إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 23 يناير 2016

1439 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والسبعون الحنفاء


1439

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخامس والسبعون

الحنفاء

وقد وردت لفظة "حنيفاً" في عشر مواضع من القرآن الكريم. ووردت لفظة "حنفاء" في موضعين منه. وبعض الايات التي وردت فيها آيات مكية، وبعضها آيات مدنية. وقد نص في بعض منها على ابراهيم، وهو على الحنيفية، ولم ينص في مواضع منها على اسمه. وقد وردت لفظة "حنفاء" في سورتين فقط، هما: سورة الحج وسورة البينة.، وهما من السور المدنية.

وذكر بعض أهل الأخبار ان الحنيف عند أهل الجاهلية من اختتن وحج البيت فكل من اختتن وحج البيت هو حنيف. وقد رأى الطبري ان ذلك لا يكفي، بل لا بد من الاستقامة على ملة ابراهيم واتباعه عليها. والذين يذكرون أن الحنيف هو من اختتن وحج البيت، يذكرون أن العرب لم تتمسك في الجاهلية بشي من دين ابراهيم غير الختان وحج البيت، ولهذا فكل من اختتن وحج البيت، قيل له حنيف. وقد أضاف بعضهم اعتزال الأصنام والإغتسال من الجنابة إلى ما ذكرت، وجعلوا ذلك من أهم العلامات الفارقة التي ميزت الحنفاء عن المشركين، لأن الحنفية على حد قولهم لو كانت حج البيت والاختتان لوجب أن يكون الذين كانوا يحجون ويختتنون في الجاهلية من أهل الشرك حنفاء،وقد نفى الله أن يكون ذلك تحنفاً بقوله: )ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين(.

وينسب أهل الأخبار إلى الأحناف بالإضافة إلى ما ذكرت، امتناعهم عن أكل ذبائح الأوثان وكل ما أهل إلى غير الله. فقد ذكروا عن كل واحد من الأحناف أنه كَان قد امتنع عن أكل الذبائح التي تذبح للاوثان والأصنام، لأنها ذبحت لغير الله. كما نسبوا اليهم تحريم الخمر على أنفسهم، والنظر والتأمل في خلق الله، ونسبوا اليهم أداء شعائر الحج وغبر ذلك.

وقد لخص "الفخر الرازي" و "الطبرسي"، آراء العلماء في،"0 الحنيفية" واجملاها في تفسيرهما للاية: )وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا، قل بل ملة ابراهيم حنيفاً، وما كنت من المشركين(. فقالا: "وفي الحنيفية أربعة أقوال: احدها انها حج البيت، عن ابن عباس والحسن ومجاهد. وثانيها انها اتباع الحق، عن مجاهد، وثالثها انها اتباع ابراهيم فيما أتى به من الشريعة التي صار بها إماماً للناس بعده من الحج والختان وغير، ذلك من شرائع الإسلام، والرابع انها الاخلاص لله وحده والاقرار بالربوبية والإذعان للعبودية".

ترى مما تقدم، وسترى فيما بعد ان أهل الأخبار لم يكونوا على بينة تامة وعلم واضح بأحوال الحنيفية وبآرائها وقواعد أحكامها وأصولها، وانهم خلطوا في بعض الأحيان فيما بينها وبين الرهبنة، ولا سيما رهبنة النصرانية. فأدخلوا فيها من بجب اخراجهم عنها، لانهم كانوا نصارى على ما يذكره نفس أهل الأخبار في أثناء تحدثهم عنهم، ومن هؤلاء: قيس بن ساعدة الأيادي وورقة بن نوفل، وعثمان ابن الحويرث، فقد نصوا نصاً صريحاً على انهم كانوا من العرب المتنصرة، ثم نجدهم مع ذلك يدخلونهم في جملة الأحناف.

وللمستشرقين بحوث في أصلها ومعناها وفي ورودها عند العرب قبل الإسلام. ومنهم من يرى ان اللفظة من أصل إرمي، وقد كانت معروفة عند النصارى، وأخذها الجاهليون منهم، وأطلقت على القائلين بالتوحيد من العرب، على أولئك الذين ظهروا في اليمن خاصة ونادوا بالتوحيد وعبادة الرحمان. وهي ديانة توحيد ظهرت بتأثير اليهودية والنصرانية، غير ان أصحابها لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، وانما كانوا فرقة مستقلة تأثرت بآراء الديانتين.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق