إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 5 يناير 2016

843 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس و الأربعون أنساب القبائل


843

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
 
الفصل السادس و الأربعون

أنساب القبائل

وأما طيء، فإنها من ولد جلهمة بن أدد بن يشجب بن عريب بن زيد كهلان، ويذكر الأخباريون إنها كانت باليمن، ثم خرجت على اثر الأزد إلى الحجاز، ونزلوا سميراً وفيداً في جوار بني اسد، ثم استولوا على اجأ وسلمى وهما جبلان من بلاد اسد، فأقاموا في الجبلين حتى عرفا بجبلي طيء.

وتفرقت طيء إلى بطون عديدة، يرجع أصولها النسابون كعادتهم إلى آباء وأجداد، ومن هؤلاء جديلة، وتيم الله "بنو تيم" وحيش والأسعد، وقد جلا هؤلاء عن الجبلين. و بحتر بن عتود، وبنو نبهان، وبنو هنيء، وبنو ثعل والثعالب. وهم بنو ثعلبة بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيء، وهم في طيء نظير الربائع في بني تميم. وبن بني ثعلبة بن جدعاء تيم بن ثعلبة، وعليهم نزل امرؤ القيس بن حجر، وعمرو بن ثعلبة بن غياث، و كان على مقسمة عمرو بن هند يوم اوارة، و بنو لأم بن ثعلبة.

ويذكر الأخباريون إن طيئاً بعد إن بلغت جبلي اجأ وسلمى، شاهدت هناك شيخاً كان مع ابنته يمتلكان جبلي اجأ وسلمى، وقد ذكرا لطيء انهما من بقايا صحار، وذكروا إن لغة طيء هي لغة هذا الشيخ الصحاري. وقد أوجد الأخباريون هذه القصة تفسيراً لبعض المميزات اللغوية التي امتازت بها لهجة طيء. وصحار أسم موضع واسم بطن من قضاعة أيضاً. وقد أخذت بطون قضاعة مواطن طيء في الشمال، واختلطت بعض بطون طيء بقضاعة. فهل عنى الأخباريون بصحار هذا البطن من قضاعة، و لا سيما إذا تذكرنا إن علماء اللغة يذكرون وجود التلتلة في لغة طيء، وقد نسبوا التلتلة إلى قضاعة كذلك? ولا يستبعد إن يكون لأسطورة الأخباريين عن الشيخ الصحاري، شيء من الواقع، كأن يشير ذلك إلى صلة صحار بطيء.

ويذكر الأخباريون إن الرئاسة في الجاهلية على طيء كانت لبني هنيء بن عمرو ابن الغوث بن طيء، وهم رمليون واخوتهم جبليون، ويعنون بذلك إنها كانت تنزل البوادي، لا جبلي طيء. ومن ولده اياس بن قبيصة بن أبي غفر بن النعمان بن حية بن سعنة بن الحارث بن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن سفر بن هنيء بن عمرو بن الغوث بن طيء الذي ولي ملك الحيرة بأمر كسرى. كما سبق إن أشرت إلى ذلك في الفصل الخاص بتأريخ الحيرة وكان له شأن يذكر عند الفرس.

وكان لطيء جد هذه القبيلة من الولد: فطرة، والغوث والحارث. فأما وبد الحارث فدخلوا في مهرة بن حيدان. وأما ولد فطرة، فمنهم: جديلة، وولد خارجة بن سعد بن فطرة، وتيم الله، وحيش، و الأسعد ومن نسل هؤلاء تفرعت سائر بطون طيء.

ومن بني الغوث بن طيء بنو ثعل، ومنهم سلامان وجرول. ومن بني سلامان بحتر، ومعن، وهما بطنان ضخمان، و جرول بن ثعل. ومن بني جرول ابن ثعل ربيعة بن جرول. وهم بطن ضخم، ولوذان بن جرول بن ثعل. ومن بني ربيعة بن جرول اخزم والنجد. والأخزم بطون عديدة، ومنها عدي بن اخزم، ومن رجالها حاتم الطائي المعروف بجوده. وعمرو بن الشيخ وكان أرمى الناس في زمانه.

وفي استطاعتنا إن نقول عن طيء، وان كنا لا نعرف شيئاً يذكر من تاريخها في الجاهلية، إنها كانت ذات مكانة خطيرة في تلك الايام، بدليل إطلاق اسمها عند بعض الكتبة الكلاسيكيين وعند الفرس والسريان وعند يهود بابل، على جميع العرب كما أشرت. إلى ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب. ولا يعقل إطلاق اسم هذه القبيلة على جميع العرب لو لم تكن لها منزلة ومكانة في تلك الأيام، ولو لم تكن قوية كثيرة العدد ممعنة في الغزو ومهاجمة الحدود، حتى صار في روع السربان إنها أقوى العرب، فأطلقوا اسمها عليهم. وبدليل اختيار الفرس لإياس بن قبيصة، وهو من طيء لتولي الحكم في الحيرة مرتين، ولا بد إن يكون لمركز قبيلته سند قوي أسنده في الحكم. وليس بمستبعد إن تكون قبائل قضاعة قد حله محل طيء في الشمال مما اضطر الاخيرة إلى التزحزح من أماكنها والدخول في غيرها والاكتفاء بمنطقتها في جنوب النفود. أي في جبلي طيء.

وبالرغم من انتزاع طيء لجزء من أرض بني أسد، وهم من مضر، وسكناهم فيها، فإن بني أسد وكذلك بني ضبة التي كانت قد تحولت عن بني تميم إلى طيء، انضموا إلى طيء وساعدوها في الحرب التي وقعت بينها وبين بني يربوع، وهم من تميم، تساعدهم بنو سعد. وانتهت بهزيمة بني يربوع في موضع "رجلة التيس". ولكن ذلك لا يعني إن العلاقات بين بطونَ طيء وأسد كانت حسنة دوماً، وثيقة لم يعكر صفوها ما يقع عادة بين القبائل من حروب. فقد وقعت بين القبيلتين حروب كذلك. منها: الحرب التي وقعت بالخص في العراق على مقربة من ناحية الكوفة. وقد انتهت هذه الحرب كما تنتهي الحروب الأخرى. بتصفية حسابها بدفع الديات وبعقد صلح.

وقد، وقعت بين عبس و طيء جملة غزوات. قضت إحداها على حياة "عنترة ابن شداد"، البطل الأسود الشهير. أغار عنترة مع قومه على بني نبهان من طيء، وهو شيخ كبير، قد عبثت به يد الدهر، فجل يرتجز، وهو يطرد طريدة لطيء. فانهزمت عبس. وأصيب عنترة بجرح قضى عليه. وهناك رواية أخرى في مقتل بطل عبس.

وفي رواية للإخباريين إن ابن هند ملك الحيرة أغار على إبل لطيء، فحرض زرارة بن عدس، عمرو بن هند على طيء، وقال له انهم يتوعَّدونك، فغزاهم فوقعت بسبب ذلك جملة حوادث تسلسلت إلى يوم أوارة. وكان عمرو ابن هند كما يقول الأخباريون قد عاقد الحيّ الذي غزاه على إن لا ينازعوا ولا يفاخروا ولا يغزوا، فلما غزا عمرو بن هند اليمامة، ورجع، مرّ بطيء، انتهز زرارة بن عدس - وكان كارهاً لطيء مبغضاً لها - هذه الفرصة، وأخذ يحرضه على غزوها، ويشجعه عليه. وما زال به على ذلك، حتى. غزاها، بعد آن بلغه هجاء الشعراء الطائيين له، لإصابته بعض النسوة من طيء. فتمكن منها م وأخذ جملة أسرى، من بطن "أخزم"، وهم رهط حاتم الطائي.

وكانت صلة هذه القبيلة بالفرس حسنة، ولما أراد، الملك النعمان الالتجاء إليهم والدخول فيهم ليمنعوه من الفرس، لمصاهرته لهم، وأخذه زوجتن هما فرعة بنت سعد بن حارثة بن لام وزينب بنت أوس بن حارثة بن لام منهم، لم تقبل طيء جواره ولا مساعدته، وقالت له: "لولا صهرك قاتلناك، فإنه لا حاجة لنا في معاداة كسرى". و قد جعل كسرى إياس بن قبيصة على الرجال من الفرس والعرب في حرب بكر بن وائل في معركة ذي قار.

ويظهر من روايات الأخباريين إن رؤساء طيء كانوا يحكمونها، وكانوا يلقبون بملك. فقد ذكروا إن عدي بن حاتم الطائي كان رئيس طيء في أيام الرسول، وكان مالكاً عليهم يأخذ منها المرباع. فلما جاءت خيل الرسول إليه. بقيادة علي بن أبي طالب، فرّ إلى الشام، ثم ترك الشام، وذهب إلى الرسول فأسلم.

أما صنم طيء، فكان "الفلس"، وكان بنجد، قريباً من فيد. وسدنته من بني بولان. هدمه علي بن أبي طالب بأمر النبي، وكانت طيء قد قلدت الصنم سيفين يقال لأحدهما مخذم و للآخر رسوب، أهداهما إليه الحارث بن أبي شمر، فأخذهما عليّ بن أبي طالب. وتعبدت طيء لصنم تخر هو "رضى". كما تعبدت لصنم ثالث هو سهيل.

ومذحج من القبائل اليمانية الكبيرة، وقد تفرعت منها قبائل كبيرة كذلك. وتنتسب إلى جدّ أعلى لها، هو مذحج. وهو مالك بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بن زيد بن كهلان، وأبو عدة أولاد، هم: جلد بن مذحج، ويحابر. وهو مراد: وزيد. وهو عنس، وسعد العشيرة، ولهيس بن مذحج.

وأمهم كلهمِ سلمى بنت منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر.

ومن بني عَنسْ بن مذحج: عمّار بن ياسر الصحابي المعروف، والأسود العنسي المتنبي.

و لمذحج مثل القبائل الأخرى أيام. منها يوم فيف الريح ويوم السلان. وهو لربيعة على مذحج. وسأتحدث عن أيام مذحج في الفصل الخاص بأيام العرب قبل الإسلام.

ويشير هذا النسب الذي يذكره النسابون إلى وجود صلات قديمة وثيقة بين مراد و خثعم، وبين مجموعة القبائل المعروفة بمذحج. وهم أبناء اخوة على رأي النسابين.

ويذكر الأخباريون إن مواطن مراد القديمة هي في الجوف، في منطقة رملية جرداء. ويظهر إنها كانت متبدية وكان معبودها الصنم يغوث، الصنم الذي تعبدت له مذحج كذلك. روي إن الصنم يغوث، كان لمذحج كلها. وكان في أنعم، فقاتلتهم عليه. غطيف من مراد، حتى هربوا به إلى نجران، فأقروه عند بني النار من الضباب، من بني كعب، و اجتمعوا عليه جميعاً.

ويذكر الأخباريون إن المنذر بن ماء السماء حينما بغى على أخيه عمرو، هرب عمرو إلى مراد، فاحتفلت به، وعينته رئيساً عليها. غير انه اشتدّ عليها حينما تمكن وقويَ أمره، فغدرت به وقتلته. لذلك غزاها عمرو بن هند، وقتل قتلة عمرو.

وكانت بين مراد وهمدان حرب، وقعت في عهد لم يكن بعيداً عن الإسلام. عرفت بيوم الرزم، انتصرت فيها همدان على مراد. وكان رئيس مراد أيام الرسول فروة بن مسيك المرادي. وقد استعمله الرسول على صدقات مراد و زبيد ومذحج، فاستاءت زبيد ومذحج من ذلك. وارتد عمرو بن معديكرب في مرتدين من زبيد ومذحج. فاستجاش فروة النبي، فوجه إليهم جيشاً، هزم المرتدين.

و قبيل الإسلام كان هبيرة بن المكشوح بن عبد يغوث رئيساً بارزاً على مراد، وقد عدّه الأخباريون من "الجرارين" في اليمن، ويقصد بالجرار من ترأس ألفا في الجاهلية. وقد كان ابنه قيس من رؤساء مراد البارزين عند ظهور الإسلام. وهو الذي قتل الأسود العنسي. وكان هناك رئيس آخر على مراد عند ظهور الإسلام هو فروة بن مسيك المتقدم ذكره، كان كذلك من الجرارين.

وأشهر أولاد محابر، وهو مراد، ناجية وزاهر. ومن ولد ناجية مفرج، وكنانة، وعبد الله، ومالك، ويشكر، و ردمان. وقد انتسب ردمان إلى حمير. ومن ولد عبد الله غَطِيفٌ، وهم بطن. ومن نسل ردمان قرين ونابية، وهما بطنان. ومن بني زاهر قيس بن المكشوح، و بنو الحصين والربض والصنابح وهما بطنان.

وأولاد سعد العشرة كثيرون، تفرعت منهم قبائل وبطون، ويذكر الأخباريون إن سعد العشيرة كان رجلاً كثير الأولاد حتى انه كان إذا ركب ركب معه ثلاث مئة فارس من صلبه. والظاهر إنها كانت من القبائل الكبيرة، وأظن إنها كانت تحتمي بصنم هو "سعد العشيرة"، ثم نسبته فتصور أبناؤها انه إنسان، وانهم من صلبة منحدرون، وليس هذا بأمر غريب، وقد ذكرت أمثلة من هذا القبيل، ومنه "تالب" صنم همدان المذكور في المسند، الذي صيره النسابون جدّاً من أجداد همدان.

ومن أولاد سعد العشرة: الحكم، والصعب، ونمرة، و جعفي، وعائذ الله، وأوهن الله، وزيد الله، وأنس الله، والحرّ. ومن البطون المتفرعة من هؤلاء الدئل، وهم من نسل الحكم، وقد دخلوا في تغلب. وأسلم. ومن جعفي مرّان وحريم أما بنو صعب فأشهرهم أود ومنبه، ويسمى أيضاً بزبيد. ومن نسل زبيد مازن، وهم بطن ومن قبيلة أود الأفوهُ الأودي الشاعر المعروف.

وأبين بطون جلد بن مالك بن أدد، أي جلد بن مذحج، بنوُ علة بن جلد. ومن أولاد عُلة: عمرو، وعامر، وحرب تفرغت جملة قبائل أظهرها: النخع بن عمرو بن علة. وبنو الحارثي. بن كعب بن عمرو بن علة، ورهاء وهو ضبة بن الحارث بن عُلة، و صداء وهم من نسل يزيد بن حرب ابن علة.

وقد تحالفت منبه والحارث والعلاء "العلى" وسيحان "سيحان" "سنجان" وهفان وشمران، وهم ولد يزيد بن حرب بن علة بن جلد على بني أخيهم صداء ابن يزيد بن حرب، فسُمّوا جَنبْاً، لأنهم جانبوا. عمهم صداء، و حالفوا بني عمهم بني سعد العشيرة. ومن جنب، معاوية الخير الجنبي، صاحب لواء مذحج في حرب بني وائل، وكان مع تغلب.

أما صداء، فحالفت بني الحارث بن كعب . و من بني منبته، كان معاوية ابن عمرو بن معاوية بن الحارث بن منبه بن يزيد الذي تزوجّ بنت مهلهل بن ربيعة التغلبي.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق