطعموا الناس، رقة بحالهم أو طلباً للشهرة والاسم. فهم جماعة محسنة على كل حال وكان بينهم من لم يكن له قلب ولا حس، فلم يعرف محتاجاً أو فقيراً ولم يفهم معنى للإحسان على الفقير. فاشتط وأبى وقسى في رباه، ولم يتساهل فيه. ومنهم من أكل أموال اليتامى ومنع الماعون. وإذا باع أنقص في المكيال، ليزيد في ماله. وفي القرآن الكريم آيات في وصف حال هؤلاء الأغنياء، وتقريع لهم وتوبيخ على ما فعلوه: )فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكن(. أي يدفع اليتيم عن حقه، ويقهره ويظلمه. وانهم كانوا لا بورثون النساء ولا الصغار، ويقولون: "انما يحوز المال من يطعن بالسنان، ويضرب بالحسام".
وكان منهم من يبخل بماله فلا ينفق منه على المحتاجين والمساكين،كان منهم من يعتذر عن بخله وحرصه، فيقول: "أنطعم من لو شاء الله أطعمه " فنزلت هذه الآية: )ولا يحض على طعام ألمسكن( فيهم، "وتوجه الذم اليهم. فيكون معنى الكلام: لا يفعلونه إن قدروا،ولا يحثون عليه إن عسروا.
وكان بين الجاهليين فقراء معدمون مدقعون لم يملكوا من حطام هذه الدنيا شيئاً. وكانت حالتهم مزرية مؤلمة. منهم من سأل الموسرين نوال إحسانهم، ومنهم من تحامل على نفسه تكرماً وتعففاً، فلم يسأل غباً ولم يطلب من الموسرين حاجة، محافظة على كرامته وعلى ماء وجهه،مفضلاً الجوع على الشبع بالاستجداء.
حتى ذكر ان منهم من كان يختار الموت على الدنيةّ. والدنيّة، أن يذهب إلى رجل فيتوسل اليه بأن يجود عليه بمعروف. ومنهم من اعتقد. والاتحفاد أن يغلق الرجل بابه على نفسه، فلا يسأل أحداٌ حتى يموت جوعاً. وكانوا يفعلون ذلك في الجدب. قيل كانوا إذا اشتد بهم الجوع وخافوا أن يموتوا أغلقوا عليهم باباً وجعلوا حظيرة من شجرة يدخلون فيها ليموتوا جوعاً.
وكان بعض تجار مكة إذا أفلسوا أو ساءت حالتهم، خرجوا إلى اليبدية سراً، وأقاموا هناك حتى يهلكوا جوعاً. خشية معرة وقوف رجال مكة على حالهم، واشفاقاً على أنفسهم من التوسل بالاغنياء لمساعدتهم. فالموت على هذه السورة أسهل عندهم من الإستجداء. روي "عن ابن عباس" في تفسير "لإيلاف قريش"، قوله: "وذلك أن قريشاً كانوا إذا أصابت واحداً منهم مخمصة، جرى هو وعياله إلى موضع معروف فضربوا على أنفسهم خباء فماتوا".
وكان منهم من رضي وقنع بالدون من المعيشة، فعاش في فقر مدقع. والدقع الرضا بالدون من المعيشة وسوء احتمال الفقر واللصوق بالأرض من الفقر والجوع، فهم ينامون على التراب ويلتحفون السماء. والدوقعة الفقر والذل، وجوع أدقع وديقوع شديد. وهم مثل "بنو غَبٌراء" في الفقر والحاجة، أولئك الذين توسدوا الغبراء واتخذوا التربة فراشاً لهم، لعدم وجود ملجأ لهم يأوون اليه، و لا مكان يحتمون به.
ولم يكن في وسع كثير من الجاهليين الحصول على اللحم لفقرهم فكانوا يأتدمون "الصليب" وهو الودك. زدك العظام. يجمعون العظام ويكسرونها ويطبخونها، ثم يجمعون الودك الذي يخرج منها ليأتدموا به. وقد عرفوا ب "أصحاب الصلب". ولما قدم الرسول مكة "أتاه أصحاب الصلب الذين يجمعون العظام إذا لحب عنها لحمانها فيطبخونها بالماء ويستخرجون ودكها ويأتدومن به "
ولم يكن في استطاعة الفقراء أكل الخبز لغلائه بالنسبة لهم. لذلك عدّ أكله من علائم الغنى والمال. وكان الذي يطعم الخبز والتمر يعد من السادة الكرام. وكان أحدهم يفتخر بقوله "خبزتُ القومَ وتمرتهم "، بمعنى أطعمتهم الخبز والتمر. وقد افتخر "بنو العنبر " بسيدهم "عبد الله بن حبيب العنبري "، لأنه كان لا يأكل التمر و لا يرغب في اللبن، بل كان يأكل الخبز. فكانوا إذا افتخروا قالوا: منّا آكل الخبز. وكانوا يقولون "أقرى من آكل الخبز " لأنه كان جواداً. وذكر أن "كسرى" حين سأل "هوذة بن علي الحنفي " عن غذائه ببلده، قال له هوذة: الخبز. " فقال كسرى: هذا عقل الخبز لا عقل اللبن والتمر ".
وكان منهم من لا يستطيع شراء الملابس ليلبسها، فيستر جسمه بالأسمال البالية وبالجلود، ويعيش متضوراً جوعاً. وقد ذكر أن الفقراء من الصحابة كانوا لا يملكون شيئاً، ويتضورون جوعاً، وينامون في صفة المسجد، يرزقهم الرسول من رزقه، تنبعث منهم روائح كريهة، من عدم الغسيل. ويلعب القمل في شعرهم، ويتنقل على أجسامهم حيث يشاء.
ويظهر أن بعض زعماء مكة قد شعر نخطر ظاهرة انتشار الفقر بمكة، وبما سيتركه الاعتقاد من أثر في مجتمعها، فعمل على معالجة مشكلة الفقر والجوع والتسول، حفظاً لمصالح الأغنياء على الأقل. فهم إن تركوا الفقر ينتشرويتفشى، ولم يعملوا على معالجته، تطاول الفقراء منهم على أموال الأغنياء، وقاموا عليهم وأرغموهم على أخذ أموالهم أو على أن يساهموهم فيه. أضف إلى ذلك ما سيحدثه اعتداء الفقراء على أموال الأغنياء من خوف، ومن فزع في نفوس أهل هذه المدينة المتاجرة، لذلك سعوا لاقناع تجار المدينة على إنصاف الفقراء والمحتاجين ومساعدتهم للتخفيف من شدة الجوع والفقر.
ويظهر ان المخمصة، كانت شديدة، شدة حملت البعض على السطو على أموال الناس وعلى سرقة ما يجدونه أمامهم. ففزع من ذلك أهل مكة، وعمل زعماؤها على التفكير في اتخاذ أقسى العقوبات في حق السارق، فكان أن حكم "الوليد بن المغيرة" بقطع يد السارق، ذكر انه كان أول من حكم بقطع يد السارق فىِ الجاهلية فصار القطع سنّة عندهم.
وكان أن نادى "هاشم"، وهو "عمرو بن عبد مناف" إنصاف الفقراء والمحتاجين وتقديم المعونة لهم، حتى يصير فقيرهم كالكافي، فما ربح الغني أخرج منه نصيبا ليكون للفقراء. وبذلك يخفف من حدة وطأة الفقر في هذه المدينة المتاجرة.
وذكر في تعليل دعوة "هاشم" إلى إنصاف الفقراء ومساعدتهم، انه "كان سيداً في زمانه، وله ابن يقال له: أسد، وكان له ترب من بني مخزوم، يحبه ويلعب معه. فقال له: نحن غداً نعتفد. فدخل أسد على أمه يبكي، وذكر ما قاله تربه.. فأرسلت أم أسد إلى أولئك بشحم ودقيق، فعاشوا به أياماً. ثم إن تربه أتاه أيضاً، فقال: نحن غداَ نعتفد، فدخل أسد على أبيه يبكي، وخبره خبر تربه، فاشتد ذلك على عمرو بن عبد مناف، فقام خطيباً في قريش وكانوا يطيعون أمره، فقال: انكم أحدثتم حدثاً تقلون فيه وتكثر العرب، وتذلون وتعزّ العرب، وأنتم أهل حرم الله جل وعز، وأشرف ولد آدم، والناس لكم تبع، ويكاد هذا الاعتفاد يأتي عليكم. فقالوا: نحن لك تبع. قال: ابتدئوا بهذا الرجل - يعني أبا ترب أسد - فأغنوه عن الاعتفاد، ففعلوا. ثم انه نحر البدن، وذبح الكباش والمعز، ثم هشم الثريد، وأطعم الناس، فسميّ هاشماً. وفيه قال الشاعر: عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
تم جمع كل بني أب على رحلتين: في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام للتجارات، فما ربح الغني قسّمه بينه وبين الفقير، حتى صار فقيرهم كغنيهم، فجاء الإسلام وهم على هذا، فلم يكن في العرب بنو اب أكثر مالاً ولا أعز من قريش، وهو قول شاعرهم: والخالطون فقيرهم بغنيهّـم حتى يصير فقيرهم كالكافي
فلم يزالوا كذلك حتى بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، فقال: "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع" بصنيع هاشم "وآمنهم من خوف" أن تكثر العرب ويقلوا.
وورد أنّ "حكيم بن حزام" كان يقاسم ربحه من تجارته الفقراء وأهل الحاجة والمحاويج. وذكر أن قريشأَ كانت تتراحم فيما بينها وتتواصل. وأن تفسير " لإيلاف قريش"، هو " لتراحم قريش وتواصلهم". فالإيلاف التراحم والتواصل. وذكر أن قريشاً كانوا "يتفحصون عن حال الفقراء ويسدّون خلة المحاويج". ويظهر أن هذا إنما حدث بفعل "هاشم" وبتنظيمه وجمعه وبدعوته تلك. فصار أصحاب القلوب الرقيقة يخرجون منذ يومئذ من دخلهم نصيباً يجمعونه ويوحدونه، لينفقوا منه على من به حاجة من أهل مكة ومن الغرباء.
والإيلاف هو التطبيق العملي لدعوة "هاشم" إلى إنصاف الفقراء والمساكين والمحاويج. فبعقد "الإيلاف" وإجماع قريش على تلبية دعوة هاشم بإخراج نصيب من أموالهم يخصص لمساعدة المحتاج، تمكن "هاشم" من تطبيق دعوته تطبيقاً عملياً، ومن مساعدة المحتاجين. حتى صار عمله سنة لمن جاء بعده. فحسن حال المحتاجين، ونعش فقراء مكة. يؤيد ذلك ما نجده من قول "ابن حبيب": "أصحاب الإيلاف من قريش الذين رفع الله بهم قريشاً ونعش فقراءها".
والرفادة والسقاية، هما من ثمرات دعوة "هاشم"، فالرفادة، هي إقراء ضيوف مكة وإطعام المحتاجين من أهلها. والسقاية إسقاءهم الماء، والنبيذ واللبن.
فلم تقتصر السقاية على تقديم الماء بلا ثمن إلى العطشان والمحتاج إلى الماء. بل اشتملت على تقديم اللبن والنبيذ بل والعسل كذلك إلى المحتاج بلا ثمن. وقد ذكر أن "سويد بن هرمي بن عامر الجمحي"، كان " أول من وضع الأرائك وسقى اللبن والعسل بمكة". وأن "أبا أمية بن المغيرة المخزومي": المعروف ب "زاد الركب"، و " أبا وادعة بن ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم"، "كانا يسقيان العسل بمكة بعد سويد بن هرمي". وكل هذه الأعمال، هي من الأعمال الخيرية النافعة، التي تدل على نفس طيبة، تسعى للتخفيف عن مصاعب الناس، وعن رغبة في مساعدة الفقراء والمحتاجين. فصار في وسع من يقصد البيت الجلوس على أرائك ليرتاح عليها، كما صار في وسعه الحصول على ماء أوسقاء لبن أو ماء معسل، أي محلى، مجاناً إن لم بتمكن من دفع الثمن.
وفي حلف "الفضول" دعوة ل "مواساة أهل الفاقة ممن ورد مكة بفضول أموالهم"، وذلك لمنع الظالمين من أهل مكة من اغتصاب أموال أهل الفاقة والغرياء ممن يرد إلى المدينة وليس لهم من جار ومعين، ومن أهل مكة كذلك.فهو توثيق وتتمة لعمل "هاشم".
ونجد هذه الدعوة الانسانية في مساعدة الجار والفقير في الشعر: في مثل قول الشاعر: يبيتون في المشتى ملاء بطونهم وجاراتهم غرثى يبتن خمائصا
وهو بيت يمثل المثل الجاهلية العليا التي تجسمت في الجوار وفي المروءة والاحسان والحميّة وأمثال ذلك.
ونجد مئل هذه النزعة في قول الشاعر: هنالك إن يُستحبلوا المألُ يُخبِـلـوا وإن يسألوا يعُطوا وإن ييسروا يُغلوا
على مكثُريهم رزق من يعتـريهـم وعند الُمقِلّين السمـاحةُ والـبـذل
وفي قول "الخرِْنق بنت هَفّان" ترثي زوجها "عمرو بن مرثد" وابنها "علقمة بن عمرو" وأخويه حسان وشرحبيل، حيث قالت في جمله ما قالته: والخالطين نحَيِتهم بنضارهـم وذويَ الغنى منهم بذي الفقرِ
والنحيت الدخيل في القوم، والنضار الخالص النسب. فهم قوم كرام، لم يفرقوا بين الدخيل والأصيل، ولا بين الغني والفقير، فنال الدخيل ما عند الأصيل، وشارك ذو الفقر والمدقعة الغني في ماله، وهو أعز شيءعند الإنسان، لأنه أبى أن يستأثر به، وجاره فقير ليس عنده ما يسد حاجته. فمجتمعهم مجتمع "خليط"، و "الخليط: القوم الذين أمرهم واحد"، والمشارك الحقوق. وفي الحديث: الشريك أولى من الخليط. والخليط أولى من الجار. وأراد بالشريك: المشارك في الشيوع.
ونجد فكرة مساعدة الفقير، والاستهانة بالمال بانفاقه على المعوزين، والإنعام به على الفقراء، في أبيات أخرى في مثل: والخالطين غنيّهم بفـقـيرهـم والمنعمين على الفقير المرمل
وفي مثل قول الأعشى: وأهان صالح ماله لفقـيرهـا وآسى وأصلح بينها وسعى لها
وقول الشاعر عمرو بن الاطنابة: والخالطين حليفهم بصريحهم والباذلين عطاءهم للسـائل
وأرى أنّ في ورود لفظة "الخالطين" في هذه الأبيات، بمعنى خلط المال، وتخصيص الأغنياء نصيباً من أموالهم للفقراء، دلالة على أنّ من الجاهليين الأغنياء من كان قد وضع في ماله حقوقاً للمحتاجين، بحيث صاروا كالمخالطين لهم في مالهم، وفي منزلة الشركاء لهم في المال. من دون إرغام لهم ولا إكراه، أو طمع في ثواب دنيوي أو في عالم ما بعد الموت. وذلك غاية الجود والكرم.
وفي شعر للنعمان بن عجلان الأنصاري، إشادة بعمل قومه الأنصار، إذ قَسَّموا أموالهم وديارهم بينهم وبين المهاجرين. فيقول: وقلنا لقوم هاجروا: مرحباً لـكـم وأهلاً وسهلا ً، قد أمنتم من الفقر
نقاسمـكـم أمـوالـنـا وديارنـا كقسمة أيسار الجزور على الشطر
ويذكرنا شعره هذا الذي افتخر فيه بقومه الأنصار بالمؤاخاة، إذ آخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار. بعد مقدمه بخمسة أشهر، وقيل ثمانية أشهر. فكانوا يتوارثون بهذا الإخاء في ابتداء الإسلام إرثاً مقدماً على القرابة. ثم نسخ التوارث بالمؤاخاة بعد بدرْ. والمؤاخاة هي "المخالطة" الجاهلية في صورة أخرى.
وقد كان بين الجاهليين من حبس الحبوس،لتكون وقفاً على الفقراء والمحتاجين وأبناء السببل. ومنهم من ساعد الفقراء والصعاليك بتقديم الخيل لهم للإغارة بها واكتساب الرزق عن طريق الغارات.كالذي روي عن "الريّان بن حويص العبدي" من أنه كان قد جعل فرسه "هراوة" موقوفة على الأعزاب من قومه. فكانوا يغزون عليها ويستفيدون المال ليتزوجوا، فإذا استفاد واحد منهم مالاّ وأهلاً دفعها إلى آخر منهم، فكانوا يتداولونها كذلك، فضربت مثلاً، فقيل: أعزّ من هراوة الأعزاب. وذكر أنها جاءت سابقة طول أربع عشرة سنة، فتصدق بها على العُزّ اب، يتكسبون عليها في السباق الغارات.
ومن تقاليد العرب مساعدة الضال والمنقطع والمعزب، وهو الذي عزب عن أهله فيّ إبله وانقطع عنهم. ومن ذلك ما ورد في الحديث: أنهم كانوا في سفرٍ مع النبي، فسمع منادياً، فقال: انظروا ستجدوه معزياٌ أو م مكلئاً. والتعزب: الابتعاد عن الجماعات بسكنى البادية، وقد نهي عن ذلك في الإسلام. كما أشير إلى ذلك في حديث "ابن الأكوع" لما أقام بالزبذة "أبو ذر الغفاري" قال له الحجاح ارتددت على عقبيك تعزبت.
ومنهم من جعل في ماله صدقة يؤديها إلى الفقراء على وجه القربة الآلهة أو عن دافع انساني أوعن حب للظهور والفخر. ويقال لمن يتصدق على غيره "المتصدق". وهو عمل تطوعي، يقوم به الإنسان اختياراً وتطوعاَ، لمساعددة المعوز والمحتاج.
و "ابن السبيل " هو "ابن الطريق"، الذي قطع عليه الطريق، ولا يجد ما يتبلغ به. والضيف المنقطع به، فيجب أن يعطى ما يتبلغ به إلى وطنه. وقد تتعرض السابلة إلى لصوص الطرق، يسلبونهم ما معهم، وقد يأخذون حتى ملابسهم، فيتعرض مثل هؤلاء للهلاك والأخطار، حتى يتهيأ لهم من له شفقة ورحمة فيغيثهم بما يمكن منه، وقد يحملهم معه.
وكان لفقر الكثير منهم، يصعب عليهم دفع ديونهم، ويماطلون في الأداء حتى انهم كانوا إذا رأوا الهلال، قالوا: لا مرحباً بمحل الدين ومقرب الآجال. وذلك لأنهم كانوا يتواعدون في دقع الديون على مطالع القمر.
ومما زاد في فقر بعضهم، شرب الخمر والمقامرة. فكان بعضهم يفني ماله في شرب الخمر، "وكان الرجل في الجاهلية يقامر على أهله وماله فيقعد حزيناً سليباً، ينظر إلى ماله في يدي غيره، فكانت تورث بينهم عداوة وبغضاً". فعلوا ذلك أملاً في التخلص من ألم الفقر والحرمان باللجوء إلى الخمور لطمس ألم الفقر والذل، والى القمار، أملاً في الكسب والربح، فزادوا بذلك فقرهم، وعرّضوا أنفسهم الى الخسارة.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق