إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 7 يناير 2016

882 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثامن و الأربعون تغلب


882

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
 
الفصل الثامن و الأربعون

تغلب


وقد أدى اتصال تغلب بالروم وبنصارى العراق والجزيرة وبلاد الشام إلى دخول قسم منهم في النصرانية كمعظم القبائل التي دخلت العراق وبلاد الشام. وهي من القبائل المتنصرة ومن سكان الخيام.

وقد تغلب الشاعر "جابر بن حتى التغلبي"، ويقال انه قال في شعر له مخاطباً بهراء: وقد زعمت بهراء إن رمـاحـنـا  رماح نصارى لا تخوض إلى الدم

وهو بيت من قصيدة يفتخر. فيها بقومه وبشجاعتهم: ومعنى هذا البيت إن صح، إن النصارى لم يكونوا أشداء في الحروب، وانهم لم يكونوا على شاكلة العرب الوثنيين في الطعن والضرب.

ومن ولد تغلب في رأي النسابين: غنم والأوس وعمران. ومن بطون غنم: "الاراقم". و هم جشم و مالك و عمرو و ثعلبة و الحارث و معاوية و هم بنو بكر ابن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب. و منهم: عمرو بن الخنس قاتل "الحارث بن ظالم"، و كان "الاسود بن منذر" ملك الحيرة قد طلب ذلك منه. و منهم "الهذيل بن هبيرة" و كان قد رأس تغلب في الجاهلية. و كان جراراً للجيوش، وأسره يزيد بن حذيفة السعدي.

و من بني "تغلب" "السفاح بن خالد"، و اسمه "سلمة". و كان جراراً للجيوش في الجاهلية. و إنما سمي "السفاح"، لأنه سفح المزاد يوم كاظمة، و قال لأصحابه: قاتلوا فإنكم إن أهزمتم مُتم عطشاً.

و من بني غنم: بنو جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب. و منهم الشاعر: عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم، و من ولده: عبد الله و الأسود، و هما شاعران سيدان. و عَبّاد، و هو قاتل بشر بن عمرو بن عدس.

و منهم "أبو حنش"، عاصم بن النعمان بن مالك بن عتاب ، و هو ابن عم عمرو بن كلثوم. و هو قاتل "شرحبيل بن الحارث" الكندي، و ذلك يوم الكلاب. و منهم "الفدكس" الذين منهم "الأخطل".

و من بني جشم بن بكر بن الحارث، "كليب وائل"، ذو الصيت الشهير في كتب أهل الاخبار شقيق "مهلهل". و "كليب وائل" هو "وائل بين ربيعة بن الحارث بن زهير". و قد ضرب به المثل في العز فقيل "أعز من كليب وائل". و كان والده "ربيعة"، قد قاد مضر وربيعة يوم السلآن إلى أهل اليمن، وأدخله "السكرى" في جملة "الجرارين".

أما السبب الذي حمل "ربيعة بن مرّة بن الحارث بن زهير التغلبي" على مقارعة قبائل اليمن وحروبها، فهر شعور أبناء تغلب بوجوب التخلص من نفوذ اليمن عليها، ومن حكم "زهير بن جناب الكلبي" عليها. فقد زعم أهل الأخبار إن "تغلب" كانت مثل سائر قبائل "معدّ" خاضعة لنفوذ حكّام اليمن، وقد سئمت من جوار الحكّام الذين ينصبهم "التبابعة" عليها، فظهر رجال فيها عزموا على التخلص من ذلك النفوذ، وتكوين حلف قوي. يكبح جماح اليمن يتألف من قبائل معدّ. وكان من بين أولئك الرجال "ربيعة بن الحارث ابن زهر" والد "كليب وائل"، وكانت خطته ضرب اليمن للتخلص من حكم "زهير بن جناب" الذي كان حكّام اليمن قد أقاموه على قبائل معدّ. وجمع قبائل مضر وربيعة تحت زعامة واحدة، وبذلك تتخلص تلك القبائل من تحكم اليمن في شؤونها ومن دفع الإتاوة لها.

ويذكر أهل الأخبار إن "زهير بن جناب" الكلبي القضاعي، كان قد ولى أمر "معدّ" بمساعدة حكام اليمن وتأييدهم له، ويذكر بعض منهم إن "أبرهة" الحبشي هو الذي نصب زهيراً عليها وايده وأعانه على معدّ. وذاك حينما غزا "أبرهة" نجداً وتوسع فيها، فجاءه "زهير" ليتقرب إليه، وليعينه على بعض قبائل معدّ.

وسار "زهير" في حكم معدّ، حتى اشتط وبغى وقسا في جمع الإتاوة، فضجر الناس منه، وهاجمه "زباية" من "بني تيم الله"، وطعنه طعنة ظن انه قد قضى بها عليه. ولكن زهيراً نجا منها، فجمع عندئذ قومه ومن كان معهم من قبائل قحطان وغزا بكراً وتغلب، فانهزمت بكر ثم تغلب، وأسر كليب ومهلهل ابنا ربيعة، وجماعة من أشراف تغلب. فتأثرت قبائل ربيعة من هذه الهزيمة، وعينت "ربيعة بن مرّة بن الحارث بن زهير التغلبي" رئيساً عليها، فحمل ربيعة ومن انقاد إليه على زهير، واسترجع الأسرى ولكن زهيراً لم يلبث إن عاد إلى ما كان عليه من جمع الإتاوة من معدّ.

و كليب وائل، كما يظهر من روايات الأخباريين، رجل صلب قوي، ارتفع نجمه بعد يوم "خزازى" "خزاز" الذي أظهر قوة معدّ لما اجتمعت، فانتخب رئيسا مطاعاً على هذه القبائل، وأعطي الملك والتاج، وبقي على ذلك دهراً، حتى دخله زَهو شديد، فأخذ يبغى على القبائل ويشتط في أخذ الإتاوة منها وفي اتخاذ خيرة الأرض المخصبة ذات المياه الغزيرة مناطق حمى لا يجوز لإبل غيره الرعي فيها، وفي الاستيلاء على مواضع الماء، حتى ضجرت الناس منه وسئمت حكمه وودت لو تمكنت من التخلص من جوره وتعسفه.

قال "ابن الكلبي": لم تجتمع معدّ كلها إلا على ثلاثة من رؤساء العرب، وهم: عامر بن الظرب بن عمرو بن بكر بن يشكر بن الحارث: والثاني ربيعة ابن الحارث بن مرّة بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب، وهو قائد معدّ يوم السلان. وهو كما رأينا والد "كليب". والثالث: كليب بن ربيعة. ويظهر من ذلك انه ورث رئاسة قومه ورئاسة معدّ من والده، وانه زاد في قومه وفي مكانته يوم قاوم قبائل اليمن، وتغلب عليها في "يوم خزاز"، وكانت معدّ تهاب اليمن، و تخضع لملوكها، لذلك كان يوم السلان ويوم خزاز، نصراً معنوياً كبيراً لها، جرأها على الوقوف أمام اليمن، وعلى تحديها. وجعلها تشعر بأنها قوة وأن في إمكانها صد اليمن لو اتحدت قبائل "معدّ" فيما بينها، ووحدت كلمتها تحت رئاسة رئيس قوي قدير.

ويذكر أهل الأخبار إن معداً اجتمعت كلها تحت رايته، وجعلت له قسم الملك وتاجه وتحيته وطاعته، فغبر بذلك حيناً من الدهر ثم دخله زهو شديد وبغى على قومه حتى بلغ من بغيه انه كان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى حماه، ويقول: وحش أرض كذا في جواري، فلا يهاج، ولا تورد إبل أحد مع إبله ولا توقد ناره. وكان إذا رأى أرضاً فأعجبته حماها ومنع الناس عنها، وذلك بأن يطلق جرواً يعوي، فيكون المكان الذي ينقطع فجيه صوت العواء فلا يسمع، هو حد تلك الأرض. قيل ولذلك عرف ب "كليب".

وكان "كليب" قد تزوج "جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة"، وهي أخت "جَسّاس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة".وهي أيضاً من أشراف قومها، و "ذهل بن شيبان" من الأسر المعروفة التي نجد لها اسماً بين الجاهلين.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق