إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 7 يناير 2016

853 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع و الأربعون رؤوس وأذناب


853

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
 
الفصل السابع و الأربعون

رؤوس وأذناب


ونجد التفاوت الاجتماعي في ذروته عند العرب الجنوبيين كما بينت ذلك من إيرادي للمصطلحات الاجتماعية المتقدمة. ويقع هذا التفاوت في الدولة وفي المجتمع عند الحضر وعند "اعربن" الأعراب. ويقع بين القبائل كما يقع في القبيلة الواحدة. فالقبائل أيضاً منازل ودرجات. وعلى رأس القبائل القبيلة التي ينتسب لها المكربون أو الملوك. مثل "معين" و "سبأ" و "قتبان" و "حضرموت" و "أوسان". ولهذا ذكرت مع الآلهة والحكّام ونسبت إليها الحكومات. ثم ذكر بعدها القبائل الأخرى التي هي أقل أهمية منها. أما في القبيلة الواحدة، فنجد تفاوتاً بين أبنائها، وقد رتبوا وصنفوا في درجات ومنازل. أعلاها عند السبئيين مثلا أعضاء ال "مزود" و "حسود?"، أصحاب المشورة والرأي والذين يستشيرهم الملوك، وهم طبقة ممتازة كانت فوق القانون، ذات امتيازات خاصة. يليها أصحاب الأملاك والأرض والمال المسمّون ب "مسحنين" في السبئية، و ب "طبنن" في القتبانية. ثم تليها طبقات أخرى تتدنى حتى تصل إلى أشفل، وهي طبقة "الادومت" "ادم": طبقة "الاوادم" أي الخدم.

ويعدّ المقربون إلى الملوك من أشراف الناس ومن أصحاب الحظوة والجاه. وهذا شيء طبيعي، بالنسبة لكل مكان وزمان، فالذي يصل إلى الملك أو الحاكم لا بد وان يكون من ذوي الجاه والمنزلة والمكانة. وقد عرف من اختص بالملوك ب "أصفياء الملوك" وب "أحباء الملك" وب "ندماء الملوك"، وهم من الخاصة بالطبع. و يعبر عنهم ب "مودد ملكن" في العربيات الجنوبية.

وأدنى الطبقات منزلةَ في المجتمع ؛ هي طبقة العبيد، هي طبقة تقوم بالخدمة وبسائر الأعمال التي يأنف الإنسان الحر من ممارستها. وقد يكون معظم أفرادها من الزنوج المستوردين من إفريقية. و أما الباقون فمن الرقيق الأبيض المستورد من أسواق العراق ومن أسواق بلاد الشام.، قد كان العبيد ملكاً يباع ويشترى بيع الأموال المتقولة، ويتصرف صاحب العبد به تصرفه بملكه الخاص، ولم يخول القانون العبد حق إبداء رأيه في مستقبله في أي حال من الأحوال، لأنه ملك، وبضاعة مملوكة، وكالماشية، وان كان إنساناً حيّاً له ما لكل إنسان من روح و إدراك وشعور.

ويعرف العبد بلفظة "عبدم" في الكتابات العربية الجنوبية، أي "عبد". وبلفظة "عبدن"، أي "العبد". وتشمل كل العبيد، مهما اختلفت ألوان بشرتهم. وترد هذه اللفظة في عربية القرآن الكريم كذلك، وفي سائر اللهجات العربية الأخرى مثل اللهجة "اللحيانية"؛ كما ترد في لغة بني إدم "عبدو" وفي اللغة العبرانية. وتستعمل اللفظة للتعبير أيضاً عن العبودية المعنوية، مثل نسبة. عبودية الإنسان إلى الآلهة أو للملوك أو الكبار وللأشراف والسادات.

وتؤدي لفظة "قن" معنى عبد ؛ أما "قنت" "قنيت" "قنية"، فتؤدي معنى عبدة. وردت بهذا المعنى في الكتابات الصفوية. وتعبر عن طبقة العبيد التي كانت منتشرة في كل أنحاء جزيرة العرب، وفي كل، أنحاء العالم إذ ذاك. إذ كانت القوانين الحكومية والقوانين الدولية تعدّ الاتجار ببيع الرقيق تجارة مشروعة وتعدّ العبد ملك يمين لصاحبه، متى ابق جاز لصاحبه ومالكه قتله. وهو ملك مثل أي ملك، وحق الملكية حقّ مقدس مصون.

و "القن" في عربية القرآن: العبد الذي مُلك هو وأبواه. وعرف انه العبد الذي ولد عندك، ولا يستطع إن يخرج عنك. وورد "لم نكن عبيد قن، انما كُنا عبيد مملكة". وقيل: عبد قن الذي كان أبوه مملوكاً لمواليه، فإذا لم يكن كذلك فهو عبد مملكة. فالقن إذن هو عبد بالولادة، وقد ورثه سيده ؛ فهو عَبْد عبدٍ، أو عبدُ عبيدٍ.

و "القي المملوك، فهو في ملك سيده.وقد اقتني وصار في مقتنيات مالكه، فهو من طبقة المملوكين. ومن هذه الطبقة المملوكة جماعة عرفت ب "رب ملكن" "ربب ملكن" "ربيب الملوك" "ربيب الملك"، بمعنى "عبد الملك" و "عبيد الملك".

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق