إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1469 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس والسبعون اليهودية بين العرب


1469

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفصل السادس والسبعون

اليهودية بين العرب

وقد انتشر اليهود جماعات جماعات استقرت في مواضع المياه والعيون من وادي القرى وتيماء وخيبر إلى يثرب، فبنوا فيها الآطام لحماية أنفسهم وأرضهم وزرعهم من اعتداء الأعراب عليهم. وقد أمنوا على أنفسهم بالاتفاق مع رؤساء القبائل الساكنة في جوارهم على دفع إتاوة لهم، وعلى تقديم الهدايا اليهم لاسترضائهم. وكان من شأنهم أيضاً التفريق بين الرؤساء وإثارة الشحناء بين القبائل حتى لاتصفو الأحوال فيما بينها وتلتئم ولئلاء يكون اتفاقها والتئامها خطراً يتهدد اليهود.

وليس الذى يرويه أهل الأخبار عن إرسال موسى جيشاً إلى الحجاز،واستقرار ذلك الجيش في يثرب بعد فتكه بالعماليق وبعد وفاة موسى، ثم ما يذكرونه عن هجرة داوود مع سبط يهوذا إلى خيبر وتملكه هناك ثم عودته إلى اسرائيل وأمثال هذا إلا قصصاً من هذا النوع الذي ألفنا قراءته في كتب أهل الأخبار، لا أستبعد أن يكون مصدره يهود تلك المنطقة أو من أسلم منهم، لإثبات انهم ذوو نسب وحسب في هذه الأرضين قديم، وانهم كانوا ذوي باًس شديد، وأن تأريخهم في هذه البقعة يمتد إلى أيام الإنبياء وابتداء اسرائيل، وأنهم لذلك الصفوة المختارة من العبرانيين.

وقد زعم أهل الأخبار، ان العمالقة كانوا أصحاب عز وبقي شديد، وكانوا ينزلون الحجاز في جملة ما نزلوا من أماكن في ايام موسى. وكان منهم: بنو هف وبنو سعد وبنو الأزرق وبنو مطروق. وملكهم إذ ذاك رجل منهم اسمه "الأرقم"، ينزل ما بين تيماء وفدك. وكان سكان يثرب من العمالقة وكذلك سكان بقية القرى. فلما تغلب عليهم العبرانيون انتزعوا منهم مساكنهم، وأقاموا في مواطنهم في الحجاز.

وقد أخذ أهل الأخبار ما رووه عن دخول اليهود إلى يثرب في ايام موسى، وما ذكروه عن ارساله جيشاً إلى هذه المنطقة، ثم ما رووه عن سكنهم القديم في أطراف المدينة وفي أعالي الحجاز، من سفر "صموئيل الأول" من التوراة. وقد حسب اهل الأخبار العمالقة من سكان يثرب القدماء، ومن سكان أعالي الحجاز، فزعموا ان تلك الحروب قد وقعت في هذه المنطقة، وان اليهود قد سكنوها لذلك منذ ايام موسى. وقد أخذ الأخباريون رواياتهم هذه من اليهود، وممن دخل منهم في الإسلام.

ويري بعض الأخباريين أن ابتداء أمر اليهود في الحجاز ونزولهم وادي القرى وخيبر وتيماء ويثرب إنما كان في أيام "بخت نصر"، فلما جاء "بخت نصر" إلى فلسطين، هرب قسم منهم إلى هذه المواضع واستقروا بها إلى مجيء الإسلام. وليس في هذا الخبر ما يحملنا على استعباده، فهروب اليهود إلى اعالي الحجاز ودخولهم الحجاز أمر سهل يسير، فالأرض واحدة وهي متصلة والطرق مفتوحة مطروقة، ولا يوجد أي مانع بمنع اليهود أو غير اليهود من دخول الحجاز.

لا سيما وأن اليهود كانوا خائفين فارين بانفسهم من الرعب، فهم يبحثون عن أقرب ملجأ اليهم يحميهم من فتك ملك بابل بهم. وأقرب مكان مأمون اليهم هو الحجاز.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق