إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 1 يناير 2016

793 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع والأربعون مجمل الحالة السياسة في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام


793

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي

الفصل الرابع والأربعون

مجمل الحالة السياسة في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام

وكان من وجوه "بني عامر بن صعصعة"، عامر بن الطفيل، وأريد بن قيس بن مالك بن جعفر، "أريد بن ربيعة بن مالك بن جعفر"، وجبار بن سلمى بن مالك، وكان هؤلاء رؤوس القوم وشياطينهم. وقد وفدوا على الرسول. ولم يسلم "عامر بن الطفيل"، بل رجع كافراً ومات على الشرك. وكان معجباً بنفسه، جريئاً على الناس، من الفرسان. طلب من الرسول إن يجعل الأمر له من بعده في مقابل إسلامه، أو إن يقتسم معه الحكم على الناس مناصفة، فيكون الرسول حكم أهل الوبر، وله حكم أهل الوبر. فما قال له الرسول: " لا، ولكني أجعل لك أعنة الخيل فإنك امرؤ فارس" قال: أوليست لي? لأملأنها خيلاً ورجالاً. ثم ولى، فلما كان في طريقه إلى منازله مرض وهلك.

وكان "أبو براء عامر بن مالك بن جعفر" المعروف ب "ملاعب الأسنة الكلابي"، بعث إلى رسول الله إن ينفذ إليهم قوماً يفقهّونهم ويعرضون عليهم الإسلام وشرائعه، فبعث إليهم قوماً من أصحابه. فعرض لهم "عامر بن الطفيل" يوم بئر معونة فقتلهم أجمعين. واغتمَّ "أبو براء" لاخفار عامر بن الطفيل ذمته في أصحاب رسول الله، ثم تود بعد ذلك بقليل. وكان سيد "بني عامر ابن صعصعة" في أيامه. و "بئر معونة"، أرض بين أرض "بني عامر" و "حرة بني سُليم"، وهي إلى حرة بني سليم أقرب. وقد استصرخ "عامر بن الطفيل" جماعة من "بني سليم" و "عصية" و "رعلا" و "ذكران" فنفروا معه على المسلمين.

ولما أرسل "أبو بكر" "خالد بن الوليد" إلى "بني عامر بن صعصعة"، لم يقاتلوه ودفعوا الصدقة. وكان "قرة بن هبيرة" القشري امتنع من أداء الصدقة، وأمد "طليحة الأسدي"، فأخذه خالداً، فحمله إلى "أبي بكر" فحقن أبو بكر دمه.

ومن بني "عامر بن صعصعة "، بنو "رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة". ومنهم "عمرو بن مالك بن قيس" الذي وفد على الرسول فأسلم. ومنهم "بنو البكّاء". ووفد وفد من "بني البكّاء" على الرسول كان فيه "معاوية بن ثور بن عبادة بن البكّاء" و "الفُجيع بن عبد الله بن جندح بن البكّاء" و "عبد عمر البكّائي"، وهم الأصم.

وتقع ديار "بني عامر بن صعصعة" في الأقسام الغربية من نجد وتمتد إلى الحجاز. وذكر انهم كانوا يصيفون بالطائف لطيب هوائها، فلما اشتدّ عود ثقيف وقوي أمرهم، منعوهم منها، واستقلوا بها وحدهم.

ويرجع نسب "بني سليم" إلى "قيس عيلان"، وتقع منازلها في مواطن حرار ذات مياه ومعادن عرفت ب "معدن سُليم". وكانوا يجاورون عشائر غطفان وهوازن وهلال. ولخيرات أرضهم ووقوعها في منطقة مهمة تهيمن على طرق التجارة، صارت بنو سليم من القبائل الغنية. وكانت صلاتها حسنة بيهود يثرب، كما كانت صلاتها وثيقة بقريش.. وقد تحالف عدد كبير من رجالات مكة مع بني سليم، واشتغلوا معهم في الاستفادة من المعادن والثروة في أرض سليم.

وقد قدم رجل من "بني سليم" اسمه "قيس بن نسيبة"، على الرسول فأسلم، ذكر انه كان على علم بلسان الروم وبهينمة الفرس، وبأشعار العرب، وانه كان ذا حظ بثقافة ذلك اليوم. فلما رجع إلى قومه، وكلمهم بالإسلام، اقتنعوا بحديثه فأسلم منهم عدد كبير، وذهب وفد عنهم إلى الرسول، فيه "العباس بن مرداس" و "أنس بن عياض بن رعل" و "راشد بن عبد ربه"، فأسلموا على يديه. وكان "راشد" يسدن صنما لبني سليم. وكان اسمه "غاوي"، وكان قد رأى ثعلبين يبولان على صنمه فشدّ عليه فكسره، ثم جاء مع الوفد إلى الرسول فأسلم، وسمّاه الرسولُ "راشدا" على طريقته في تغييره أمثال هذه الأسماء. وأعطاه الرسول "رهاناً"، وفيها عن ماء.

ويذكر أهل الأخبار، إن سيداً من سادات "بني شليم"، اسمه "قدْر ابن عمار"، كان قد قدم على النبي بالمدينة فأسلم، وعاهده على إن يأتيه بألف من قومه، فلما ذهب إلى قومه، وعاد ليأتي إلى للرسول برجاله، نزل به الموت، فأوصى إلى رهط من "بني سليم" بالذهاب إلى الرسول، هم "عباس ابن مرداس" و "جبار بن الحكيم" و "الأخنس بن يزيد" وأمّر كل واحد منهم على ثلاثمائة، ليقدموا على الرسول، ثم جاء من بعدهم "المنقع بن مالك ابن أمية" وهو على مائة رجل، فصار عددهم ألفاً.

وكتب الرسول إلى "سَلمة بن مالك بن أبي عامر" السلمي" من "بني حارثة"، انه أعطاه مدَفَوّاً لا يحاقّه فيه أحد. وأعطى "العباس بن مرداس" "مدَفوَاً"، لا يحاقه فيه أحد، كتبه له العلاء بن عقبة، وشهد عليه. ويظهر إن "سلمة بن مالك السلمي"، الذي ذكر "ابن سعد" إن الرسول "أعطاه ما بين ذات الحناظى إلى ذاتا الأساور"، هو "سلمي بن مالك بن أبي عامر" المتقدم.

وكان العباس بن مرداس يهاجي "ضاف بن ندبة السلمي" أحد الشعراء المعروفين. ثم تمادى الأمر إلى إن احتربا، وكثرت القتلى بينهما، ولما تماديا في هجائهما، ولم يسمعا نصيحة "الضحاك بن عبد الله السلمي"، وهو يومئذ صاحب أمر بني سليم، ولجّا في السفاهة، خلعتهما بنو سليم. ثم أتاهما "دريد ابن الصمة" و "مالك بن عوف النصري" رأس، هوازن، وأصلحا بينهما. واستراح منهما بنو سليم.

وأسلم "العباس بن مرداس" قبل فتح مكة وحضر مع النبي يوم الفتح في جمع من "بني سليم" بالقنا والدروع على الخيل. وله ولد اسمه جلهمة، روى عن النبي. ويروى إن العباس بن مرداس، شهد حُنيناً على فرسها العُبيد، فأعطاه التي أربع قلايص، فقال العباس: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع، فقال النبي: "اقطعوا عني لسانه، فأعطوه ثمانين أوقية فضة". وكان فيمن اشترك مع العباس بن مرداس من قومه في فتح مكة. "أنس بن عباس بن رعل" و "راشد بن عبد ربه"، وقد طلب العباس وقومه من الرسول، إن يجعل لهم لواءً أحمر. وشعاراً مقدماً، ففعل ذلك بهم. وكان للعباس أخ اسمه "عمرو بن مرداس"، ويعدّ مثل أخيه في جملة المؤلفة قلوبهم كذلك.

وأعطى الرسول "هوذة بن نبيشة السلمي" من "بني عصيةّ". "ما حوى الجفر كله". وكتب للأجبّ رجل من "بني سليم" "انه أعطاه فالساً"، وكتب كتابه وشهد عليه "الأرقم". وأعطى الرسول "راشد بن عبد السلمي". "غَلْوتين بسهم. وغلوة بحجر برهاط" "لا يحاقه فيها أحد". كما أعطى "حرام بن عبد عوف" من "بني سليم" "إذاماً وما كان له من شواق".

ومن "بني سليم" "نبيشة بن حبيب"، قاتل "ربيعة بن مكدّم" الكناني. وكان فارس كنانة.

ويذكر إن الردة لما وقعت بوفاة الرسول، جاءت "بنو سليم" إلى "أبي بكر"، فطلبوا منه إن يمدهم بالسلاح لمقاتلة المرتدين، فأمر لهم بسلاح، فأقبلوا يقاتلون "أبا بكر": فبعث أبو بكر خالد بن الوليد عليهم، وجعلهم في حظاَئر ثم أضرم عليهم النيران.

ومن ديار "بنيُ سليم" معدن بني سُليم، وهو منزل كثير الأهل فيه أعراب بني سليم، وماؤه من "البرك"، وهي قرى قديمة. قد غزا الرسول على رأس ثلاثة وعشرين شهراً من مُهاجره "قرقرة الكدر" "قراقرة الكدر"، ناحية معدن "بني سليم" بينه وبين المدينة ثمانية بُرُد، وذلك لما سمع إن بهذا الموضع جمعاً من "بني سليم" و "غظفان"، فلما لم يجد أحداً، اخذ ما عثر عليه من جمال تعود إليهم، كانت ترعى هناك، ورجع إلى المدينة. وغزا الرسول في السنة الثالثة من الهجرة موضعاً آخر من مواضع "بني سليم" اسمه: "بحران" من ناحية الفرع، وهي قرية من ناحية المدينة، لما بلغه إن بها جمعاً كثيراً من "بني سليم".

وكانت منازل عجز هوازن بموضع شربة. ومن رجال "هوازن" في أيام الرسول "مالك بن عوف النصري" أحد بني نصر. وهو الذي جمع جموع هوازن وثقيف وأقبل عامداً إلى النبيّ، حتى وافاه ب "حنين" فوقعت غزوة حنين. وقد جمعه نصر وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بني هلال، وهم قليل، ولم يشهدها من قيس عيلان الا هؤلاء وغابت عنها فلم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب. وفي جشم "دريد بن الصمة"، شيخ كبير، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب. وكان شيخاً كبيراً مجرباً، وفي ثقيف سيدان لهم في الأحلاف: قارب بن الأسود بن مسعود، وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث وأخوه الأحمر بن الحارث في بني هلال.

وبنو سليم أيضاً قبائل، منها: بنو ذكوان، وبنو بهثة، وبنو سمّال، وبنو بهزّ، وبنو مطرود. وبنو الشريد، وبنو قنفذ، وبنو عُصيّة، وبنو ظفر. وقد نجلت هذه القبائل رجالاً عرفوا في الجاهلية والإسلام، منهم: العباس بن مرداس الشاعر الشهير، ممن شهدوا معركة حنين مع الرسول، ومجاشع بن مسعود ممن قاد الجيوش. وهو من المهاجرين، والعباس بن انس الأصم من فرسان الجاهلية، ورجال آخرون. ولسليم شقيق في عرف النسابين اسمه "مازن" 0 إما أبوهما فهو منصور.

و "جهينة" بطن مثل "بليّ" و "بهراء" و "كلب" و "تنوخ" من بطون "قضاعة"، كانت ديارها في نجد، ثم هاجرت إلى الحجاز، فسكنت على مقربة من يثرب في المنطقة التي بين البحر الأحمر ووادي القرى، عند ظهور الإسلام. وقد دخلت في الإسلام في حياة الرسول ولم تشترك مع من أشرك في الردة بعد وفاته. وينسب النسابون جهينة إلى صحار والد جهينة، ومن بطونها بنو حميس.

ومن ديار "جهينة"، موضع "بواط"، وهو من "جبال جهينة" من ناحية "رضوى" قريب من "ذي خشب" مما يلي طريق الشام. وبن "بواط" والمدينة نحو أربعة برد. ويمر به طريق إلى بلاد الشام. ولما سمع الرسول، وهو على رأس ثلاثة عشر شهراً من مهاجَره، إن قافلة لعير قريش" فيها أمية بن خلف الجمحي ومئة من رجال قريش وألف وخمسمائة بعير، تمر من هناك، خرج في مئتين لاعتراضها، ولكنها فرت ونجت، فلم تقع في الأسر.

وكان في جملة من وفد على الرسول من جهينة" "عبد العُزّى بن بدر بن زيد بن معاوية الجهني" من "بني الربعة بن رشدان بن قيس بن قيس بن جهينة"، ومعه أخوه لأمه "أبو روغة". وكان لهم واد اسمه "غويّ". ومن "بني جهينة" "بنو دهمان" ومنهم "عمرو بن مرّة الجهني"، وكان سادن صنمهم، فأسلم وكسر الصنم، وقدم المدينة، وأعلن إسلامه أمام الرسول.

وقد كتب الرسول كتاباً لبني زرعة وبني الربعة من جُهينة، أمنهم فيه على أنفسهم وأموالهم. كما كتب لعَوْسَجة بن حرملة الجهني من "ذي المروة"، وقد "أعطاه ما بين بَلَكثة إلى المصنعة إلى الجفلات إلى الجد جبل القبلة لا يحاقه أحد"، وشهد على صحة الكتاب وكتبه "عقبة" كما كتب الرسول كتاباً لقوم آخرين من جُهينة، هم من "بني شنخ"، وقد "أعطاهم ما خشوا من صفينة وما حرثوا"، وكتب الكتاب وشهد عليه "العلاء بن عقبة". كما كتب الرسول كتاباً لبني الجرمز بن ربيعة، وهم من "جهينة"، كتبه المغيرة. وكتب كتاباً ل "عمرو بن معبد الجهني" و "بني الحرفة" من جهينة وبني الجرمز، أهم ما جاء فيه "وما كان من الدين مدوّنة لأحد من المسلمين قضى برأس المال وبطل الربا في الرهن. وأن الصدقة في الثمار العشر"، ويظهر من ذلك أن هذا الكتاب قد دُوّن بعد نزول الأمر بتحريم الربا.

وبلي من قبائل قضاعة كذلك، وتنسب إلى بليّ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. وتقع ديارها على مقرية من تيماء بين ديار جهينة وديار "جُذام"، وهي مثل اكثر قبائل قضاعة، لا نعرف من تأريخها في الجاهلية شيئاً يذكر. أما في أول ظهور الإسلام، فقد اشتركت مع القبائل النصرانية في جانب الروم ضد المسلمين. ومنهم "مالك بن رافلة"، قائل "زيد بن حارثة" يوم "مؤتة".

وفي سنة ثمان من الهجرة أرسل الرسول "عمرو بن العاص" إلى ارض "بلْي" و "عذرة"، فلما بلني موضع "السلاسل" خاف، فبعث إلى رسول الله يستمدّه، فأمده بجماعة من المهاجرين الأولين، فيهم "أبو عبيدة بن الجراح" و "أبو بكر" و "عمر" وقد عرفت تلك الغزوة ب "ذات السلاسل".

وقد دخل دينَ يهود فرعت من بليّ ينسب إلى "حشنة بن اكارمة"، وسكن على مقربة من تيماء مع يهود، وظل في هذا الدين وفي هذه الديار إلى إن أمر "عمر" باجلائهم عنها في الإسلام.

وقد وفد نفر من "بليّ" على الرسول، وكان "شيخ الوفد" "أبو الضباب" "أبو الضبيب" فأسلم وأسلم من كان معه، ثم عادوا إلى ديارهم.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق