826
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الخامس والأربعون
التخالع
و إذا أراد المتحالفون إنهاء حلفهم وعهدهم الذي تعاهدوا عليه بينهم، أعلنوا عن ذلك، وكتبوا به كتاباً، ليكون مشعراً بتخالعهم، و انهم نقضوا الحلف الذي كان بينهم، فتسقط بذلك كل مسؤولية تولدت عن الوفاء بذلك الحلف أو العهد، فلا يطالب طرفٌ الطرف الثاني بالوفاء به. ورد في كتب اللغة: و تخالعوا:. نقضوا الحلف والعهد بينهم وتناكثوا.
ويكون التخالع باتفاق الطرفين عليه، وبرضائهما عنه. أما إذا نكل طرف واحد بتنفيذ ما جاء في الحلف، أو أعلن عن انسحابه منه ساعة الحاجة إليه، كأن يتبرأ منه في وقت يكون فيه حليفه في شدة وضيق، عدّ ذلك غدراً وخيانة، لتلكؤه عن تنفيذ ما اتفق عليه. وليس الغدر من سجايا إنسان شريف.
وقد كان للحلف أثر مهم في تلاحم الأنساب وفي انفكاكها وتجزئها، وطالما نقرأ في الكتب عبارات تشير إلى تلاحم الأنساب وتداخلها بسبب العوامل المتقدمة. مثل: "ومنهم سليم بن عباد. كان حليفاً لأبي طالب. وولده اليوم يدعون في آل أبي طالب".
و الأحلاف بنوعيها أحلاف القبائل وأحلاف الأفراد قد لا تدوم أمداً طويلاً، ولا سيما أحلاف القبائل، فالقبائل في تنقل وحركة، ومصالحها وضرورات الحياة عندها متغيرة غير ثابتة، وهي قلقة غير مستقرة. وأحلاف تقوم على مثل هذه الأسس لا يمكن إن تدوم وتعمر، ولا سيما إذا ما تشتت شمل الحلف، وتنقلت قبائله، وتحولت إلى أماكن بعيدة. فتضعف الروابط والصلات التي تجمع بين شملها، ثم ترخى وتزول ولا يبقى من الحلف غير الاسم. تزول بغير تخالع ولا تقاتل أو تباغض، تزوله لأن الظروف التي دعت إلى عقدها، تكون قد زالت وتغيرت ولأن التباعد قد بَرّدَ من نار الحب التي كانت قد قاربت بين القلوب فجعلها تنسى ذلك الحب، ولا تذكره إلا عندما تتذكره.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق