إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 1 يناير 2016

791 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع والأربعون مجمل الحالة السياسة في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام


791

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي

الفصل الرابع والأربعون

مجمل الحالة السياسة في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام

وكانت "جذام" نازلة في "حسمى" عند ظهور الإسلام. وهي من مواطن "ثمود". و "جدام" من نسل "جذام" شقيق "عاملة" و "لخم" أبناء "عدي بن الحارث بن مرّة بن كهلان". واسم "جذام" الحقيقي في رأيهم "عمرو".وتقع أرض جذام في الأقسام الجنوبية من بلاد الشام، وتصل إلى "أيلة" ثم تمتد مع الساحل حتى تبلغ "ينبع".

ويرجع بعض النسابين نسب جذام إلى اليمن، ويرجها بعض آخر إلى مضر، وتوسط قوم فقالوا إنهم كانوا من مضر في الأصل، ثم غادروا ديار مضر، فذهبوا إلى اليمن، وعاشوا بين قبائل قحطان، فنسوا أصلهم بتقادم العهد، وعُدّوا في القحطانيين. ويظهر إن هذا الرأي هو محاولة للتوفيق بين الرأيين السابقين.. أما الذي عليه غالبية جُذام، فهو إنها من قحطان.

وقد وفد رجال من "جذام" على رسول الله، منهم "رفاعة بن زيد بن عمير بن معبد الجُذامي" ثم أحد "بني الضبيب"، فأسلم وكتب الرسول له كتاباً. أما "فروة بن عمرو بن النافرة" الجُذامي، فقد كان كما سبق إن ذكرت عاملا الروم على ما يليهم من العرب، وكان منزله "معان" وما حولها أو على "عمان"، فلما بلغهم انه كاتب الرسول وانه أسلم أخذوه فحبسوه، ثم ضربوا عنقه. ويذكر أهل الأخبار إن "فروة" كتب إلى الرسول كتاباً أرسله مع "مسعود بن سعد"، وبعث إليه ببغلة وفرس وحمار، وأثواب لينْ، وقباء سندس مخوص بالذهب. وان الرسول كتب إلى فروة جواب كتابه. ويذكر أهل الأخبار إن الروم لما قبضوا على "فروة"، قال شعراً يذكر فيه نفسه والرسول، وقال مثل ذلك لما نقله الروم إلى موضع يقع على ماء لهم بفلسطين اسمه "عفراء"، فلما أرادوا ضرب عنقه، قال بيتاً من الشعر في إسلامه وفي إيمانه.

وقد انتشرت النصرانية بين كلب، كما انتشرت بين أكثر القبائل النازلة بديار الشام. والظاهر إنها كانت على مذهب القائلين بالطبيعة الواحدة "Monophysities".

وفي جوار "الحجر" وفي شرق "حرة ليلى"، أقامت بنو عذرة، وهي من قبائل قضاعة، وتنسب إلى "عذرة بن سعد بن هذيم بن زيد بن ليث بن أسلم بن الحاف بن قضاعة". ولا نعلم من تأريخ هذه القبيلة في الجاهلية شيئاً يذكر. ولم يرد اسمها كثيراً في الأيام، والظاهر إن ذلك لقلّة شعرائها، فإن شعر الشعراء هو الذي خلد أسماء القبائل عند الأخباريين. ويظن إنها قبيلة "Abritai" "Abraetai" التي ذكرها "بطلميوس".

أما ديار هذه القبيلة، فكانت في وادي القرى وتبوك. ولكنها امتدت حتى بلغت قرب أيلة ويذكر الأخباريون إن هذه القبيلة هاجرت مع من هاجر من قبائل قضاعة بعد حربها مع حمير، فنزلت في هذه الديار ه. وتعاهدت مع قوم من يهود على مجاورتهم، وإلا تتحرش بهم وبنخيلهم وبساتينهم. وتجاور ديار عذرة ديار قبائل أخرى من قضاعة مثل نهد وجهينة وبليّ وكلب، كما جاورت من الشمال قبيلة غطفان.

ولعذرة حلف مع عدد من بطون سعد هذيم، مثل بني ضنة، ويعدهم النسابون بطناً من عذرة، وكذلك مع بني سلامان. وقد عرفوا بصحار. وكان لهم حلف مع جهينة، ويرجع الأخباريون عهد هذا الحلف إلى أيام حرب قضاعة، وهي الحرب المسماة ب "حرب القريض".

وهنالك جملة قبائل ذكر الأخباريون أربعاً أو خمساً قالوا إنها كانت تعرف ب "عذرة". وقد سبسب تعدد هذه الأسماء للنسابين بعض التشويش.

ويظهر من روايات الأخباريين انه كان لهذه القبيلة صلة بقريش، فزعموا إن أم "قصي" تزوجت رجلاً من "بني عذرة"، وان أخاه من أمه "رزاح ابن ربيعة بن حرام" اشترك مع قريش في الدفاع عن الكعبة وفيَ طرد خزاعة عنها. ورووا أيضاً انه كان لها صلة بالأوس والخزرج كذلك، لأن أم القبيلتين، وهي "قيلة بنت كاهل أو بنت هالك"، كانت من هذه القبيلة.

ولما قدم وفد "عذرة" على الرسول في صفر سنة تسع، وفيه "حمزة بن النعمان العذري" و "سليم" و "سعد" ابنا مالك، و "مالك بن أبي رباح"، سلَّموا على الرسول "بسلام أهل الجاهلية، وقالوا" نحن إخوة قصي لأمه، ونحن الذين أزاحوا خزاعة وبني بكر عن مكة، ولنا قرابات وأرحام". وكان من رجال عذرة الذين وفدوا على الرسول: "زمل بن عمرو العذري".

وذكر "ابن سد" إن الرسول كتب إلى "عشرة" في "عسَيب"، وبعث به مع رجل من "بني عذرة"، فعدا عليه "ورد بن مرداس" أحد "بتي سعد هذيم"، فكسر العسيب وأسلم واستشهد مع "زيد بن حارثة" في غزوة وادي القرى أو غزوة القردة.

وكانت مواطنها عند ظهور الإسلام في منطقة مهمة جداً تقع بين الحجاز وبلاد الشام ومصر، فتمتد من منازل "كلب" في الشمال حتى منطقة المدينة. وكانت بطونها منتشرة في "وادي القرى" وحول "تبوك" وعند "أيلة" وفي طور سيناء. ولمرور طريق القوافل منها، تولى رجالها حراستها وجباية رسوم المرور منها. ولما رأى بعض المستشرقين إنها تقطن منطقة كان يسكنها "أهل مدين" وكذلك النبط، ذهبوا إلى إنها من نسل "مدين" أو من بقايا "النبط".

ومن المستشرقين من يرى إن "بني النضير" هم فرع من جُذام، دخلوا في دين يهود، ودليلهم على ذلك انتشار اليهودية بين بعض بطون جذام التي تقع منازلها على مقربة من "يثرب". وكانت النصرانية قد وجدت لها سبيلاً بين جذام، وذلك باتصالها ببلاد الشام ومصر. وقد، كانت مع "المستعربة" أي النصارى العرب، تحارب المسلين مع الروم في حروب بلاد الشام.

وفي أرض جذام موضع يقال له "السلاسل"، وقعت غزوة عرفت ب "ذات السلاسل". وقد قام بها "عمرو بن العاص"، وكان الرسول قد بعثه إلى أرض "بليّ" و "عذرة" يستنفر الناس إلى الشام.

ومن جذام "رفاعة بن زيد الجذامي" ثم "الضُبيبي"، وكان قد قدم إلى الرسول فأسلم، وكتب الرسول له كتاباً، وذهب إلى قومه، ونزل الحرة: حرة الرجلاء. و "ضبيب" بطن من جُذام. ولما أغار "الهُنيد بن عوص"، وهو من "الضليع"، بطن من جُذام على "دحية بن خليفة الكلبي"، حين قدومه من بلاد الشام، وكان رسول الله بعثه إلى "قيصر" صاحب الروم ومعه تجارة له، فأصاب كل شيء كان مع "دحية" نفًرَ "رفاعةُ" وقومه ممن أسلم، إلى "الهُنيد"، فاستنقذا ما كان في يده، فرَدّوه على "دحية". وكان المعتدون يقيمون بحسمى.

ومن "جذام" "زنباع بن روج بن سلامة بن حُداد بن حديدة"، وكان عَشّاراً، مرّ به "عمر بن الخطاب" في الجاهلية تاجراً إلى الشام، فأساء إليه في اجتيازه وأخذ مكسه، فقال "عمر" فيه شعراً يتوعده ويهجوه، فبلغ ذلك "زنباعا" فهجز جيشاً لغزو مكة، فنهي عن ذلك وأشر عليه بعدم تمكنه منها، فَكَفَّ عنها.

وكانت "أيلة" في أيام الرسول، في أيدي "يوحنا بن رؤبة" "يحنة بن رؤبة". ولما سمع "يوحنا" بمجيء الرسول مع جيشي إلى "تبوك"، جاء إليه، وصالحه على الجزية، وصالحه أهل "جرباء" و "اذرح" على الجزية أيضاً. كما صالح أهل "مقنا" على ربع كروعهم وغزولهم وحلفتهم وعلى ربع ثمارهم، وكانوا يهوداً. وقد دَوّن "ابن سعد" صورة كتاب ذكر إن الرسول كتبه ل "يحنة بن رؤبة" "يحنة بن رَوْبةَ" وأهل ايلة "لسفنهم وسيارتهم في البر والبحر... ولمن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر".

وأورد "ابن سعد" نص كتاب أرسله الرسول إلى "يوحنا بن روبة" "يحنة ابن رَوْبةَ" و "سَرَوات" أهل ايلة" جاء فيه إن رسول الله قد أرسل إليه رسلاً هم" "شرحبيل" و "أبيّ" و "حرملة"، و "حريث بن زيد الطائي". و "أن حرملة" قد شفع له ولأهل ايلة لدى الرسول وأن عليه إن يكسو "زيداً" كسوة حسنة. وأنه قد أوصى رسله بهم. ويظهر من هذا الكتاب، إن حامله كان "زيداً، وجاء فيه "وجهزوا أهل مقنا إلى أرضهم".

وكتب الرسول كتباً إلى أهل "اذرح" و "جربا" ولأهل مقنا، وذكر إن أهل مقنا، كانوا يهوداً على ساحل البحر. وأهل جربا وافرح يهود أيضاً.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق