إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1470 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس والسبعون اليهودية بين العرب


1470

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفصل السادس والسبعون

اليهودية بين العرب

اما ما ورد في روايات أهل الأخبار عن هجرة بعض اليهود إلى أطراف يثرب وأعالي الحجاز على أثر ظهور الروم على بلاد الشام وفتكهم بالعبرانيين وتنكيلهم بهم مما اضطر ذلك بعضه إلى الفرار إلى تلك الأنحاء الامنة البعيدة عن مجالات الروم، فإنه يستند إلى أساس تأريخي صحيح. فالذي نعرفه أن فتح الرومان لفلسطين أدّى إلى هجرة عدد كبير من اليهود إلى الخارج، فلا يستبعد أن يكون أجداد يهود الحجاز من نسل أولئك المهاجرين.

وكان يقيم ب "مقنا" عند ظهور الإسلام قوم من اليهود اسمهم "بنوجنبة"، وقد كتب اليهم الرسول والى أهل "مقنا" يدعوهم إلى الإسلام، أو إلى دفع الجزية. وكتب إلى قوم من يهود اسمهم "بنو غاديا"، والى قوم آخرين اسم "بنو عريض".

ومن هؤلاء المهاجرين علي رأي الأخباربين بنو قريظة وبنو النضير وبنو بهدل. ساروا إلى الجنوب في اتجاه يثرب، فلما بلغوا موضع الغابة، وجدوه وبيّاً، فكرهوا الاقامة فيه، وبعثوا رائداً أمروه ان يلتمس، لهم منزلاً طيباً، وأرضاً عذبة، حتى إذا بلغ "العالية"، وهي بطحان ومهزور واديان من حرة على تلاع أرض عذبة. بها مياه وعيون غزيرة، رجع اليهم بأمرها، وأخبرهم بما راه منها، فقرّ رأيهم على الاقامة فيها. فنزل بنو النضير ومن معهم على بطحان، ونزلت قريظة وبهدل ومن معهم على مهزور، فكانت لهم تلاعه وما سقي من بعاث وسموات.

وسكن اليهود يثرب. سكنها منهم بنوعكرمة وبنو ثعلبة وبنومحمر وبنو زعورا وبنو قينقاع وينو زيد وبنو النضير وبنو قريظة وبنو بهدل وبنو عوف وبنو القصيص وبنو ماسلة، سكن هؤلاء المدينة واطرافها، وكان يسكن معهم من غير بني اسرائيل بطون من العرب، منهم: بنو الحرمان حي" من اليمن، وبنو مرثد حي من بلَيّ، وبنو نيف وهم من بلي أيضاً، وبنو معاوية حي من بنيُ سليم ثم من بني الحرث بن بهثة، وبنو الشظيّة حي من غسان. وظل اليهود أصحاب يثرب وسادتها، حتى جاء الأوس والخزرج، فنزلوها واستغلوا الخلافات التي كانت قد وقعت بين اليهود، فتغلبوا عليهم، وسيطروا على المدينة،وقسموها فيما بينهم، فلم يبق من يومئذ عليها سلطان.

وتذكر روايات أهل الأخبار أن مجيء الأوس والخزرج إلى يثرب كان بعد حادث سيل العرم. جاؤوا اليها لفقر حالهم، والتماساً لوطن صالح جديد، وأنهم حينما نزلوها لم يكن لهم حول ولا قوة. ولذلك قنعوا بالذي حصلوا عليه من أرض ضعيفة موات، ومن رزق شحيح. أما المال والثروة والملك والجاه، فلليهود. بقوا على ذلك أمداً حتى إذا ما ذهب مالك بن العجلان، وهو منهم، إلى أبي جبيلة الغساني رئيس غسان يومئذ، ونزل عنده، شكا لأمير غسان سوء حال قومه وما هم عليه من بؤس وضنك. فوعد أبو جبيلة أن يأتي على رأس جيش من قومه لمساعدته، على أن يقوم بعد عودته ببناء حائر عظيم، يعلن أنه بناه لاستقبال الأمير فيه، وأن يطلب من اليهود الخروج لاستقباله والتشرف بزيارته في ذلك الحائر، فإن فعلوه، فتك بهم وأبادهم. فلما تمّ البناء، ووصل الأمير في الأجل الموقوت، ودخل المدعوون رؤساء اليهود الحائر، فتكت عساكر أبي جبيلة بهم وأهلكتهم، وتمت الغلبة من يومئذ للأوس والخزرج، وعادأبو جبيلة الى مقر ملكه.

غير ان اليهود ظلوا مع هذه الغلبة يتهاترون مع الأوس والخزرج وبعترضونهم ويتناوبونهم، فعمد مالك بن العجلان الى الحيلة، فتظاهر انه يريد الصلح معهم، وانه عزم على تسوية العداوات وطمس الحزازات، وانه لذلك يدعو رؤساء يهود إلى طعام، ليتفاوضوا مع سادات قومه في أمر الصلح. فلما حضر رؤساء يهود،فتك بعشرات منهم ممن استجاب لدعوته، وفرّ أحدهم ليخبر قومه بما حدث، وحذر أصحابه الذين بقوا، فلم يأت منهم أحد.

"فلما قتل مالك من يهود من قتل، ذلوا،.وقلّ امتناعهم، وخافوا خوفاً شديداً، وجلعوا كلما هاجمهم أحد من الأوس والخزرج بشيء يكرهونه لم يمش بعضهم لبعض كما كانوا يفعلون قبل ذلك، ولكن يذهب اليهودي إلى جيرانه الذين هو بين أظهرهم،فيقول: انما نحن جيرانكم ومواليكم، فكان كل قوم من يهود لجأوا إلى بطن من الأوس والخزرج يتعززون بهم" ومنذ ذلك الزمن لم يبق لليهود على هذه الأرضين سلطان.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق