إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 5 يناير 2016

824 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والأربعون الأحلاف


824

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي

الفصل الخامس والأربعون

الأحلاف


وقد ذكر أهل الأخبار حلفاً سمّوه: "حلف المحرقين"، وزعموا أن المتحالفين تحالفوا عند نار حتى أمحشوا أي احترقوا، وأن "يزيد بن أبي حارثة ابن سنان، وهو أخو هرم بن سنان الذي مدحه زهر، يمحش المحاش، و هم بنو خصيلة بن مرة وبنو نشبة بن غيظ بن مرة على بني يربوع بن غيظ بن مرة رهط النابغة، فتحالفوا على بني يربوع على النار، فسُموّا المحاشّ بتحالفهم على النار. وزعموا أن المحاشَّ القومُ يجتمعون من قبائل شتى، فيتحالفون عند النار.

وذكر علماء اللغة أن "المحاشن": القوم يجتمعون من قبائل محالفون غيرهم من الحلف عند النار. وكانوا يوقدون ناراً لدى الحلف ليكون أوكد. وقد أشير إلى ذلك في شعر للنابغة، إذ يقول: جمع محاشك يا يزيد، فإنني  أعددت يربوعاً لكم، وتميما

قيل: يعنى صرمة وسهماً ومالكاً بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض وضبة بن سعد، لأنهم تحالفوا بالنار، فسمّوا المحاش.

وقريب من هذا ما كانت تفعله قريش حين تعقد حلفاً، فيأخذ الحليف حليفه إلى الكعبة، ثم يطوفان بالأصنام لإشهادها على ذلك، ثم يعود الحليف بحليفه لإشهاد قريش ومن يكون في الكعبة آنئذ على صحة هذا الحلف، وقبوله محالفة الحليف، إذ أصبح وله ما له وعليه ما عليه، وعلى قومه حمايته حمايتهم له وقد ذكرت كتب السيرة والأخبار والأدب طرفاً من أخبار المحالفات التي كانت تعقد بمكة و كيفيتها وبعض المراسيم التي تمت فيها.

ولا تعرف صيغة واحدة معينة لاقي م الذي يقسم به المحالفون. فمنهم من أقسم بالأصنام التي يعبدونها ويقفون عندها حين يعقدون الحلف. ومنهم، وهم أغلب أهل مكة.، من كانوا يحلفون ضد الركن من الكعبة، فيضع المتحالفون أيديهم عليه، فيحلفون. وقد ذكر أن قَسَمَ قريش والاحابيش عند الركن يوم تحالفوا وتعاقدوا، حلفوا "بالله القائل وحرمة البيت والمقام والركن والشهر الحرام على مصر على الخلق جميعاً حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وعلى التعاقد والتساعد على من عاداهم من الناس ما بلّ بحرٌ صوفةٌ، وما قام حراء وثبير،وما طلعت شمس من مشرقها إلى يوم القيامة".

و منهم من أقسم بالآباء والاجداد، لما لهم من مكانة ومقام في نفوسهم. ومنهم من حلف وعقد الحلف عند المشاهد العظيمة، أو في معابد الأصنام، أو عند تجور سادات القبائل المحترمين، فيحلفون بصاحب هذا القبر ويذكرون اسمه على التعاقد والتآزر أو على ما يتفق المتحالفون عليه، وعلى الوفاء بالعهد. وقد روي أن النبي أدرك "عُمَرَ" في رَكْب وهو يحلف بأبيه، فنادى رسول الله: "أما إن الله عزّ وجلّ ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم. من كان حالفاً، فليحلف بالله، أو يصمت".

وفي كتب أهل الأخبار والأدب أسماء قبائل يظهر إنها كانت أسماء أحلاف عقدت في مراسيم خاصة، يمكن الوقوف عليها وتعيينها من دراستها والوقوف على معانيها، مثل الرباب و المحاش وما شاكل ذلك من أسماء.

ومن عاداتهم في عقد الأحلاف ما ذكرته من التحالف على الطيب أو النار أو القسم عند صنم. "وفي حديث الهجرة: وقد غمس حلفاً في آل العاص، أي أخذ نصيباً من عقدهم وحلفهم يأمن به. وكان عادتهم أن يحضروا في جفنة طيباً أو دماً أو رماداً، فيدخلون فيه أيديهم عند التحالف ليتم عقدهم عليه باشتراكهم في شيء واحد". وحلفوا بالملح وبالماء. "قال ابن الأعرابي": "والعرب نحلف بالملح والماء تعظيماً لهما". ومن المجاز "ملحه على ركبته"، بمعنى قليل الوفاء. وحلفوا بالخبز والملح، وعلى من يأكل خبز وملح شخص للوفاء نذلك الشخص. ولا يجوز الاعتداء على من أكل خبز وملح قبيلة. وعليها الدفاع عنه وأخذ حقه ممن ظلمه من أهل تلك القبيلة.

وتدوّ ن الأحلاف أحياناً لتوكيدها وتثبيتها، وتحفظ عند المتعاقدين، وقد تودع في المعابد، كالذي روي في خبر "صحيفة قريش" يوم تم مر للمشركون وتحالفوا على مقاطعة "بني هاشم" في شعبهم، إذ كتبوا صحيفة بما اتفقوا عبيه، ثم أودعوها كما يقول أهل الأخبار جوف الكعبة، وكالذي ورد، من تحالف ذبيان وعبس وتدوينهم ما تحالفوا عليه في كتاب، وتعاهدوا وأقسموا على اتباع ما كتب فيه، والعمل به، والى ذلك أشر في شعر قيس.

ونجد في شعر "زهر": إلا ابلغ الأحلاف عني رسالة  وذبيان: هل أقسم كل مقسم?

إشارة إلى قسم أخذ من المتعاقدين، ليلتزموا الوفاء بما تحالفوا عليه، وهم "الأحلاف". كما نجد في شعر الحارث بن حلزة اليشكري: و اذكروا حلف ذي المجاز وما قد  م فيه العـهـود و الـكُـفـلاءُ

حذر الجور والتعـدّي، وهـل ين  قض ما في المهارق الاهـواءُ

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق