873
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السابع و الأربعون
الخسة و الدناءة
والخسة والدنامة، والخسيس الدنيء والحقير. والدنيئة النقيصة. والسنية الخصلة المذمومة. وهي من المثالب التي تكون في الإنسان. فيزدرى من شأنه ومحتقر بين قومه. ومنها الحسد واللؤم وعدم احترام العرض. والعرب، تتنخى من الدنايا و تستنكف منها.
والحسد من الصفات السيئة التي كرهها العرب. وقد كان الحسد إذ ذاك كثيراً، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر. فكان الفقير يحسد غيره على ما عنده، مهما كان ما عنده قليلا، لأنه لا يملك حتى هذا القليل. وقد بحث "الجاحظ" في الحشد، ووضع رسالة فيه دعاها: كتاب فصل ما بين العداوة والحسد. والحسد عنه شيء مألوف يقع لكل طبقة ولكل إنسان. ومن أسبابه: حبّ الرياسة، ووجود النعمة، و أمور أخرى ذكرها و تحدث عنها. كما تكلم عن مظهر الحسد و أشكاله عند الجاهلين والإسلاميين، وقد جعله فوق العداوة، لأن العداوة تزول بزوال أسبابها، أما الحسد، فإنه دائم باق.
و "الج بن"، من الصفات التي يعير "الجبان" بها. وهو الذي لا يحب القتال ولا يستعمل سيفه. ولما كانت الحياة عند للعرب حياة قتال صارت الشجاعة في الإنسان صفة من صفات التكريم والتعظيم والتقدير، عكس "الجبن"، وينظر الناس إلى "الجبان" نظرتهم إلى النساء، بل هو عندهم دونهن شأناً. لأن المرأة ولدت وفي طبعها اللين والاستسلام، أما الرجل فقد خلق للعراك والقتال، وقد حفظ أهل الأخبار قصصاً عن الجبناء وعن، تحايلهم في سبيل تخليص أنفسهم من القتال ومن استعمال السيف. وقد اتهموا بتهم منها: انهم كانوا ينتابهم "الضراط" عند شعوبى هم بخوف و بأصوات السيوف. حتى، استخفت النساء بهم من أجل ذلك. قيل في المثل: أجبن من المنزوف ضرطاً. ومن ذلك إن نسوة من العرب لم يكن لهن رجل، فتزوجت إحداهن رجلا كان ينام الصبحة، فإذا أتينه بصبوح، قلن قم فاصطبح، فيقول: لو نبهتُنَّي لعادية، فلما رأين ذلك. قال بعضهن لبعض: إن صاحبنا لشجاع، فتعالين حتى نجربه، فأتينه كما يأتينه، فأيقظنه. فقال: لو لعادية نبهتني. فقلن هذه نواصي الخيل. فجعل يقول: الخيل الخيل و يضرط ، حتى مات. إلى غير ذلك من قصص يروج الأخباريون.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق