1468
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السادس والسبعون
اليهودية بين العرب
وقد ذكر علماء التفسير في تفسيرهم الاية: )لا اكراه في الدين. قد تبين الرشد من الغي(،أنها نزلت في الأنصار. كانت المرأة المقلات في الجاهلية تنذر إن عاش لها ولد أن تهوده، فتهود قوم منهم. فلما جاء الله بالاسلام أرادوا اكراههم عليه، فنهاهم اللّه عن ذلك، حتى يكونوا هم يختارون الدخول في الإسلام. أو أنهم لما يقوا،على يهوديتهم، وأمر اليهود بالجلاء، وفيهم منهم، شق على آبائهم ترك أبنائهم يذهبون مع اليهود، فقالوا:"يا رسول الله أبناؤنا واخواننا فيهم.. فسكت عنهم رسول الله، صلى الله عليه فسلم، فأنزل الله تعالى ذكره:)لا إكراه في الدين قد تبنن الرشد من الغيّ...( فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،قد خيرّ أصحابكم، فإن إختاروكم فهم منكم، وإن اختاروهم فهم منهم". وذكر العلماء أيضاً ان ناساً من الأنصار كانوا مسترضعين في بني قريظة وغيرهم من يهود، فتهودوا، وأن من الأنصار من رأى في الجاهلية أن اليهودية أفضل الأديان، فهودوا أولادهم، فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه، أرادوا اكراه أبنائهم الذين تهودوا على الدخول فيه، فنزل الوحي بالآية المذكورة. فقد كان اذن بين يهود جزيرة العرب، عرب دخلوا في دين يهود.
وذكر أهل الأخبار أن "جبل بن جوال بن صفوان" الثعلبي، من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان، كان يهودياً فأسلم. فهو عربي، يظهر أنه أو أهله قبله قد تهودوا، فكان على دين يهود، وعاش مع "بني قريظة"، حتى اعتنق الإسلام. وذكروا أسماء آخرين كَانوا من متهودة الجاهليين.
ويرى بعض المؤرخين اليهود أن يهود جزيرة العرب كانوا في معزل عن بقية أبناء دينهم وانفصال،وأن اليهود الاخرين لم يكونوا يرون أن يهود العربية مثلهم في العقيدة،بل رأوا أنهم لم يكونوا يهوداً، لأنهم لم يحافظوا على الشرائع الموسوية ولم يخضعوا لأحكام التلمود. ولهذا لم يرد عن يهود جزيرة العرب شيء في أخبار المؤلفين العبرانيين.
وعندي ان عدم ورود شيء عن يهود الحجاز في أخبار المؤلفين العبرانيين لا يمكن ان يكون دليلاً على عزلة يهود الحجاز عن بقية اليهود. فقد أهمل غيرهم أيضاً ولم يشر اليهم، لأن التأليف والنشاط الفكري. عند العبرانيين كانا قد تركزا في هذه العهود على المستوطنات اليهودية في العراق وعلى فلسطين، وعلى "طبريا" بصورة خاصة، ولم تشتهر الجاليات اليهودية التي انتشرت في مواضع أخرى بالتأليف، فكان من الطبيعي ان تنحصر أخبار اليهود في هذا العهد فىِ هذين القطرين. ولهذا لم يشر إلى يهود الحجاز والى يهود بقية جزيرة العرب. ثم إن الحجاز على اتصال بفلسطين، وفلسطين جزء من الحجاز متمم له جغرافباً، وهو متصل بفلسطين منذ القدم، وفلسطين منفذه التجاري، وميناء "غزة" من المواضع التي كان يقصدها تجار الحجاز للاتجار،والحركة مستمرة دوماً بين فلسطين والحجاز، وقد كان تجار اليهود من أهل الحجاز يتاجرون مع بلاد الشام وفي جملتها أرض فلسطين، فلا يعقل بالطبع ان يصير يهود الحجاز في عزلة عن يهود فلسطين،والا يكون بين اليهودين اتصال. أما من ناحية الآراء الدينية والاعتقادية، فقد يكون بين اليهودين بعض الاختلاف، فقد وقع اختلاف في الآراء بين أحبار يهود العراق وبين أحبار يهود فلسطين، فلا يستبعد اذن رأي من يقول بوجود اختلاف في وجهة نظر يهود فلسطين بالنسبة ليهود الحجاز، إذ قد يكون يهود الحجاز ويهود جزيرة العرب قد تاًثروا بالعرب الذين،نزلوا بينهم فاضطروا إلى التخفيف من التمسك يشعائر دينهم، لا سيما وان من بين يهود جزيرة العرب يهود متهودون، كانوا في الأصل من أدوم ومن النبط ومن العرب، دخلوا في اليهودية لعوامل متعددة،فلم يكونوا لذلك على سنّة اليهود الأصيلين في المحافظة على شريعتهم محافظة شديدة تامة.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق