888
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثامن و الأربعون
تغلب
وتقع مواطن فزارة بنجد وبوادي القرى، وانتشروا بعد ذلك - وخاصة في الفتوحات الإسلامية - في مواطن أخرى، وذهبت بطون منهم إلى شمال إفريقية. وكان لحذيفة بن بدر رئيس فزارة اثر خطير في حرب داحس التي وقعت بين عبس وذبيان، و لهم حروب و أيام مع القبائل الأخرى مثل حربها مع عمرو بن تميم ومع التيم ومع هوازن ومع بني جشم بن بكر ومع بني عامر. يذكرها أهل الأخبار في حديثهم عن الأيام. وقد قاد حذيفة بن بدر فزارة، ومرّة يوم النسار، ويوم الجفار، وفي حرب داحس حتى قتل فيها يوم الهبأة. وقد عرف "حذيفة" هذا ب "ربّ معد". وكان ابنه "حصن" من سادات فزارة.
ومن بني مازن بن فزارة: بنو العشراء، "وبنو سيّار بن عمرو الذي رهن قومه بألف بعير، وضمنها لملك من ملوك اليمن، وذلك إن بني حارث بن مرّة، قتلوا ابناً لعمرو بن هند، فرهن سيار قوسه. ومن ولد سيّار، زبّان، و قطبة. ومن ولد قطبة هرم بن قطبة، وهو من حكماء العرب، واليه تحاكم عامر بن طفبل وعلقمة بن علاثة، وكان ممن أدركوا الإسلام.
و أما ولد أعصر بن سعد بن قيس عيلان، فهم: مالك، ومن نسله باهلة، وعمرو وهو غنيّ، وأمهما من هَمْدان، وثعلبة وعامر ومعاوية، وأمهم الطفاوة بنت جرم بن "زبان".
ومن ولد مالك، سعد مناة، وأمه باهلة بنت صعب بن سعد العشيرة من مذحج، وبها عرف سعد مناة ونسله. ومعن بن مالك وهو الذي خلف أباه على باهلة، ومن نسله عمارة بن عبد العزىّ، قاتل عبد الدار بن قصيّ. ومن بطون باهلة بنو قتيبة، ومنهم بنو سهم، وبنو أصمع، و وائل بن معن. وتقع منازل هذه القبيلة في اليمامة في الأصل، ويظن بعض المستشرقين إنها قبيلة "Bahilitae" "Pachylitae" التي ذكرها "بلينيوس". وقبيلة "Bliulaei" الوارد اسمها في جغرافية "بطلميوس".
و أما غّنيّ، فقيلة كانت ديارها في جوار طيء و عند حمى ضَرِيّةَ. ومنها رباج بن الأشل، وابن أخيه ثعلبة قاتل شأس بن زهرة بن خزيمة العبسي. وقيل: إن رباحاً هو قاتل شأس. وكانت لهم ظاعنة ضخمة بالشام. ومن بطون غنيّ عبد، وزبان، وصريم، وضبينة، وبنو عتريف. وكانت لهم حروب مع عبس ومع زيد الخيل. ومن أصنامهم التي عبدوها: اللآت، ومناة، والعُزّى. ومن شعرائهم طفيل بن عمرو الغَنوَي، وكعب بن سعد الغَنَوي.
ومن ولد خصفة بن قيس عيلان: عكرمة، وأمه اخت كلب بن وبرة لأبيه، ومحارب. ومن محارب: عامر بن وهب بن مجاشع المعروف بذي الرمحين، وكان سيّد قومه، وقد غزا باهلة وأوقع فيها، وأسر منها، وسبع الوارث، وهو مالك بن عمرو بن حارثة بن عبد بن سلول الكيدبان، و اسمه عبد الله. القائل لرسول الله: "جملي احب إليّ من ربّك"، والعقب من محارب لصلبه في فخذين: طريف، وجسر.
والفرع الثاني من فرعي خصفة، فرع ضخم كبير بالقياس إلى فرع محارب، فهو يشمل على ولد منصور بن عكرمة، وهم: مازن، وهوازن، وسُليم، وسلامان، وأبو مالك. ومن بني هوازن: بكر بن هوازن، ومن ولد بكر: معاوية، ومنبه، وسعد، ويزيد. وقد قتل معاوية، فجعل عامر بن الظرب العدواني ديته مئة من الإبل. ويقول الأخباريون إن هذه أول دية قضى فيها بذلك، وان لقمان كان قد جعلها قبل ذلك مئة جدي. وفي بني سعد بن بكر ابن هوازن استرضع الرسول. ومن بطون بكر الأخرى: جشم بن معاوية بن بكر، ومنهم بنو جداعة، رهط دريد بن الصمّة، وبنو سلول وهم بنو مرّة ابن صعصعة بن معاوية بن بكر، وعامر بن صعصعة.
وهوازن من القبائل العربية الضخمة، وقد تفرعت منها قبائل كبيرة معروفة كانت لها شهرة بين القبائل. سكنت في مواضع متعددة من نجد على حدود اليمن وفي الحجاز. ويظهر من انتساب هذه القبائل المعروفة الكبيرة إليها، ثم من اقتصار اسم هوازن على قبيلة واحدة فيما بعد، واختصاصها به، إنها كانت في الأصل حلفاً في جملة قبائل، ثم انفصل لعوامل سياسية واقتصادية مختلفة، فلم يبق من ذلك الحلف إلا الرابطة التأريخية التي بقيت في. ذاكرة نسابي القبائل، وهي رابطة النسب. وقد وقعت بين القبائل التي ترجع نسبها إلى هوازن وبين قبيلة هوازن حروب عديدة.
وقد كانت هوازن في جملة القبائل الخاضعة للتبابعة، فلما استقلت قبائل معدّ عن اليمن، كانت هوازن في جملة من استقل من تلك القبائل. ولكنها أخذت تدفع الإتاوة لزهير بن جذيمة سيد عبس من غطفان. فلما قتل زهير، استقلت من غطفان، ولم تدفع الإتاوة إليها. ولما انتهت حرب عبس و ذبيان، وعقد الصلح بين القبيلتين المتنافستين، وقعت حروب وأيام بين بطون غطفان وهوازن، منها: يوم الرقم، ويوم النباع، ويوم اللوى، دارت الدائرة فيها على هوازن، كما وقعت بينها وبين قبائل كنانة وقريش و ثقيف أيام عديدة. وكانت هوازن في جملة القبائل التي قاومت الإسلام. و قد غزاها الرسول، بعد فتح مكة، فتمكن منها، ودخلت في الإسلام ثم ارتدت بعد وفاته، ثم عادت مع التوابين بعد إن غلبهم الخليفة أبو بكر الصديق.
وكان لهوازن صنم يعظمونه في عكاظ اسمه جهِار، سدنته من آل عوف النصرين، تشاركهم في عبادته محارب، وكان في سفح أطْحَل.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق