834
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الخامس والأربعون
الوفاء
وعلى الإنسان الوفاء لأهل عصبيته، ليس له مخالفتهم ولا معاكستهم مها كانت درجة الخلاف بينه وبينهم، لأنه واحد، وهم جماعة، إن أصابه ضيم فلا بد لجماعته من مواساته و من الانتصار له مهما كانت أسباب الفرقة.وما يصيب جماعته سيصيبه، وما سيصيبه، سيؤثر في جماعته حتماً، فيجعلها إلى جانبه في الأخر.
وهل أنا إلا من غَزِيِةَ إن غوت غَوَيْت وإن تَرشُدْ غَزيّةُ أرشد
وهي في الأخر كما بقول الشاعر "المتلمَّس" لشخص ظن انه منتقل عنهم لخلاف وقع بينه و بينهم: أمنتقلاً من نصر بهثة خلِتـنـي ألا إنني منهم وان كنت أينـمـا
ألا إنني منهم وعرضيَ عرضهم كذِي الأنف بحمي أنفه إن يصلّما
فإذا أعطى رجلٌ رجلاً عهداً، فلا يسعه إن يغدر به، ولا بد له من المحافظة على الجهد وما برح العرب يحافظون على عهودهم حتى اليوم. وقد يضحي الإنسان بنفسه على إن يخدش سمعته فيوسم بالغدر. وكانوا في الجاهلية إذا غدر الرجل رفعوا له في سوق عكاظ لواءً ليعرفوه الناس. وقد ورد: "إن لكل غدرة لواء" ونصب. اللواء في المواضع العامة وفي المواسم للإشارة إلى غدر شخص بشخص آخر من أشهر الأشياء عند العرب.
والى هذا اللواء أشار "الحادرة"، "قطبة بن أوس" إذ قال: أسمي ويحك هل سمعت بغدرةٍ رفع اللواء لنا بها في مجمع
و إذا غدر الرجل بجاره، أوقدوا النار بمنى أيام الحج على أحد الأخشبين، ثم صاحوا: "هذه غدرة فلان" ليحذره الناس. وقد قيل لهذه النار: نار الغدر.
وربما جعلوا للمغادرِ مثالاً من طين، ينصبونه ليراه الناس، وكانوا يقولون: إلا إن فلاناً قد غدر فالعنوه. جاء في الشعر: فلنقتلن بخالد سَروَاتكم و لنجعلن لظالمٍ تمثالا
فهدا التمثال، هو تمثال الغدر والخيانة، نصب ليقف الناس على خبر غدر الشخص الذي نصب له.
وقد عاب الناس الغادر و عيرّوا به فإذا شتموا شخصاً قالوا: يا غُدرَ ! وقد جعلوا الذئب من الحيوانات الغادرة، فقالوا: الذئب غادر، أي لا عهد له. كما قالوا: الذئب فاجرا.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق