789
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الرابع والأربعون
مجمل الحالة السياسة في جزيرة العرب عند ظهور الإسلام
ونجد في موارد أخرى إن "المثنى بن حارثة الشيباني" و "سويد بن قطبة العجلي"، وكلاهما من "بكر بن وائل" كانا يغيران على الدهاقين، فيأخذان ما قدرا عليه. فإذا ُطلبا أمعنا في البَرّ فلا يتبعهما أحد، وكان المثنى يغير من ناحية الحيرة، و "سويد" من ناحية "الأبلة". فكتب إلى "أبي بكر"، يعلمه ضراوته بفارس ويعرفه وهنهم، ويسأله إن يمدّه بجيش، فكتب إليه "أبو بكر" يخبره انه مرسل إليه "خالد بن الوليد" وان يكون في طاعته، فكره "المثنى" ورود خالد عليه، وكان ظن إن أبا بكر سيوليه الأمر، ولكنه لم يتمكن إن يفعل شيئاً فانضم إلى خالد.
ومن "بني عجل" "فرات بن حيان للعجلي"، كان دليل "أبي سفيان" إلى الشام. وذلك إن قريشاً خافوا طريقهم الذي كانوا يسلكون إلى الشام حين وقعة "بدر"، فكانوا يسلكون طريق العراق، فخرج بهم دليلهم "فرات"، في السنة الثالثة من الهجرة، ومعه أبو سفيان وصفوان بن امية، وحويطب بن عبد العُزّى، وعبد الله بن أبي ربيعة، ومعهم مال كثير، فيه فضة كثيرة، وهي اعظم تجارتهم، فلما بلغوا موضع "القردة"، وكان "فرات" قد سلك بهم على ذات عرق، اعترض "زيد بن حارثة" القافلة، وكان الرسول قد أرسله للتحرش بها، يوم بلغه أمر القافلة، فهرب أعيانها واستولى زيد على العير، وجاء بها إلى الرسول. وأسر فرات، فأسلم.
ويذكر أهل الأخبار إن قبائل مضر كانت تنزع إلى العراق، وكان أهل اليمن ينزعون إلى الشام. وانه لم يكن أحد من العرب اجرأ على فارس من ربيعة وقد قيل لها لذلك: ربيعة الأسد، وكانت العرب في جاهليتها تسمى: فارسُ الأسد.
وقد قدم وفد من "بكر بن وائل" على الرسول، فيه "بشير بن الخصاصية" و "عبد الله بن مرثد"، و "حسان بن حوط، "خوط"، فأسلموا وعادوا إلى ديارهم وذهب "حريث بن حسان الشيباني" في وفد من "بكر بن وائل" إلى الرسول، فأسلم على يديه. وذكر إن "عبد الله بن اسود بن شهاب بن عوف بن عمرو بن الحارث بن سدوس"، قدم مع الوفد المذكور، وكان ينزل اليمامة، فباع ما كان له من مال باليمامة واستقر بالمدينة.
وذكر إن رسول الله كتب كتاباً إلى "بكر بن وائل"، فما وجدوا رجلاً يقرؤه حتى جاءهم رجل من "بني صبيعة بن ربيعة" فقرأه. وكان الذي أتاهم بكتاب رسول الل: "ظبيان بن مرثد السدوسي".
وخرج "خالد" إلى العراق، فمرّ ب "فيد" و "الثعلبية" وأماكن أخرى منها "العذيب" و "خفان"، ثم سار قاصداً "الحيرة" وهي اهم موضع للعرب في العراق. فخرج إليه ساداتها في هذا الوقت" "عبد المسيح بن عمرو ابن قيس بن حيّان بن بقيلة"، وهو من الأزد، وصاحب القصر الذي يقال له: "قصر بني بقيلة" بالحيرة. وهو من "بني سبين". وكان من المعمرين. و "هانىء بن قبيصة بن مسعود الشيباني"، ويقال "فروة بن اياس". وكان "اياس" عامل كسري ابرويز على الحيرة، بعد النعمان بن المنذر، و "عدي ابن عدي بن زيد العبادي"، وأخوه "عمرو بن عدي"، و "عمرو بن عبد المسيح" و"حيرى بن أكّال"، وهم نقباء أهل الحيرة. فصالحوه على دفع الجزية وعلى إن يكونوا عيوناً للمسلمين على أهل فارس.
وفيد موضع مهم بطريق مكة في نصفها من الكوفة، به حصن عليه باب حديد، وعليه سور دائر. كان الناس يودعون فيه فواصل ازوادهم وما ثقل من أمتعتهم إلى حين رجوعهم. وذكر إن فيداً فلاة في الأرض بين أسد وطيء في الجاهلية. فلما قدم "زيد الخيل" الفارس المشهور على رسول الله اقطعه فيداً. وذكر أهل الأخبار، إن فيداً، إنما سميت فيد بفيد بن حسام أول من نزلها. والظاهر إنها من المواضع القديمة وقد ورد اسمها في الشعر الجاهلي والإسلامي.
و "العذيب"، اذ ذاك مسلحة كانت للفرس على طريق البادية، ومن القادسية التي تبعد عن الكوفة "15" ميلاّ إلى العذيب "6" اميال، ويؤدي الطريق من العذيب إلى البرية. وكان لبني تميم. وذكر أهل الأخبار إن "محلم بن سويط الضبي" أخا بني صباع، قاد الرباب كلها. وهو الرئيس الأول: أول من سار في ارض مضر برئاسة، وغزا العراق وبه كسرى حتى بلغ العذيب. فجعلت الإبل تتهيب خرير الماء. ويظهر من شعر لبعض الضبين إن العذيب كان احساءاً، يخرج الماء فيه من باطن الأرض ويندفع مكوّناً خريراً"، لذلك هابته الإبل، فكانت تتخوف من الشرب منه. وبعد العذيب، نهاية حدّ نجد في الشمال.
ويذكر "ابن رسته" إن "البطانية"، هو "قبر العبادي"، وسمّاه بعضهم "بطان". وذكر "اليعقوبي" إن هذا الموضع من ديار "بني أسد". وكان للثعلبية شأن يذكر، فقد ذكر إنها كانت موضعاً معروفاً، بل ذكر إنها مدينة عامرة عليها سور وفيها حمامات وسوق، وهي على ثلث الطريق القادم من بغداد إلى مكة. وقد صار لها شاًن في صدر الإسلام فما بعد، لأنها تقع على طريق التجارة والحاج. وهي على جادة مكة من الكوفة، ومن منازل أسد ابن خزيمة.
وكان أهل الحرة قد تحصنوا بقصورهم: في القصر الأبيض، وهو قصر "النعمان بن المنذر" وقصر ابن بقيلة، قصر العدسيين، والعدسيون من "كلب" نسبوا إلى امهم، وهي كلبية أيضاًء. وذكر انه كان في طرف الحيرة، لبني عمار بن عبد المسيح بن قيس بن حرملة بن علقمة بن عدس الكلبي، نسبوا إلى جدتهم "عدسة بنت مالك بن عوف الكلبي"، وهي "أم الرماح" و "المشط" ابني عامر المذمم.
وعدة قصور الحيرة ثلاثة على ما ورد في بعض الروايات. وهي عدة الحيرة وملاجئها أيام الخطر، فإذا سقطت، سقطت الحيرة، لأنها هي المكونة لها. وقد صالحت "خالد بن الوليد" لما وجدته إن ليس في استطاعتها الصمود أمام المسلمين. ولم يكن لها على ما يظهر من روايات أهل الأخبار سور.
ومن مواضع الحيرة، "ربيعة بني مازن"، لقوم من الأزد من بني عمرو ابن مازن من الأزد، وهم من غسان. و "دير هند"، لأم "عمرو بن هند بن ماء السماء"، و "ربيعة بني عدي بن الذميل" من لخم.
وقد هدمت قصور الحيرة التي كانت لآل المنذر واستخدمت حجارتها وأنقاضها لبناء المسجد الجامع بالكوفة ولأبنية اخرى، وقد عوض أصحاب القصور عنها. وفقاً لما جاء في "قراطيس هدم قصور الحيرة". وقد هدم بعض الخلفاء العباسيين قصور الحيرة وأزالوا بذلك من معالمها. منهم? الخليفة "أبو جعفر المنصور"، فقد هدم "الزوراء"، وهي دار بناها النعمان بن المنذر على ما يذكره أهل الأخبار.
وذكر "اليعقوبي" إن الحيرة "هي منازل آل بقيلة وغيرهم"، وان عليةّ أهل الحيرة نصارى، منهم من قبائل العرب من بني تميم ومن "سليم" ومن "طيء" وغيرهم. وان "الخورنق" بالقرب منها مما يلي المشرق، وبينه وبين الحيرة ثلاثة أميال، والسدير في برية.
وكان الفرس يستعينون بعرب الحيرة في أمر الترجمة فيما بينهم وبين العرب. ومن هؤلاء أسرة "عدي بن زيد العبادي" على نحو ما ذكرت. وترجمان كان يترجم ل "رستم" اسمه "عبود". وكان عربياً من أهل الحيرة. كما استخدم المسلمون تراجمة، ليترجموا ما كان يدور بينهم وبين الفرس من حوار، أو بينهم وبن من يقبضون عليه من أسرى الفرس، من هؤلاء رجل اسمه "هلال الهجري". واستخدموا كتبة لكتابة الكتب والأخبار، ذكروا منهم "زياد بن أبي سفيان.
لا وقد استعان الفرس ببعض "آل لخم" لمحاربة العرب ولاشغالهم، في معارك صغيرة، من هؤلاء "قابوس بن قابوس بن المنذر"، وقد كلفه "الآزاذبة مرد بن الآزاذبة" بالذهاب إلى "القادسية" لأشغال المسلمين، وأن يكون للفرس كما كان آباؤه قبله من النضر والعون، فنزل القادسية، وكاتب بكر بن وائل، بمثل ما كان النعمان يكاتبهم به، فلما بلغ خبره المسلمون حاصروه.
والقادسية موضع مهم جداً من الوجهة العسكرية، وقد قال عنه الخليفة "عمر" في كتابه الذي وجهه إلى "سعد" بأنه "باب فارس" وأجمع أبوابهم لمادتهم. وقد وضعوا ما بعده الحصون والقناطر والأنهار لحماية مواقعهم من وقوعها في أيدي من قد يأتي إليهم من البادية. وأهله من العرب، وكان الفرس قد أقاموا فيه مسالح عبثت بجنود من فارس، للدفاع عن خطوطهم الأمامية، ولمشاغلة الغزاة إلى حين وصول المدد الكبير.
وممن ساعد الفرس ودافع عنهم "النعمان بن قبيصة" ظ وهو ابن "حية الطائي" ابن عم "قبيصة بن اياس بن حيةّ الطائي" صاحب الحيرة، وكان مرابطاً في قصر "بني مقاتل"، وكان منظرة له. وقد قتله "سعد بن عبد الله بن سنان الأسدي" لما سمعه يستخف بقريش وبالقريشيين. فلما سأل عن "سعد بن أبي وقاص"، وقيل له انه من قريش، قال: "إما إذا كان قرشياً فليس بشيء، والته لأجاهدنه القتال، إنما قريش عبيد من غلب، والله ما يمنعون خفيراً، ولا يخرجون من بلادهم إلا بخفير".
ونجد في "فتوح الشام" للواقدي، خبراً مفاده إن "سعد بن أبي وقاص" لما وجهه الخليفة "عمر" إلى العراق قدم ارض "الرحبة"، فاتصلت الأخبار ب "اليعمور بن ميسرة العبسي"، فكتب إلى كسرى يخبره بمجيئه إلى هذا المكان، وان "سداً" لما ارتحل من "الرحبة" إلى "الحيرة البيضاء" في ثلاثين ألفاً من بجيلة والنخع وشيبان وربيعة واخلاط العرب، وجد هناك جيش "النعمان بن المنذر"، وقد ضرب خيامه والسرادقات إلى ظاهرها، وهو في ثمانين ألفاً من جميع عرب العراق، فكتب "النعمان" إلى "كسرى" بمجيئهم وحَثَّ عربه على الصمود وعلى مقاومة سعد قائلاً لهم: "إن هؤلاء عرب وأنتم عرب وهلاك كل شيء من جنسه" "وليس لأصحاب محمد فخر يفتخرون به علينا، ولكن نحن لنا الفخر عليهم. وهم يزعمون إن الله بعث فيهم نبياً وأنزل عليهم كتاباً يقال له القرآن،، ونحن لنا الإنجيل وعيسى بن مريم، وجميع الحوارين، ولنا المدبح، ولنا القسوس والرهبان والشمامسة، وعلى كل حال ديننا عتيق ودينهم محدث، فاثبتوا عند اللقاء وكونوا عند ظن الملك كسرى بكم". ويذكر رواة هذا الخبر إن عم "النعمان بن المنذر"، وكان صاحب حرسه، دخل إليه وقال له" إن أعداءنا قد أنفذوا إلينا رسولاّ، فأمر بإدخاله عليه، وكان الرسول "سعد بن أبي عبيد القاري"، فلما وقف بين يدي النعمان صاح به الحجاب والغلمان: قَبّل الأرض للملك فلم يلتفت إليهم، وقال: إن الله أمرنا إن لا يسجد بعضنا لبعض. ولعمري إن هذه كانت العادة المعروفة في الجاهلية قبل إن يبعث الله نبيه محمداً، فلما بعث جعل تحيته السلام، وكذا كانت الأنبياء من قبله. وأما السلام، فهو من أسماء الله تعالى، وأما تحيتكم هذه، فهي تحية جبابرة الملوك. فقال النعمان" لسنا من الجبابرة، بل نحن أجلّ منكم، لأنكم توحدون في دينكم وتقولون إن الله واحد وتوحدون ولده عيسى بن مريم". ويذكرون إن "سعداً" جادل "النعمان" في طبيعة "المسيح"، فأعجب بكلامه. ثم كلمه في الإسلام أو دفع الجزية، فغضب "النعمان"، وقال له: "لا ويح قومك، فليس عندنا جواب إلا السيف".
وتقدمت جيوش المسلمين حتى التحمت بجيش "النعمان" بظاهر الحيرة، وان "القعقاع بن عمرو التميمي" أو "بشر بن ربيعة التميمي"، أحدهما التقى بالنعمان في كبكبة من الخيل والازدهارات على رأسه، فحمل القعقاع أو بشر على الكبكبة ففرقها، وعلى الكتيبة فَمزَّقها وعلى النعمان بطعنة في صدره فقتل. فلما نظرت جيوش الحيرة إلى الملك النعمان مجندلا ولوا الأدبار يريدون القادسية نحو جيش الفرس. وأخذ المسلمون أسرى وغنائم، واحتوى "سعد" على قصر الخورنق والسدير، وترك جميع ما أخذه بالحيرة. وتحرك نحو القادسية. وكانت أخبار هزيمة النعمان قد وصلت الفرس وهم بالقادسية، وقد وصلت إليهم الفلول المنهزمة من جيش النعمان، فوقع التشويش في عسكر الفرس، وخارت قواهم، مما أدى إلى انتصار المسلمين عليهم في هذا المكان.
ولا نجد هذا الخبر في أيّ مورد آخر من موارد أهل الأخبار، فقد نصت جميع الموارد الأخرى على إن النعمان كان قد لقي مصرعه على نحو ما تحدثت عنه في أثناء كلامي على مملكة الحيرة. فلعل "النعمان" هذا هو أحد أبناء "آل لخم"، واستعان به الفرس للدفاع عن الحيرة ومنوّه في مقابل مساعدته لهم بالملك، كما استعانوا ب "قابوس بن قابوس". وقد يكون خبره من صنع أهل الأخبار، اقتحموا اسمه إقحاماً، وما فطنوا إلى انه كان قد توفي قبل هذا الوقت بسنين، على كل ففي الخبر كلام منمق وحوار وجدل ينبئك لونه إن فيه تكلفاً وصنعة، وان الخبر قد وضع وضعه أناس، لغايات لا مجال للبحث عنها في هذا المكان. وسار "خالد" من "الحيرة" إلى الأنبار، فحاصرها، وكان أصحاب النعمان وصنائعه يعطون أرزاقهم منها، ثم صالحهم، ثم أتى "خالد" سد مواقع أخرى "عين التمر".
وكان على رأس العرب الذين عاونوا الفرس وانحازوا إليهم" "عقة بن أبي عقة" و "هلال بن عقة بن قيس بن البشر" الثمري، على النمر بن قاسط بعين التمر، و "عمرو بن الصعق" و "بجير" أحد بني عتبة بن سعد بن زهر، والهذيل بن عمران، وسهم رجال من قبائلهم. ولكنهم لم يتمكنوا من الوقوف أمام "خالد بن الوليد"، إذْ انهزم جندهم، وأسرَ "عقة" و "عمرو بن الصق"، وكان "عقة" خفير القوم، وسقط حصن عين التمر في الإسلام. وورد في خبر آخر إن "خالد" قتل "هلال بن عقة" "هلال بن عقبة"، وصلبه. وكان من "النصر بن قاسط"، وكان خفيراً بعين التمرْ.
وتعرف "عين التمر" ب "شفاثا" "شفاثى" وب "عين شفته"، وقد اشتهرت بالقسب والتمر، وكانت تصدرهما إلى البادية والى أماكن أخرى، ويقصدها الأعراب للأمتيار. وبها حصن يتحصن به وعين ماء. ولما اقترب المسلمون منها، كان بها "مهران بن بهرام جوبين" في جمع عظيم من الفرس للدفاع عنها ومعه جمع عظيم من النمر وتغلب وأياد ومن لآفهّم، ولكنهم غلبوا على أمرهم، وفر الفرس. وكان بعين التمر مسلحة لأهل فارس.
وقد وجد "خالد" في كنيسة "عين التمر" جماعة سباهم، ووجد أولاداً كانوا يتعلمون الكتابة في الكنيسة، وقد اشتهر وعرف عدد من هؤلاء الذين سبوا، واشتهر أولادهم أيضاً. وقد كان من هؤلاء من كان من "بني النمر ابن قاسط" النازلين بعين التمر.
وكانت قُريّات السواد وهي: بانقيا وباروسما وألّيس خليط من العرب ومن النبط وسواد العراق، وقد صالح أهلها "خالد بن الوليد" حينما ظهر أمامها، صالحوه على الجزية، وكان الذي صالحه عليها "ابن صلوبا السوادي" المعروف ب "بصبرى بن صلوبا"، ومنزله بشاطئ الفرات. وقد ورد في كتاب الصلح الذي أعطاه "خالد بن الوليد" له، "وقد أعطيتَ عن نفسك وعن أهل خرجك وجزيرتك ومن كان في قريتك-بانقيا وباروسما-ألف درهم".
وذكر "البلاذري" إن الخليفة "عمر" وَجًّهَ "أبا عبيدة الثقفي" إلى العراق، فلما وصل إلى هناك، وهزم "جابان" بالعذيب، ثم هزم الفرس في معارك أخرى، حتى بلغ "باروسما"، صالحه "ابن الأنذر زعر" "ابن الأندر زعر" عن كل رأس على أربعة دراهم. ولم يشر إلى الصلة التي كانت بين "ابن صلوبا" و "ابن الأنذر". انه كان ينزل بها. وان اليهود كانوا يدفنون موتاهم بها. ويذكرون إنها ارض بالنجف دون الكوفة، وان سكانها كانوا على النصرانية عند ظهور الإسلام. وان الساسانيين كانوا هم الذين يدافعون عنها ويتولون أمر إدارتها، أما شؤونها المحلية فكان أمرها بيد ساداتها ورؤسائها.
وكانت عشائر "إياد" من العشائر التي نزحت إلى العراق قبل الإسلام بوقت طويل. نزل بعضهم ب"عين أباّغ" ج نزل بعض منهم بسنداد. فأمروا هناك، وكثروا، واتخذوا بسنداد بيتاً ذا شرفات تعبَدّوا له. ثم انتشروا، وغلبوا على ما يلي الحيرة. وصار لهم "الخورنق" و "السدير". فلهم "أقساس مالك". وهو مالك بن تيسر بن زهر بن إياد. ولهم دير الأعور، ودير السواء، ودير قرة، ودير الجماجم. وإنماُ سميّ دير الجماجم لأنه كان بين إياد وبهراء القين حرب، فقتل فيها من إياد خلق، فلما انقضت الحرب، دفنوا قتلاهم عند الدير. فكان الناس بعد ذلك يحفرون فتظهر جماجم. فسمي دير الجماجم. وقيل غير ذلك، مما لا مجال لذكره في هذا الموضع.
وكانت إياد تغير على السواد وتفسد. فجعل "سابور" ذو الأكتاب مسالح بالأنبار وعين التمر وغير. هاتين الناحيتين. لحماية الحدود منهم. ثم إن إياداً أغارت على السواد في ملك كسرى أنوشروان، فوجه اليهم جيوشاً كثيفة. فخرجوا هاربين، واتبعوا، فغرق منهم بشر، وأتى فُلُّهم "بني تغلب"، فأقاموا معهم على النصرانية، فأساءت "بني تغلب" جوارهم، فصار قوم منهم إلى الحيرة، ودخل منهم في جند ملوك الحيرة، ولحقُ جلّهم بغساّن بالشام. فلما جاء الإسلام دخل بعضهم بلاد الروم، ودخل منهم قوم في خثعم وفي تنوخ وفي قبائل أخرى.
ويقال إن مواطن إياد قبل نزوحها إلى العراق، كانت بالبحرين، واجتمعت عبد القيس والأزد على إياد، فاخرجوا عن الدار فأتت العراق.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق